أطراف النزاع في جنوب السودان تتفق على تشكيل حكومة وحدة انتقالية غداً

تكوين مجلس رئاسي من 5 أعضاء برئاسة سلفا كير... ومشار نائباً أول

{حميدتي} متوسطاً سلفا كير ومشار لدى توصلهما إلى اتفاق في ديسمبر الماضي (أف.ب)
{حميدتي} متوسطاً سلفا كير ومشار لدى توصلهما إلى اتفاق في ديسمبر الماضي (أف.ب)
TT

أطراف النزاع في جنوب السودان تتفق على تشكيل حكومة وحدة انتقالية غداً

{حميدتي} متوسطاً سلفا كير ومشار لدى توصلهما إلى اتفاق في ديسمبر الماضي (أف.ب)
{حميدتي} متوسطاً سلفا كير ومشار لدى توصلهما إلى اتفاق في ديسمبر الماضي (أف.ب)

اتفقت أطراف النزاع في جنوب السودان، على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، في موعدها المحدد مسبقاً، غداً (السبت)، مدتها ثلاث سنوات، تقوم بوضع الدستور الدائم للبلاد، وتجري بعدها انتخابات على كل المستويات.
كما اتفقت الأطراف على إرجاء مناقشة القضايا العالقة إلى ما بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
وكان رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت قدم تسوية سياسية، السبت الماضي، قرر بموجبها، إعادة تشكيل ولايات البلاد، لتصبح عشر ولايات (كان عددها 32 ولاية)، وهي كانت محل خلاف بين الحكومة والمعارضة، وأعاقت تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية، وفق اتفاق السلام.
وعقد الرئيس سلفا كير وزعيم الحركة الشعبية في المعارضة رياك مشار اجتماعاً، أمس، في القصر الرئاسي في جوبا، واتفق الزعيمان على إعلان «حكومة الوحدة الوطنية»، غداً (السبت)، على أن يتم تعيين مؤسسة الرئاسة اليوم، حيث سيشغل مشار منصب النائب الأول للرئيس وفق نصوص تقاسم السلطة، إلى جانب أربعة نواب آخرين، بينهم نائباه الحاليان، تعبان دينق، وجيمس واني إيقا. وتسبب الخلاف بين الرجلين في اندلاع حرب في ديسمبر (كانون الأول) 2013، بعد عامين من استقلال البلاد.
وقال كير: «بوصفي رئيساً، سأعين نواباً لي، وسأبدأ بتعيين رياك (مشار)، صباح غد (اليوم)، وسأحل الحكومة اليوم (أمس)، وبعد ذلك سيتم تشكيل حكومة جديدة في 22 فبراير (شباط)». وأضاف: «هذه تغييرات ستجلب السلام». وقال كير إن قواته ستتولى مسؤولية الأمن في جوبا كما ستتولى حماية مشار.
وتابع: «لقد توليت مسؤولية الحماية في الوقت الذي لا يزال يجري فيه تدريب القوات الموحدة». ودعا نحو 190 ألف شخص يعيشون تحت حماية الأمم المتحدة في مدن صفيح في العاصمة وإرجاء البلاد، منذ سنوات، إلى العودة إلى منازلهم. وقال: «عودوا لأن فجر السلام قد بزغ».
من جانبه، أكد زعيم المعارضة المسلحة، رياك مشار، في المؤتمر الصحافي، توصله إلى اتفاق مع الرئيس سلفا كير على تشكيل الحكومة الانتقالية في موعدها، وقال: «لقد اتفقت مع الرئيس سلفا كير على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، في موعدها في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) الحالي، وإرجاء مناقشة القضايا العالقة إلى ما بعد تشكيل الحكومة الانتقالية». وتتكون مؤسسة رئاسة الجمهورية للحكومة المقبلة من الرئيس الحالي سلفا كير، والنائب الأول رياك مشار، بجانب أربعة نواب آخرين، بواقع نائبين يمثلان الحكومة الحالية، ونائب لكل من تحالف «سوا»، وتكتل «المعتقلين السياسيين»، كما يتكون مجلس الوزراء الحكومة الانتقالية من 35 وزيراً و10 نواب للوزراء، إلى جانب 550 عضواً في البرلمان الانتقالي من الأطراف الموقعة على الاتفاقية.
وكان الرئيس سلفا كير قد وقع على اتفاق السلام مع رياك مشار، في عام 2015، لكن تجدد القتال في يوليو (تموز) 2016، بين قوات الجانبين حول القصر الرئاسي، وعاد جنوب السودان إلى الحرب مجدداً، إلى أنه تم التوقيع على اتفاق المُنشّط في سبتمبر (أيلول) عام 2019. وكان كير أقال نائبه مشار في 2013، وبعد ذلك اتهمه بالتخطيط للانقلاب ضده ما أشعل حرباً أهلية ارتكبت خلالها أعمال عنف واغتصاب، وأطلقت الأمم المتحدة عدة تحذيرات من تطهير عرقي. وفي 2015، أعاد اتفاق سلام مشار إلى منصب نائب الرئيس عندما عاد من جوبا بحراسة أمنية مشددة. وعندما انهار الاتفاق في يوليو 2015، اندلعت في العاصمة معركة ضارية بين القوتين المتناحرتين، وأجبر مشار على الفرار سيراً. وامتدت الحرب إلى أجزاء جديدة من البلاد، واندلعت نزاعات محلية أخرى. وحصل جنوب السودان على استقلاله عن السودان في 2011، لكنه غرق في حرب أهلية حصدت حياة نحو 400 ألف شخص، وأدت لمجاعة، وتسببت في أكبر أزمة للاجئين في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا، عام 1994.
وحذر خبراء من خطر الاندفاع نحو تشكيل حكومة وحدة جديدة قبل حل جميع القضايا العالقة، وقالوا إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى كارثة جديدة. وتم جمع فرق متهالكة من القوات المنهكة من كلا الجانبين في معسكرات، لكن التدريب الرسمي لجيش قوامه 83 ألف جندي لم يبدأ بعد، والجنود لا تتوفر لهم كميات كافية من الطعام والماء، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية»، في تحقيق ميداني، هذا الشهر.
وبحسب تقرير نشرته الأمم المتحدة، أمس، فإنه حتى لو تم تشكيل حكومة وحدة وطنية، فستواجه تحديات هائلة.
وحققت اللجنة المؤلفة من ثلاثة أعضاء في الانتهاكات التي وقعت بين تاريخ توقيع اتفاق السلام، في سبتمبر (أيلول) 2018، وديسمبر (كانون الأول) 2019. ووجهت اتهامات شديدة لـ«للنخبة الشرسة غير الخاضعة لأي محاسبة»، ولمعاناة السكان بعد ست سنوات من النزاع.
وقال التقرير: «اليوم في جنوب السودان، يتم تجويع المدنيين عمداً، ومراقبتهم وإسكاتهم بشكل منهجي، واعتقالهم واحتجازهم بشكل تعسفي وحرمانهم من الإجراءات القضائية العادلة».
ووجد المحققون أن تجنيد الأطفال المستمر من جانب القوات الحكومية والجماعات المتمردة، والنزاعات المحلية الدامية التي خلفت مئات القتلى، والعنف الجنسي، وسرقة الأموال العامة استمرّت من دون أن تعوقها عملية السلام الأخيرة. وأضاف التقرير أن «اللجنة تلحظ بقلق بالغ أنه خلافاً للعوامل التي تسبب بها المناخ، فإن القوات الحكومية والجماعات المسلحة اتبعت سياسات مسؤولة عن تجويع السكان في واو (حاضرة ولاية بحر الغزال) وولاية الوحدة». وتابع أن «منع دخول المساعدات الإنسانية وعمليات النزوح التي تسببت بها التكتيكات غير القانونية فاقمت المجاعة في أنحاء مختلفة من البلاد، وحرمت مئات آلاف المدنيين من الاحتياجات المهمة، بما فيها الحصول على الغذاء».
وخلال الفترة التي أجرت فيها اللجنة تحقيقها، واجه نحو 6.35 مليون شخص، أي 54 في المائة من السكان، الجوع الشديد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».