عودة شلل الأطفال إلى غزة... كل ما عليك معرفته

طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)
طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)
TT

عودة شلل الأطفال إلى غزة... كل ما عليك معرفته

طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)
طفلة فلسطينية تنظر إلى الأنقاض وسط الحرب المستمرة في خان يونس بغزة (رويترز)

أكدت السلطات الصحية في قطاع غزة تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عاماً هذا الشهر، وفقاً لوكالة «رويترز».

وساهمت إصابة عبد الرحمن أبو الجديان، البالغ من العمر ما يقرب من عام، بالفيروس وشلل جزئي في وقت لاحق، في تسريع خطط حملة تطعيم واسعة للأطفال في شتى أنحاء القطاع الفلسطيني بداية من الأول من سبتمبر (أيلول).

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على ثلاث هدن منفصلة في وسط وجنوب وشمال القطاع تستمر الواحدة منها ثلاثة أيام، وذلك للسماح لآلاف العاملين بالأمم المتحدة بتطعيم الصغار.

ماذا حدث؟

اكتُشفت السلالة، المعروفة باسم «فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2»، في يوليو (تموز) في ست عينات من مياه الصرف الصحي جُمعت من خان يونس ودير البلح.

وتم رصد السلالة أيضاً في مياه الصرف الصحي ببعض البلدان المتقدمة في السنوات القليلة الماضية، وهي نفسها التي أصابت عبد الرحمن أبو الجديان.

ولم تتضح بعد كيفية وصول السلالة إلى غزة، لكن التسلسل الجيني أظهر تشابهاً مع متحور اكتُشف في مصر، وربما دخل إلى القطاع في سبتمبر الماضي، بحسب «منظمة الصحة العالمية».

وتقول «منظمة الصحة العالمية» إن تقلص حملات التطعيم المعتادة في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة، ساهم في إعادة ظهور المرض.

طفلة فلسطينية تقف بالقرب من مركبة متضررة في خان يونس وسط استمرار الحرب (رويترز)

وقُدرت تغطية حملات التلقيح الاعتيادية ضد فيروس شلل الأطفال بنحو 99 في المائة في 2022، قبل تراجعها إلى 89 في المائة خلال العام الماضي.

ويقول عاملون في قطاع الصحة إن توقف العديد من المستشفيات في غزة عن العمل، غالباً بسبب الهجمات الإسرائيلية أو القيود المفروضة على الوقود، ساهم في انخفاض معدلات التطعيم. وتُحمّل إسرائيل حركة «حماس» مسؤولية إغلاق المستشفيات قائلة إنها تستخدمها لأغراض عسكرية.

ويقول موظفو إغاثة إن تدهور الأوضاع الصحية في غزة حيث تنتشر المجارير المكشوفة وأكوام القمامة بعد ما يقرب من 11 شهراً من الحرب، هيأ ظروفاً مواتية لانتشار الفيروس.

حملات تطعيم شاملة

اتفقت إسرائيل و«حماس» على ثلاث هدن منفصلة في ثلاث مناطق، تستمر الواحدة منها ثلاثة أيام، وذلك للسماح بإجراء الجولة الأولى من حملة التطعيم.

ومن المقرر أن تبدأ الحملة في وسط غزة، الأحد، ثم تنتقل إلى الجنوب يليه شمال القطاع. وهناك اتفاق على تمديد الهدنة في كل منطقة ليوم رابع إذا لزم الأمر.

ووصلت اللقاحات التي تم صرفها من مخزون الطوارئ العالمي إلى غزة، ومن المقرر استخدامها لتطعيم 640 ألف طفل دون العاشرة.

وذكر موظفو إغاثة تابعون للأمم المتحدة أن نحو 2700 عامل في مجال الرعاية الصحية سيشاركون في تطعيم الأطفال باللقاح الفموي في مراكز طبية، إضافة إلى فرق متنقلة ستزور آلاف النازحين جراء الحرب.

وتقول «منظمة الصحة العالمية» إن نجاح الحملة يعني الوصول إلى 95 في المائة على الأقل من أطفال القطاع.

وذكرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق التابعة للجيش أن حملة التطعيم ستتم بالتنسيق مع الجيش، «في إطار الهدن الإنسانية التي ستسمح للسكان بالوصول إلى المراكز الطبية التي ستقدم التطعيم».

ومن المقرر إجراء جولة ثانية من الحملة في أواخر سبتمبر.

المخاطر

الحالة التي تم اكتشافها في غزة، للطفل الذي حُرم من التطعيم، تعدّ انتكاسة لجهود مكافحة شلل الأطفال على مستوى العالم التي نجحت في خفض حالات الإصابة بنسبة تزيد عن 99 في المائة منذ عام 1988 بفضل حملات التطعيم الشاملة.

وشلل الأطفال البري متوطن حالياً في باكستان وأفغانستان فقط، لكن أكثر من 30 دولة، من بينها إسرائيل، لا تزال مدرجة على قائمة «منظمة الصحة العالمية» بوصفها عرضة لتفشي المرض.

وحذرت المنظمة من انتشار شلل الأطفال بشكل أكبر داخل غزة وعبر الحدود، بسبب تردي الظروف الصحية وتلك المتعلقة بلوازم النظافة الشخصية هناك.

وشلل الأطفال فيروس شديد العدوى قد يصيب الجهاز العصبي ويسبب الشلل والوفاة للأطفال الصغار، ويكون الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين الأكثر عرضة للخطر. ولا تظهر أي أعراض على كل الحالات تقريباً مما يجعل اكتشافه صعباً.


مقالات ذات صلة

تقرير: حرب غزة خلّفت أكثر من 55 ألف قتيل ومفقود

المشرق العربي امرأة فلسطينية وطفل يقفان أمام مبنى دمَّرته غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تقرير: حرب غزة خلّفت أكثر من 55 ألف قتيل ومفقود

أعلنت هيئة حكومية فلسطينية، اليوم (الثلاثاء)، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خلَّفت أكثر من 55 ألف قتيل ومفقود بين الفلسطينيين في الجيب الساحلي.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (رويترز)

غزة: تفاؤل إسرائيلي بقرب اتفاق الأسرى

تطرح لقاءات وتصريحات بشأن هدنة قطاع غزة يقودها مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تساؤلات بشأن إمكانية إبرام صفقة تبادل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي مركبات من الجيش الإسرائيلي بالقرب من مدينة جنين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

قتيلان فلسطينيان في غارة إسرائيلية على شمال الضفة الغربية

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الاثنين، مقتل فلسطينيين اثنين في غارة جوية إسرائيلية على مدينة طوباس بشمال الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري دخان يتصاعد عقب غارات إسرائيلية على رفح بجنوب قطاع غزة في وقت سابق (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: ما المنتظر عقب موافقة «حماس» على «لجنة إدارة القطاع»؟

موافقة حركة «حماس» على تشكيل «لجنة إدارة قطاع غزة»، بعد جولات ماراثونية على مدار نحو شهرين في القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وإلى جانبه نجله يائير (أرشيفية - أ.ب) play-circle 01:39

فيديو لنجل نتنياهو «يغزو» شبكات التواصل الاجتماعي

فيديو مصنوع بالذكاء الاصطناعي يظهر فيه نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير بنيامين نتنياهو، وكأنه من المحتجَزين، وهو يوجِّه نداء استغاثة لوالده.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

سوريون يبحثون عن أحبائهم المفقودين وسط الجثث المشوهة

رجل يحمل بيديه حبلا مشنقة لدى سجن صيدنايا العسكري في دمشق (أ.ب)
رجل يحمل بيديه حبلا مشنقة لدى سجن صيدنايا العسكري في دمشق (أ.ب)
TT

سوريون يبحثون عن أحبائهم المفقودين وسط الجثث المشوهة

رجل يحمل بيديه حبلا مشنقة لدى سجن صيدنايا العسكري في دمشق (أ.ب)
رجل يحمل بيديه حبلا مشنقة لدى سجن صيدنايا العسكري في دمشق (أ.ب)

فحص رجال ونساء على ضوء هواتفهم المحمولة جثثا مشوهة في مشرحة مظلمة بمستشفى في العاصمة السورية على أمل العثور على أي علامات تدلهم على أقاربهم الذين اختفوا في نظام السجون سيء السمعة خلال رئاسة بشار الأسد.

