أعلنت السلطات في النيجر ومالي أن عمليات عسكرية جرت بقيادة القوات الفرنسية وبالتنسيق مع جيشي البلدين، أسفرت خلال الأيام الماضية عن القضاء على أكثر من 230 إرهابياً أغلبهم من مقاتلي «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، عدو الفرنسيين الأول في هذه المنطقة الواقعة في غرب أفريقيا. وقالت وزارة الدفاع في النيجر، في بيان رسمي بثه التلفزيون الحكومي (الجمعة)، إن العملية العسكرية كانت مشتركة مع القوات الفرنسية، وجرت في منطقة (تيلابيري)، جنوب غربي البلاد وعلى الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وهي المنطقة الأكثر تعرضاً للهجمات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وفيها يتركز نشاط «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى». وبحسب الحصيلة التي أعلنتها حكومة النيجر فإن العملية التي بدأت مطلع شهر فبراير (شباط) الحالي، أسفرت عن «تحييد» 120 إرهابياً، من دون توضيح عدد القتلى والمعتقلين، إذ تكتفي الجهات الرسمية عادة بالإشارة إلى «التحييد» دون أن تشرح طبيعة ذلك.
وقالت الحكومة النيجيرية إن العملية مكنت من مصادرة وتدمير دراجات نارية وسيارات رباعية الدفع ومعدات مختلفة كانت تستخدم للمراقبة وإنتاج قنابل محلية الصنع وأدوات لصنع العبوات المتفجرة التقليدية، ولم تسفر عن تسجيل أي إصابات في صفوف الجنود النيجريين أو الفرنسيين، فيما أشاد وزير دفاع النيجر إيسوفو كاتامبي بما سماه «التعاون بين الفرنسيين والنيجريين في المعركة ضد الإرهاب».
وكانت السلطات في منطقة (تيلابيري) المضطربة قد شددت من الإجراءات الأمنية وأغلقت الأسواق وحظرت قيادة الدراجات النارية بعد هجمات لجماعات إرهابية في شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) أسفرت عن مقتل 174 جنديا من النيجر، وهي أكبر خسارة تتكبدها النيجر منذ بداية الهجمات الإرهابية قبل خمس سنوات، وتعيش هذه المنطقة من النيجر حالة طوارئ منذ أكثر من عامين.
وتكافح النيجر منذ عام 2015 ضد موجة هجمات إرهابية تتركز في المنطقة الحدودية المحاذية لدولتي مالي وبوركينا فاسو، أدت إلى نزوح نحو 78 ألف شخص وحدوث أزمة إنسانية في المنطقة، فيما أعلنت فرنسا هذا العام أنها ستعزز وجودها العسكري في منطقة الساحل المضطربة من خلال إرسال 600 جندي لينضموا إلى 4500 جندي موجودين حاليا في إطار عمليتها العسكرية هناك لمحاربة الإرهاب، وهي القوة العسكرية المعروفة باسم «برخان». وفي دولة مالي المجاورة للنيجر، أعلنت رئاسة الأركان الفرنسية أن قوة «برخان»، بالتنسيق مع الجيش المالي، قضت في الأيام الأخيرة على نحو 50 إرهابياً في وسط مالي، وذلك بعد أن أعلنت جماعة محلية أنها تبايع «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، التنظيم الصاعد بقوة في المنطقة والذي وصفه الفرنسيون وقادة دول الساحل بأنه أصبح «عدوهم الأول». وأضافت رئاسة الأركان الفرنسية في بيان رسمي أنه في الفترة من 9 وحتى 17 فبراير الحالي، «نفذت برخان عمليات عسكرية في وسط مالي في محيط مدينة (موبتي) مكنت من القضاء على نحو خمسين جهاديا» وتدمير نحو ثلاثين دراجة نارية وشاحنتي بيك آب وضبط أسلحة وهواتف نقالة ومعدات إلكترونية، ولم يعط الجيش الفرنسي تفاصيل أكثر حول عدد الإرهابيين الذين قتلوا وأولئك الذين تم أسرهم، مكتفياً بالإشارة إلى أن خمسين تم تحييدهم.
