أم تجبر أبناءها الفوضويين على توقيع عقود لترتيب منزلهم وتغرم المخالفين
كاترينا نيثي وأبناؤها الثلاثة وهم يحملون العقود (الصن)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
أم تجبر أبناءها الفوضويين على توقيع عقود لترتيب منزلهم وتغرم المخالفين
كاترينا نيثي وأبناؤها الثلاثة وهم يحملون العقود (الصن)
اتخذت أم لثلاثة أبناء قراراً مهماً حيث أجبرتهم على توقيع عقود تضمن عبرها أنهم سيحافظون على نظافة وترتيب المنزل وتفرض عليهم غرامات مالية في حال قام أي شخص بكسر أحد القواعد.
وقضت كاترينا نيثي البالغة من العمر 36 عاماً، الكثير من السنوات في ترتيب المنزل وتنظيفه، خاصة أن أبناءها وهم بهايدن (19 عاماً)، جوشوا 18 (عاماً)، وأوليفيا (13 عاماً) يُعتبرون فوضويين للغاية، وفقاً لتقرير نشره موقع صحيفة «الصن» البريطانية.
وقالت كاترينا: «إنهم يخفون الملابس والأدوات القذرة في الجزء الخلفي من خزانة ملابسهم. لقد وجدت زجاجات حليب فارغة هناك...كما وجدت لوح تقطيع قذراً مخبأ هناك أيضاً».
وقررت كاترينا اتخاذ هذا الإجراء الغريب من نوعه عندما عثرت على بقع من الطين تغطي سجادة جديدة يبلغ سعرها ألفي جنيه إسترليني (نحو 2600 دولار). وعندها، دعت الأم أبناءها الثلاثة إلى اجتماع عائلي وسلمتهم عقوداً تتضمن عشر نقاط.
وتشمل القواعد ترتيب أسرتهم، ووضع الملابس القذرة في سلة الغسيل، وترتيب الملابس النظيفة في غرفة النوم.
ويتم تغريم الصبيان بملغ قدره 5 جنيهات إسترلينية (نحو 7 دولارات) عند خرق أي من القواعد المذكورة في العقود - في حين يتوجب على أوليفيا الاستغناء عن هاتفها الجوال ليوم واحد عند كل انتهاك.
وقالت كاترينا، وهي من شرق ساسكس في بريطانيا والتي تشارك في إدارة شركة للتنظيف، إن خطتها «القاسية ولكن العادلة» تعتبر ناجحة حتى الآن، ولم تحصل سوى على 20 جنيهاً إسترلينياً (26 دولاراً) فقط منذ إمضاء العقود الشهر الماضي.
وأضافت كاترينا: «سوف يلاحظ الصبيان الفرق عندما يخسرون 5 جنيهات إسترلينية... هذه الطريقة تجعل حياتي أسهل بكثير».
غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.
تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.
تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».
من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.
لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.
حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.
مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».
الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».
عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.