«الفيلسوف الجديد»... إصدار في السعودية يؤكد الحاجة للمحتوى قبل الوسيلة

«الفيلسوف الجديد»... إصدار في السعودية يؤكد الحاجة للمحتوى قبل الوسيلة
TT

«الفيلسوف الجديد»... إصدار في السعودية يؤكد الحاجة للمحتوى قبل الوسيلة

«الفيلسوف الجديد»... إصدار في السعودية يؤكد الحاجة للمحتوى قبل الوسيلة

خلال 12 ساعة فقط، نفدت الطبعة الأولى من النسخة العربية لمجلة «الفيلسوف الجديد»، التي أصدرتها منصة «معنى» الثقافية في السعودية، ما يكشف تعطش القُراء السعوديين للمحتوى الفلسفي والمعرفي الرصين، ويعيد المجد لعصر الورق والمجلات الورقية بعد أن أفل نجمها في السنوات الأخيرة، خصوصاً أنّ المجلة التي جرى تعريبها واحدة من أهم مجلات العالم في الفكر والفلسفة.
وأوضحت سارة الراجحي مديرة تحرير منصة «معنى»، أنّ الشراكة بين المنصة والمجلة جاءت لسببين «الأول اهتمامنا بوجود مادة فلسفية تناسب الجميع وحقوقها الفكرية مؤمّنة حتى ننشرها لدينا كمنصة إلكترونية، والثاني هو افتقار المكتبة العربية لإصدارات من هذا النوع». وأضافت أنّ مجلة «الفيلسوف الجديد» إضافة مهمة ونوعية تصل لشريحة كبيرة من القراء، مشيرة إلى أنّ الشراكة تعمل على خطين، ترجمة المقالات من الأعداد المتفرقة ونشرها بشكل شبه أسبوعي في المنصة، وترجمة الأعداد الورقية كاملة التي انطلقت مؤخراً بعدد «ما معنى الحياة؟».
وذكرت الراجحي لـ«الشرق الأوسط» أنّ مجلة الفيلسوف الجديد هي في الأصل فصلية، وأُصدر منها حتى الآن نحو 25 عدداً. والخطة في النسخة العربية إصدار عدد كل شهرين.
وعن أهداف منصة معنى من إطلاق هذا المولود الثقافي الجديد، أوضحت الراجحي أنّها استكمال للأهداف التي تأسست المنصة لأجلها، أهمها تقريب المعرفة للجميع لا سيما الفلسفة، وإشاعة الحافزية المعرفية، وسدّ مواضع القصور في المجال الثقافي وفي مجال النشر، مؤكدة أنّ مجلة الفيلسوف الجديد تحقق قدرا كبيرا من هذا.
ونفدت الطبعة الأولى للمجلة في وقت قياسي وقبل إكمال اليوم الأول لطرحها، وتفسّر الراجحي هذا الإقبال بأنّ «النتائج معلقة بأسبابها، كان هناك عمل دؤوب وطويل في المنصة كوّن قاعدة قرّاء كبيرة تثق بها وتتفاعل معها، إضافة إلى طبيعة المجلة نفسها لجهة طبيعة المواد والتصميم التي جعلتها تنجح وتُعرف عالميا، كذلك ألفة القراء معها، إذ خصّصنا منذ إعلان الشّراكة مع المجلة قسماً في المنصة لمقالاتٍ مختارة من مختلف الأعداد».
ولفتت إلى أنّ المجلة لم تحتج للتسويق، مشيرة إلى أنّ المنصة أعلنت عن صدورها بتغريدة أتبعتها بتغريدتين تعرّف بها لمن لا يعرفها، وتفاعل القرّاء مع الخبر وطلبوا من المكتبات ومتاجر الكتب توفيرها، وفي أقل من 12 ساعة حُجزت جميع النسخ، ويجري العمل حالياً على إصدار الطبعة الثانية.
وتفتتح مجلة الفيلسوف الجديد عددها الأول ذا الطبعة الفاخرة الذي يحمل عنوان «ما معنى الحياة؟» بكلمة جاء فيها: «سواء وجدت معنى الحياة، أو ما زلت تبحث عنه؛ تذكر نصيحة سينكا: (أنّ حياتنا ليست قصيرة، ولكنّنا نحن من يجعلها كذلك، إذ لا يعوزنا الوقت، ولكنّنا نفرط به). وحاصل قوله: لا تبدد الوقت الذي مُنح لك».
يذكر أنّ منصة «معنى» ثقافية تهتم بنشر المعرفة والفنون، عبر مجموعة متنوعة من المواد المقروءة والمسموعة والمرئية، انطلقت في 20 مارس (آذار) الماضي، بهدف إثراء المحتوى العربي عبر الإنتاج الأصيل للمنصة وعبر الترجمة ونقل المعارف. وسبق أن أعلنت مؤسسة مسك الخيرية عن دعمها إطلاق مبادرة (مسك الكتب) بمختلف الوسائط المقروءة والمسموعة، التي يعمل عليها حالياً فريق المنصة، ومن المتوقع أن يبدأ صدور كتب (مسك الكتب) في معرض الرياض الدولي للكتاب، أبريل (نيسان) المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».