وأوضح الفرنسيون أن العمليات العسكرية شاركت فيها طائرات مسيرة وميراج 2000 ومروحيات قتالية، شنت غارات جوية خلال يومي 9 و10 فبراير الحالي، قتل فيها 20 إرهابياً من ضمنهم قائد في «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، من دون الكشف عن هويته.
وكانت مجموعة من ستين مقاتلاً قد ظهرت نهاية شهر يناير الماضي في مقطع فيديو مصور في منطقة (نامبالا) بوسط مالي، وهي تعلن مبايعة «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى»، وهي المرة الأولى التي تجود فيها كتيبة تابعة لـ«داعش» في هذه المنطقة في مالي، والتي تعد منطقة نفوذ تقليدي لتنظيم «القاعدة» من خلال «جبهة تحرير ماسينا» التي يقودها الداعية أمادو كوفا منذ 2015.
ولم يوضح الفرنسيون إن كانت الغارات قد استهدفت المجموعة نفسها التي بايعت «داعش»، فيما أكد بيان رئاسة الأركان الفرنسية أن المرحلة الثانية من العمليات العسكرية التي جرت يومي 16 و17 فبراير استهدفت «منطقة تنشط فيها جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة»، وأسفرت عن القضاء على 30 من مقاتلي الجبهة.
وتعد حصيلة العمليات العسكرية الأخيرة التي قادها الفرنسيون في النيجر ومالي، هي أكبر خسائر تتلقاها التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي منذ عدة سنوات، وتأتي في وقت تتصاعد المطالبة بضرورة تحقيق انتصارات على الأرض ضد هذه الجماعات. في غضون ذلك تشهد مالي تصاعد التوتر العرقي في منطقة الوسط، إذ قتل خمسة مدنيين في هجوم استهدف قرية الاثنين الماضي نفذه مسلحون وصلوا على دراجات نارية، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية، فيما أعلن وزير الاتصال المالي أن دركيا قتل في هجوم آخر على مركز لدفع رسوم عبور طريق.
وصرح أحد السكان طالبا عدم كشف اسمه بأن «قرية غيميتو تيريلي في منطقة سانغا تعرضت لهجوم بين الساعة الخامسة والسادسة مساء بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش»، موضحا أن الهجوم استمر ساعتين تقريبا وفقد على أثره نحو عشرين شخصا.
وصرح رجل آخر من السكان بأن «المهاجمين كانوا على متن نحو أربعين دراجة نارية»، وتابع أنهم «أحرقوا مخازن غذاء ونهبوا مخزونات حبوب وقتلوا خمسة أشخاص وغادروا المكان بعدما استولوا على أبقار».
وأكد مصدر أمني أن هذه القرية التي تبعد ثمانين كيلومترا عن الحدود مع بوركينا فاسو تعرضت «لنيران» مهاجمين دون أن يذكر أي حصيلة، بينما اتهم رئيس بلدية سانغا (علي دولو) أفرادا من قبائل الفولاني، ولكنه لم يتمكن من إثبات الطابع القبلي للهجوم.
وتشهد هذه المنطقة دوامة عنف منذ 2015، عندما ظهرت جماعة جهادية يقودها محمد كوفا الذي جنّد عدداً كبيراً من أبناء إثنية الفولاني التي ينتمي إليها، والتحق كوفا بجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التحالف الجهادي الأساسي المرتبط بـ«القاعدة» في منطقة الساحل الأفريقي.
تضاعفت المواجهات بين الفولاني الذين يعملون أساساً في تربية الماشية، وإثنيتي البمبارة والدوغون العاملتين أساساً في الزراعة. وأسست الإثنيتان جماعات للدفاع الذاتي تتشكّل من الصيادين التقليديين.
«داعش» و«القاعدة» يتكبدان خسائر كبيرة في النيجر ومالي
«داعش» و«القاعدة» يتكبدان خسائر كبيرة في النيجر ومالي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة