العد التنازلي لحضور {أم كلثوم وعصرها الذهبي} على خشبة المسرح اللندني

لبانة القنطار من الأوبرا لـ«إنت عمري»

جانب من بروفات مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي»
جانب من بروفات مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي»
TT

العد التنازلي لحضور {أم كلثوم وعصرها الذهبي} على خشبة المسرح اللندني

جانب من بروفات مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي»
جانب من بروفات مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي»

في وسط لندن، تجري حالياً بروفات مسرحية غنائية مختلفة في مضمونها عما تقدمه المسارح الأخرى في العاصمة البريطانية، هي من نوع «الميوزيكال» الموسيقي، ولكنها تدور حول سيدة الغناء العربي أم كلثوم. المسرحية التي تحمل اسم «أم كلثوم والعصر الذهبي»، والتي تقدم باللغتين العربية والإنجليزية، تضم مجموعة من الممثلين والمغنين، منهم مغنية الأوبرا السورية لبنانة القنطار والمغنية الشابة سناء نبيل، حفيدة شقيقة أم كلثوم، التي تقوم بدور كوكب الشرق في شبابها، إلى جانب عدد من المغنين الشباب. تسرد المسرحية قصة حياة ومشوار أم كلثوم منذ طفولتها وحتى وفاتها.
البروفة تنطلق أمامنا باللباس العصري، نرى فتاة شابة تؤدي دور أم كلثوم في صباها تغني مع والدها في الموالد الشعبية، وفي الركن، وعلى منصة مرتفعة قليلاً تجلس لبانة القنطار متقمصة شخصية «الست» أم كلثوم، هي الوحيدة التي تبدو بكامل هيئة الدور، ترتدي زياً أسود وبشعر مرفوع لأعلى على طريقة أم كلثوم، وتمسك بيدها منديلاً طويلاً سيكمل صورة كوكب الشرق حين تقف قنطار بشموخ لتغني مقطعاً من أغنية «إنت عمري».
الفقرة التي قدمت للصحافيين ليست طويلة، ولكنها تنجح في إدخال الموجودين في جو العمل، وبما أن الأغاني لأم كلثوم فحالة الطرب تتسلل لكل الحاضرين، سواء كانوا من أصول عربية أو من الأجانب، ومنهم مخرجة العرض ومساعدها فيل.
- مخرجة العرض: التحدي هو الربط بين الأغاني وبين القصة
بعد انتهاء فقرات البروفة، نتحدث مع المخرجة برونا لاغان ومساعدها فيل حول العرض. بداية أسألهما إذا كانا يعرفان من هي أم كلثوم، ومكانتها في الغناء العربي، وهنا ينبري فيل قائلاً: «في البداية كنت أعتقد بأني لا أعرفها، ولكن ما إن بدأت البحث والقراءة عنها حتى تذكرت أني سمعت عنها من قبل، بل وتذكرت أن شاكيرا قدمت مقطعاً من إحدى أغنياتها، بالبحث وجدت الكثير عنها كمغنية وعن تراثها وتأثيرها، كان أمراً يسحر العقل». وتوافقه لاغان في أنها لم تعرف الكثير عن أم كلثوم قبل العرض، ولكنها تستطرد قائلة بأن عملها كمخرجة مسرحية يحتم عليها التعامل مع ثقافات مختلفة، تذكر أنها أخرجت مسرحية «الأجنحة المتكسرة»، التي تدور حول حياة الشاعر جبران خليل جبران العام الماضي.
يؤكد فيل على أن البحث المكثف الذي قام به كان لازماً، ليخرج العرض أميناً مع الموضوع، ومع الأحداث، ويشير إلى أنه وجد في المدير الموسيقي للعرض لؤي الحناوي، وفي منتجة المسرحية منى خاشقجي، مرجعاً يستطيع العودة له للتأكد من المعلومات أو للاستفهام عن أي تفاصيل تخص أم كلثوم. تضيف لاغان قائلة: «أيضاً لا ننسى أن حوالي 90 في المائة من فريق العمل من أصول عربية، وهم أمر مساعد».
أكثر الأمور صعوبة في إخراج عمل يدور حول أشهر مغنية عربية، حسب ما تذكر لاغان، تمثل في أن الأغاني التي تضمنها العرض لم تكتب بصيغة مسرحية: «هي أغانٍ محبوبة وشائعة، ولكنها لا تحرك القصة، وبينما نعمل على تقديم قصتها بصوتها كان التحدي هو الربط بين الأغاني وبين القصة، ولعل ذلك التحدي هو ما أنتج لحظات متميزة بالفعل في النص المسرحي». ومن ناحيته، رأى فيل أن التحدي بالنسبة له كان في الاختلاف الكبير بين الموسيقى الشرقية والغربية، ويضيف بانبهار واضح: «لا أعتقد أن لدينا فناناً - فنانة في العالم الغربي حظي بمثل هذا الاستقبال من جمهوره، عندما نشاهد لقطات من حفلاتها نرى الجمهور بأفراده كباراً وصغاراً ونساءً ورجالاً ينفعلون ويصيحون ويتفاعلون مع الكلمة».
