حذر محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، القضاة التابعين له من التأثر بما يروج في شبكات التواصل في مجال مكافحة الفساد. وأشار عبد النباوي إلى أن قيام قضاء النيابة العامة بواجبه في «التصدي لجرائم الفساد وحماية المال العام أو الخاص، لا يجب أن يتأثر بالنقاشات المجتمعية التي تتم في الفضاءات العامة، ومن بينها الفضاء الأزرق، إلاّ عن طريق التحري القانوني، والبحث عن الحجج والإثباتات المشروعة»، مشدداً على أن «قرينة البراءة تفترض أن كل مشتبه فيه أو متهم يعتبر بريئاً... إلى أن تسقط براءته عن طريق إثبات التهمة بالوسائل المشروعة، في محاكمة عادلة منصفة ومحايدة، لا تؤثر فيها العواطف ولا الرغبات، ولا النوازع الشخصية».
وأشار عبد النباوي، الذي كان يتحدث أمس في افتتاح أشغال دورات تكوينية متخصصة في الجرائم المالية لفائدة قضاة النيابة العامة بالأقسام المختصة بالجرائم المالية بمحاكم الاستئناف بالرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، وضباط الشرطة القضائية المكلفين البحث في الجرائم المالية، والمنظمة في المعهد العالي للقضاء، أمس، إلى أن هذه «المهمة صعبة، ولكنها تشكل جوهر العدالة التي نحن جميعاً مؤتمنون عليها خلال قيامنا بمهامنا». وأضاف قائلاً: «لا حاجة لتذكيركم أن دوركم في محاربة الفساد ليس ضرورة اجتماعية وقانونية فقط، ولكنه تنفيذ لمقتضى دستوري، ولحق من حقوق الإنسان التي تجمع عليها الإنسانية، كما تبنته الاتفاقات الدولية ذات الصلة، لما له من تأثير على تمتع المواطن والإنسان بالحقوق الأخرى المخولة له شرعاً وقانوناً. ولذلك فإن تكوينكم على مهارات البحث والتحري في الجرائم المالية، والرفع من قدراتكم لاستيعاب سلوكيات المخالفين وحل ألغازها، لا بدّ أن يتقيد باحترام قرينة البراءة، والمساطر القانونية المشروعة. فالبحث في الجرائم وإثباتها لا يمكن أن يتم عن طريق خرق قواعد المحاكمة العادلة، وعدم مراعاة الضمانات القانونية للمتهمين والضحايا والشهود على حد سواء».
وأشار عبد النباوي إلى أن الغاية من هذه الدورات التي أطلقتها رئاسة النيابة العامة لفائدة قضاتها تهدف إلى تأهيلهم «لمواجهة هذا النوع من الإجرام الذي يمتاز بالتعقيد، وينجز بوسائل احتيالية تنبع عن دهاء كبير». وأضاف «بطبيعة الحال، فإن الفقه القانوني يصف الجناة الذين يرتكبون هذا النوع من الجرائم بذوي الياقات البيضاء، لاختلافهم عن أغلب المجرمين الذين ينتمون لأوساط اجتماعية دنيا، فإن أغلب المتورطين في الجرائم المالية ينتمون لأوساط اجتماعية راقية، ويحتلون مكانة متميزة في محيطهم، وبعضهم يكونون من القادة والمسيرين، مما يفترض أنهم موهوبون وأذكياء قد تنحرف نظرتهم إلى الصالح العام، فيستغلون ذكاءهم ومواهبهم للاستيلاء على الأموال العامة أو الخاصة، وللاغتناء غير المشروع».
وقال عبد النباوي إن واجب العدالة، المسطر لها بمقتضى الدستور والقانون وتوجيهات ملك المغرب، رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، هو «التصدي للفساد ومحاربته بالآليات القانونية، وعليها أن تطور مهارات القضاة وبقية مكونات العدالة للقيام بهذه المهمة... وهي مهمة مستمرة في الزمان حتى يتم التغلب على الفساد، وتعم مظاهر دولة الحق والقانون والمؤسسات» التي رسمها العاهل المغربي و«وجه أعضاء النيابة العامة إلى العمل في إطارها إلى جانب باقي سلطات الدولة».
المغرب: تنبيه من تأثير شبكات التواصل في مكافحة جرائم الفساد
رئيس النيابة العامة قال إن أغلب المتورطين في الجرائم المالية ينتمون إلى أوساط اجتماعية راقية
المغرب: تنبيه من تأثير شبكات التواصل في مكافحة جرائم الفساد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة