القضاء اللبناني يكثف تحقيقاته حول تحويل الأموال إلى سويسرا

TT

القضاء اللبناني يكثف تحقيقاته حول تحويل الأموال إلى سويسرا

يكثّف القضاء اللبناني تحقيقاته حول عمليات تحويل أموال من لبنان إلى مصارف سويسرية، بقيمة 2.3 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وتحديداً بين 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، تاريخ اندلاع الانتفاضة الشعبية، و14 يناير (كانون الثاني) الماضي، وكان هذا الموضوع محور اللقاء الذي جمع النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، مع لجنة الرقابة على المصارف، حيث استمع إبراهيم إلى توضيحات اللجنة حول آلية التحويل وأسبابه، والشبهات التي تحوم حول مصادر هذه الأموال.
وأفادت مصادر مواكبة لأجواء اللقاء بأن لجنة الرقابة على المصارف «أجابت على كل الاستفسارات التي طرحها القاضي إبراهيم»، وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «يتابع هذا الأمر بوصفه مدعياً عاماً مالياً، وصاحب صلاحية لمتابعتها كما هو حال لجنة التحقيق الخاصة بتبييض الأموال»، مشيرة إلى أن «النيابة العامة المالية تقارب هذا الموضوع من زاوية الانعكاسات السلبية للتحويلات على الاستقرار النقدي».
وأحدث جواب لجنة الرقابة على المصارف على كتاب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بلبلة في الأوساط السياسية والمصرفية، خصوصاً لجهة اعتراف اللجنة بحجم التحويلات وتنفيذ العمليات بسهولة، ومن دون أي رقابة، وبلغت المبالغ التي تم تحويلها مليارين و276 مليون دولار. لكن كتاب اللجنة حاول التخفيف من وطأة التحويلات بإعلانه «أن 60 في المائة منها مرتبط بودائع ناشئة عن عقود ائتمانية». أما في معرض تبرير امتناعها عن كشف أسماء أصحاب الأموال وتحديد مصادرها، فأشارت اللجنة في كتابها إلى أن «التحقق من مصادر الأموال وتحديد الشبهات فيها، يقع ضمن صلاحية هيئة التحقيق الخاصة، وليس من مهام لجنة الرقابة على المصارف، التي لا يحقّ لها رفع السرية المصرفية والاطلاع على هوية أصحاب الحسابات الدائنة عملاً بأحكام المادة 150 من قانون النقد والتسليف».
وأفادت اللجنة في جوابها إلى القاضي عويدات، بأن «الاطلاع على المستندات والوثائق والمعلومات المتعلّقة، بصاحب أو أصحاب الحسابات التي حولت الأموال منها، يخالف قانون السرية المصرفية، وبالتالي لا يحق للجنة الرقابة على المصارف، الاطلاع على هويات أصحاب الحسابات الدائنة أو الحصول على الوثائق والمستندات المتعلّقة بها».
وتوقف المراقبون عند أبعاد اجتماع القاضي إبراهيم مع لجنة الرقابة على المصارف، والاستفسار عن مسألة التحويلات، في وقت يضع القاضي عويدات يده على التحقيق في هذا الملف. إلا أن مصدراً قضائياً أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مضمون الاجتماع مرتبط باستكمال القاضي إبراهيم تحقيقات بدأها سابقاً، تتعلّق بتهريب أموال إلى الخارج، وإثارة شبهات حول مصدرها، وما إذا كانت شرعية أم لا، وهل ثمة اختلاس للأموال العامة». ولفت المصدر إلى أن «الجزء الأكبر من التحويلات حصلت في أول أسبوعين من اندلاع الانتفاضة الشعبية، عندما أقفلت المصارف أبوابها لأسباب أمنية، وأن البعض استغلّ هذه الفترة ووجد فيها فرصة مواتية لتهريب أمواله».
وكان رئيس مجلس النواب نبيه برّي كشف خلال لقاء الأربعاء النيابي أن «الأموال المحولة للخارج يعود جزء منها إلى أصحاب مصارف لبنانية». فيما تحدثت معلومات صحافية أن مبالغ كبيرة تعود لموظفين في الدولة اللبنانية.



عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
TT

عشرات آلاف اليمنيين يسقطون من قوائم المساعدات الأممية

نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)
نقص التمويل والأزمة الاقتصادية يضاعفان من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

طالب عشرات الآلاف من المستحقين للمساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية بإعادة النظر في قرار إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين، في حين ذكر برنامج الأغذية العالمي أن 1.4 مليون شخص في مناطق سيطرة الحوثيين تلقوا مساعدات غذائية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي ضمن الاستجابة السريعة للطوارئ.

وذكرت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» أنها تلقت شكاوى عشرات الآلاف من السكان في مختلف المحافظات جراء قرار برنامج الأغذية العالمي إسقاط أسمائهم من قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية.

نموذج من شكاوى سقوط أسماء اليمنيين المستفيدين من المساعدات الأممية (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الجانب الحكومي حاول ولا يزال عدم تقليص عدد المستفيدين إلا أنه لم يتمكن من ذلك، بسبب العجز الكبير في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، مع وجود آمال في أن تتم معالجة هذه الحالات في مرحلة مقبلة إذا ما حصلت خطة الاستجابة الإنسانية على تمويلات إضافية.

ومع ذلك، يؤكد ناشطون يمنيون أن عشرات الآلاف من الذين أسقطوا هم ممن يستحقون المساعدات الغذائية التي يقدمها البرنامج الأممي منذ سنوات، وليس هناك من هو أكثر منهم استحقاقاً، على حد تعبيرهم.

ورأى الناشطون أن إجراء كهذا وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها اليمن ستكون له انعكاسات خطيرة على حياة المحرومين، وطالبوا بتحرك حكومي مع المنظمات الدولية والجهات المانحة للتراجع عن هذه الخطوة.

من جهتها استغربت الأحزاب والتنظيمات السياسية في محافظة تعز (جنوب غرب) إسقاط أسماء كثيرة من المستفيدين من مساعدات برنامج الغذاء العالمي «بصورة غير مبررة» تزامناً مع موجة ارتفاع الأسعار القاتلة، وحملت الحكومة المسؤولية المباشرة عن التواصل والمتابعة مع البرنامج والمنظمات المعنية لإصلاح وتصحيح أوضاع المستفيدين الذين يمثلون الفئات الأكثر فقراً وحاجة.

5 ملايين مستفيد

وأعلن برنامج الأغذية العالمي اكتمال التوزيعات في إطار استجابته السريعة للطوارئ، حيث ساعد 1.4 مليون شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية. كما بدأ توزيع الدورة الثالثة للمساعدات الغذائية في العام الحالي التي تستهدف 3.6 مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة، وقال إنه ولتغطية الاحتياجات في المناطق المتضررة من الفيضانات الأخيرة، قدم مساعدات غذائية لـ157 ألف شخص متضررين في جميع أنحاء البلاد خلال الشهر ذاته.

ونبه البرنامج إلى أنه مع استمرار تدهور وضع الأمن الغذائي، تضاعفت مستويات الحرمان الغذائي الشديد (سوء استهلاك الغذاء) تقريباً خلال العام الماضي في المناطق الخاضعة لسلطات الحوثيين. وفي المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى ذروة تاريخية وزادت الآن بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي.

نحو نصف سكان اليمن يعانون من استهلاك غير كافٍ للغذاء (الأمم المتحدة)

وبشأن مواصلة الاستجابة لحالات الطوارئ على الساحل الغربي لليمن، قدم البرنامج مساعدات غذائية طارئة في المناطق المتضررة من الفيضانات. وفي المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، استكمل برنامج الأغذية العالمي الاستجابة السريعة للطوارئ في سبتمبر (أيلول)، حيث قدم المساعدة إلى إجمالي 1.4 مليون شخص في 34 مقاطعة منذ بدء عمليات التوزيع في أغسطس (آب).