تقوم أربع ممثلات بأداء شخصية أم كلثوم في مراحل عمرها المختلفة، حسب ما تشرح لنا لاغان، «تبقى لبانة القنطار في دور أم كلثوم في منتصف عمرها أبداً حاضرة في العرض، تجلس في أحد الأركان في ديكور يماثل حجرة الملابس الخاصة بأم كلثوم. يعطينا وجود لبانة النظرة الأشمل للعرض فهي تتأمل في حياتها وتسرد للجمهور مراحلها المختلفة، وتتوقف ليبدأ الممثلون والمطربات في تقديم اللقطة درامياً، وتستمر لبانة التي تمثل أم كلثوم في قمة تألقها في مكانها على المسرح حتى تحين مرحلة متقدمة من حياة أم كلثوم، لتشارك لبانة فريق التمثيل في تقديم بقية لقطات حياة كوكب الشرق وحتى وفاتها».
تختم لاغان حديثها بالإشارة إلى أن التحدي الأكبر بالنسبة لها كان في تقديم سيرة حياة أم كلثوم، بحساسية وأمانة، في ساعتين فقط، وهي مدة العرض.
- لؤي الحناوي: حاولنا أن نختار للمستمع الغربي والعربي
أترك المخرجة ومساعدها، لألتقي مع الموسيقي لؤي الحناوي، وهو المدير الفني للعرض وقائد الأوركسترا. يشير إلى أن نوع العمل الفني المقدم في «أم كلثوم والعصر الذهبي» مختلف عن المسرحيات الغنائية التقليدية: «هي أول (ميوزيكال) عربية، لا يوجد لدينا عمل بهذه الطريقة نفسها يقوم على القصة والموسيقى العربية. عندنا مسرح غنائي أو أوبريت، أو حفلات غنائية، ولكن هذا النوع (الميوزيكال) هذا الفورم هو اختراع غربي، تحديداً، كل الممثلين يقومون بالغناء، وهناك حركة دائمة والديكور بسيط، ويتم تغييره بسرعة هائلة».
يرى التحدي في تقديم عمل يحمل موسيقى عربية شهيرة لمستمع غربي لم يعتد على الإيقاع البطيء المتسلل لأذن المستمع، بتؤدة، ولكنه يشير إلى أن المسرحية أيضاً مقدمة للمستمع العربي، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار أنها ستقوم بجولة عربية لاحقاً.
التراث الغنائي لأم كلثوم ضخم جداً، ويمتد على مدى طويل، متضمنا أنواعاً غنائية مختلفة بدأت من الشيخ أبو العلا محمد، وانتهت بألحان الشاب بليغ حمدي، أسأله إن كان الاختيار من ذلك التراث الغني كان سهلاً، يقول: «من الصعب تغطية كل تلك الفترة. حاولنا تغطية فترة تعاونها مع الشيخ أبو العلا لأنها مهمة جداً، وثم انتقالها لمرحلة الملحن محمد القصبجي الذي كان وراء تطور فريد في غناء أم كلثوم، ثم عملها مع الملحن محمد السنباطي، مروراً بتعاونها مع محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي مع ذكر دور الموسيقي زكريا أحمد». وعن اختيار الأغنيات المناسبة للعرض المسرحي قال: «حاولنا أن نختار للمستمع الغربي والعربي، هو عرض يناسب كل المستمعين. أيضاً اخترنا مقاطع للمستمع العربي المتذوق للربع تون ومقام البياتي و(بيسلطن) على مقامات معينة قد لا يفهمها الغربي، ولكن أيضاً حاولنا تسريع الرتم قليلاً وإن كنا حافظنا على الشكل».
- لبانة القنطار: الدور فرصة وتحدٍ
لبانة القنطار تتحدث معنا بثقة وشموخ، وكأنما تشربت شخصية أم كلثوم، تقول رداً على سؤال حول أهم التحديات التي واجهتها في أداء شخصية أم كلثوم: «أنا محظوظة لأني بدأت الغناء لأم كلثوم منذ زمن، ودرست أسلوب غناء أم كلثوم لتلامذتي في المعهد العالي للموسيقى.
أعتبر أن لدي خبرة واسعة في طريقة غناء أم كلثوم، ولا أعتبره تحدياً بقدر ما هي فرصة لأظهر كل خبرتي في هذا العرض». تضيف القنطار: «بالنسبة لي أحس أنه لازم يكون فيه أمانة في التقديم. حاولت دمج الصوت والشخصية، يجب أن أتحرك وأتصرف مثلها، وفي الوقت نفسه يجب أن أقدم أفضل ما أستطيع بصوتي، وقيامي بذلك في إطار عام مع وجود مغنين آخرين وممثلين هو تحدٍ، ولكني معتادة على ذلك بحكم خبرتي كمغنية أوبرا. أنا متحمسة للغناء والتمثيل بالعربية، عندما أغني لأم كلثوم أحس بمسؤولية أن أكون دقيقة جداً، فأم كلثوم سيدة الغناء العربي، وذلك بسبب، فهي أصبحت كذلك لوجود عناصر تصنع عظمتها».
أترك مكان البروفة متخيلة ما ستكون عليه المسرحية في شكلها النهائي عند عرضها على مسرح «البالاديوم» الشهير، يوم 3 مارس (آذار) المقبل.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.