وعثر رجال الإنقاذ، وهم يحفرون خلال الليل بحثا عن زنازين مخفية في سجن صيدنايا شمالي دمشق، على عشرات الجثث المتفحمة والمتحللة ومبتورة الأطراف أو مقطوعة الرؤوس. وقالت جماعات حقوق الإنسان إن التعذيب وحالات الإعدام الجماعي كانت شائعة هناك.

وهرع الناس بعد الإطاحة بالأسد يوم الأحد إلى سجن صيدنايا وحرروا مئات المعتقلين. وبدأ رجال الإنقاذ بعد ذلك في البحث عن أي زنازين تحت الأرض ربما يكون مزيد من السجناء قابعين فيها. وبقي الآلاف من أقارب المفقودين في السجن خلال الليل أملا في العثور على أحبائهم.

وقال عمال الإنقاذ في بيان في ساعة متأخرة من مساء الاثنين إنه لم يتم العثور على مزيد من الأحياء أو على زنازين تحت الأرض. لكن المسؤول المحلي أحمد شومان قال إنه تم العثور على ما لا يقل عن 35 جثة تبدو عليها آثار تعذيب وجرى نقلها إلى مستشفى دمشق اليوم الثلاثاء. وقال لرويترز في مشرحة المستشفى الذي تأثر مثل أغلب أنحاء دمشق بانقطاع الكهرباء بسبب القتال من أجل السيطرة على العاصمة "جثث مشوهة، مقطّعة، مو معروف مين، حسبنا الله ونعم الوكيل!".

وكان الناس من حوله إما يصرخون أو يغطون أنوفهم لإخفاء الرائحة الكريهة. وصاح رجل وهو ينظر في أحد الأكفان "إيده اليمين رايحة!"، بينما صاح آخر "شو ذنبها هالعالم لتموت هيك؟". وكانت امرأة تبكي وتلطم خديها. ولا تزال ريما الترك تبحث عن شقيقها عدنان الذي اعتقلته المخابرات الجوية السورية في 2013 من أمام منزل أسرتهما. وقالت إنه لم يرتكب أي خطأ. وأضافت "كلياتهن جثث محروقة وجثث مقطوع راسها، وهذا النظام إللي حكمنا هذا".

وقال الطبيب الشرعي زاهر الطقش إن الأطباء والمتخصصين يعملون على مساعدة الأسر في التعرف على أحبائهم. وقال الطقش "العلامات الفارقة، مثلا فيه وشم فيه جرح، فيه أي علامة فارقة للشخص". وأضاف أنه يمكن التعرف على جثث أخرى من خلال أسنانها، لكن هناك حاجة إلى المزيد من المتخصصين لمواصلة أعمال التعرف.

وعُثر على جثث أخرى في أماكن أخرى بالمدينة. وقال أحد أعضاء فريق الاستجابة الطارئة التابع لهيئة تحرير الشام المعارضة لرويترز إنه تم العثور على جثث في مستشفى حرستا، وكانت تبدو عليها أيضا علامات تعذيب. ودعت حملة "من أجل سوريا" أمس الاثنين المنظمات الدولية إلى تحسين الدعم المقدم للعائلات التي تعلم الآن أن أحباءها قُتلوا وهم رهن الاحتجاز. والحملة هي مجموعة ناشطة تدافع عن قضايا الحقوق المدنية في سوريا.

وشعر من عثروا على أقاربهم في المشرحة اليوم بالارتياح لتمكنهم من دفنهم، لكنهم شعروا أيضا بالغضب من المسؤولين عن الوفاة بهذه الطرق الوحشية. وقال أحد الرجال منزعجا "الله ينتقم منك يا رب شر انتقام!".