رئيس البرلمان الليبي يطرح «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية

تتضمن تشكيل مجلس رئاسي محدود وتفكيك الميليشيات... وتعديل الدستور

TT

رئيس البرلمان الليبي يطرح «خريطة طريق» لحل الأزمة السياسية

طرح المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، مجموعة من النقاط تشكل في مجملها «ثوابت وطنية» بهدف حل الأزمة في البلاد، وصولاً إلى «دولة المؤسسات والقانون». وحذر من «خطورة وجود الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمرتزقة السوريين» بالعاصمة طرابلس، مؤكداً: «عدم إمكانية عمل حكومة الوحدة الوطنية المنشودة في العاصمة، في ظل وقوعها تحت سطوة الميليشيات والمرتزقة».
وقال صالح في كلمة أمام مجلس النواب أمس، إنه «لا يمكن التنازل عن هذه الثوابت للوصول إلى دولة المؤسسات والقانون، وحتى لا نفرط في المكتسبات السياسية والعسكرية التي تحققت في (مشروع وطني) ينهي الأزمة التي تمر بها ليبيا».
من جهته، أوضح عبد الله بليحق، المتحدث باسم مجلس النواب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مجموعة الثوابت التي تحدث عنها رئيس البرلمان: «أشبه بـمشروع وطني، وتعد كخريطة طريق تعالج جميع المشكلات، سواء أمنية أو سياسية أو دستورية»، مبرزاً أنها أيضاً بمثابة «رسم لمسار العملية الديمقراطية، كما أنها سبيل لإنهاء الأزمة في البلاد».
وأكد صالح في كلمته - خلال افتتاح جلسة مجلس النواب، أول من أمس - على «ضرورة مشاركة مجلسه في المسار السياسي الذي تعمل عليه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وفقاً لهذه الثوابت»، مؤكداً أن «المشكلة في ليبيا تعد أمنية بالدرجة الأولى».
واشتملت الرؤية التي طرحها عقيلة على 12 نقطة، استهلها بضرورة «تفكيك الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة والعصابات المسيطرة على العاصمة، على أن تكون للقيادة العامة صلاحية الضم والدمج وجمع السلاح»، مشدداً على أن «القوات المسلحة الليبية هي وحدها الموكل إليها تطهير البلاد من الجماعات الإرهابية، والميليشيات والعصابات المسلحة، وحماية الحدود والأهداف الحيوية، وضبط الأمن والنظام»، قبل أن يلفت النظر إلى أن مجلس النواب هو «الجسم التشريعي الوحيد المنتخب في ليبيا، ولا يجوز إقحام أجسام أخرى قبل الانتخابات البرلمانية بهدف الترضية، على حساب جسم حقيقي يمثل إرادة الليبيين».
كما تطرق عقيلة إلى الأجسام التي أنشأها «اتفاق الصخيرات» في طرابلس، وقال إنه يؤيد «تشكيل مجلس رئاسي يتكون من رئيس ونائبين، ممثلاً عن الأقاليم الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئيس حكومة ونائبين، ممثلة في الأقاليم ذاتها، ويشترط المصادقة عليها من مجلس النواب»، الأمر الذي استقبله مؤيدون للمجلس الرئاسي في العاصمة «بـالرفض»، مشيرين إلى أن المجلس الرئاسي «يحظى بشرعية دولية»، وأي حديث عن تعديله لا بد من أن يمر وفق «عملية انتخابية».
في سياق ذلك، تحدث رئيس مجلس النواب عن «وضع ضمانات قانونية لتوزيع عادل للثروة بين الأقاليم الثلاثة، تُضمَّن في الاتفاق السياسي»، مع «تشكيل هيئة مؤقتة تابعة لمجلس النواب مختصة بالمصالحة الوطنية، تتكون من رئيس ونائبين ممثلة من الأقاليم ذاتها».
كما دعا صالح إلى «تعديل الإعلان الدستوري؛ بحيث يشكل مجلس النواب لجنة لصياغة دستور للبلاد، تضم مثقفين ومفكرين وأساتذة في القانون الدستوري من الأقاليم الثلاثة، بعيداً عن المحاصصة الحزبية والاجتماعية، يشارك فيها الأجانب والعرب من أهل الاختصاص، والمطالبة بإنجاز عملها خلال فترة زمنية لا تزيد عن 90 يوماً من بدء عملها».
وبخصوص موقفه من الانتخابات، رأى صالح إمكانية «تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية، خلال مدة محددة من تاريخ منح حكومة الوحدة الوطنية الثقة من مجلس النواب»، مشيراً إلى أنه «يقبل الإشراف الدولي على تنفيذ ما ذكر آنفاً، بما لا يتعارض مع ما يتفق عليه». وأكد على اضطلاع مجلس النواب «بدوره كاملاً في اختيار ممثليه، وإبلاغ البعثة الأممية بذلك، على ألا تحال قائمة بأسماء الممثلين إلى البعثة، طبقاً لما اتفق عليه في اجتماع المجلس بمدينة بنغازي، إلا بعد تسلم رد البعثة على قرار مجلس النواب»، لافتاً إلى أن ممثليه الذين سيتم اختيارهم ملزمون بالرد على المجلس، قبل توقيع أي اتفاق، على أن يتحمل المخالف تبعات التوقيع، دون أخذ رأي مجلس النواب.
وانتهى رئيس مجلس النواب بالتنبيه على أن «أي اتصال للبعثة بشكل مباشر بالنواب، أو الاتصال بالمقاطعين منهم باعتبارهم مجلس نواب موازٍ، يعيق المجلس الشرعي في اختيار ممثليه، ويتسبب في خلط الأوراق، وليس في مصلحة الحوار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.