كما بدأ برنامج الأغذية العالمي الجولة الأولى من المساعدات في 39 مقاطعة متضررة من الفيضانات في مناطق سيطرة الحوثيين وساعد 155300 شخص. وقال إنه في ظل الموارد المحدودة ولتعزيز تدابير الضمان، يقوم بإجراء عملية إعادة استهداف وتسجيل المستفيدين.

وفي المناطق التي تنفذ فيها برامج المساعدات الصغيرة، واصل برنامج الأغذية العالمي، بالتنسيق مع السلطات المحلية، الاستعدادات لجولة توزيع أغذية لمرة واحدة في المنطقتين التجريبيتين كمرحلة أخيرة من المشروع التجريبي.

أما في مناطق سيطرة الحكومة، فقد تم الانتهاء من جمع البيانات عن 3.6 مليون مستفيد، وبدأت المرحلة الأولى من تحديد الأولويات، والتي ستحدد عدد حالات المساعدة الغذائية المنقحة.

آلية الاستجابة السريعة

وساعدت آلية الاستجابة السريعة المشتركة بين الوكالات الأممية في اليمن 181 ألف شخص على مستوى البلاد. ومن بين هؤلاء، كان 99 في المائة من بين الأسر المتضررة من الفيضانات الشديدة الأخيرة، وواحد في المائة من الأسر التي نزحت بسبب الصراع.

كما قدم الأغذية العالمي المساعدة إلى 762 ألف امرأة وفتاة حامل ومرضع وطفل في إطار برامجه التغذوية المنتظمة، كما عمل في إطار علاج سوء التغذية الحاد والمتوسط على تقديم المساعدة إلى 671 ألف طفل وطفلة.

91 ألفاً من النساء الحوامل والأطفال اليمنيين حصلوا على مساعدات لمواجهة سوء التغذية (إعلام محلي)

وبخصوص تأثير نقص التمويل على مساعدات التغذية، ذكر برنامج الغذاء العالمي أنه وفي ظل نقص التمويل المستمر، يعاني 2.3 مليون طفل من المجموعة الخاصة من نقص الغذاء. في حين أنه قدم المساعدة لـ760 ألف طالب في سبتمبر (أيلول) في إطار برنامج التغذية المدرسية الذي ينفذ في 1706 مدارس في 15 محافظة.

وبحسب البرنامج، استؤنف مشروع المطابخ الصحية في مناطق سيطرة الحكومة، حيث قدمت وجبات طازجة لـ22300 تلميذ في 16 مدرسة، إذ أثر نقص التمويل على التغذية المدرسية للعام الدراسي الحالي، وبلغ عدد الطلاب الذين يرتادون هذه المدارس شهرياً 990 ألف طالب. كما قدم الدعم لـ81 ألف شخص في إطار برنامج الصمود والتعافي.

ووزع البرنامج الأممي مليون دولار في شكل تحويلات نقدية إلى المشاركين في المشروع الخاص بسبل العيش، حيث عمل المشاركون على 177 من الأصول، بما في ذلك إعادة تأهيل الطرق الريفية، وحصاد المياه والمشاريع الزراعية في أربع محافظات.

تدهور الأمن الغذائي

وأظهرت البيانات الحديثة التي وزعها برنامج الغذاء العالمي أن هناك 2.4 مليون يمني يتلقون المساعدات من البرنامج، وأن 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي ويعيشون في المرحلتين الثالثة والرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وكشفت هذه البيانات عن وجود 6 ملايين شخص في حالة طوارئ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

وطبقاً للبرنامج الأممي فإن هناك 7.7 مليون يمني في حاجة إلى دعم غذائي، في حين استمر تدهور وضع الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، حيث يواجه 64 في المائة من السكان استهلاكاً غير كافٍ للغذاء، وهو أعلى مستوى سجله برنامج الأغذية العالمي على الإطلاق في اليمن.

وأعاد البرنامج التذكير بالمخاطر المرتبطة بسلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، وقال إن هناك 13 موظفاً من موظفي الأمم المتحدة -بمن في ذلك موظف محلي واحد من البرنامج- اعتقلتهم قوات الأمن التابعة للحوثيين في أوائل يونيو (حزيران) ولا يزالون قيد الاحتجاز حتى الآن.