تكثف شركات صناعة الطيران الجهود، لتصبح أكثر مراعاة للبيئة، بدفع من المستهلكين مع نماذج لطائرات نفاثة بانبعاثات أقل، تبدو وكأنها خارجة من فيلم خيالي علمي، وأخرى تعمل على الكهرباء والوقود المستدام. وتتعرض سمعة الطيران لانتقادات كثيرة في حقبة تختار فيها الناشطة الشابة المدافعة عن البيئة، غريتا تونبرغ، السفر في مركب مراعٍ للبيئة، ويستعر فيها الانتقاد اللاذع لاستقلال الرحلات الجوية في بلدها السويد.
فحركة الطيران مسؤولة عن 3 في المائة من انبعاثات «الكربون» المضرة بالمناخ في العالم، على ما تفيد «الوكالة الأوروبية للبيئة»، فيما العالم يشهد موجات حر قياسية وارتفاعاً في عدد حرائق الغابات والعواصف التي يزيد من حدتها ارتفاع مستوى البحار.
كانت كلمة «الاستدامة» على كل لسان في سنغافورة في أكبر معرض للطيران في آسيا، استخدمت فيه ألواح الطاقة الشمسية للحصول على التيار، وتنافست خلاله مجموعات صناعة الطيران وشركات الخطوط الجوية على قطع وعود باعتماد نهج أكثر استدامة. إلا أن بعض المدافعين عن البيئة انتقدوا هذه الالتزامات معتبرين أنها مجرد «تمويه أخضر»، أي عملية علاقات عامة لن تفيد كثيراً في خفض الأضرار الناجمة عن الكمية الكبيرة من وقود الطيران الذي يستهلك سنوياً.
وقال بول شتاين كبير خبراء التكنولوجيا في شركة «رولز رويس» لصناعة محركات الطائرات، لوكالة الصحافة الفرنسية، «يخضع قطاع الطيران لضغوط كبيرة لتحسين صورته على صعيد الاستدامة». وأضاف أن شركات الطيران «تعمل معنا على إيجاد سبل لزيادة توافر الوقود المستدام، وكيف يمكن لاعتماد الكهرباء التأثير عليها... وهي تدرس أيضاً إمكانية صنع محركات وهياكل أكثر فعالية» على صعيد استهلاك الطاقة.
كان قطاع الطيران تعهد خفض انبعاثاته الصافية من «الكربون»، بالنصف، بحلول 2050، مقارنة بمستويات العام 2005. وذهب هذا القطاع في بريطانيا أبعد من ذلك خلال الشهر الحالي، متعهداً بأن يكون عديم الانبعاثات بحلول عام 2050 أيضاً. في معرض سنغافورة للطيران، كشفت شركة صناعة الطيران الأوروبية «إيرباص» عن نموذج لطائرة طليعية مع أجنحة وهيكل مدمجة ومحركين خلفيين.
وأوضحت الشركة أن من شأن هذا التصميم أن يخفض استهلاك الوقود بنسبة 20 في المائة، مقارنة بالطائرات الحالية بممر واحد. وأطلق على التصميم اسم «مافريك»، وقد جُرب للمرة الأولى في يونيو (حزيران) من العام الماضي.
وحرصت شركة «إيه تي آر» الإيطالية الفرنسية على التأكيد على أن طائراتها المجهزة بمحرك يعمل بمراوح توربينية، وهو محرك شائع الاستخدام في الرحلات القصيرة، تستهلك الوقود بنسبة تقل 40 في المائة عن الطائرات النفاثة من الحجم نفسه.
وأوضح المدير التنفيذي للشركة ستيفانو بورتولي لوكالة الصحافة الفرنسية، «نقيم توازناً بين استهلاك الوقود والسرعة. الطائرة النفاثة قد تكون أسرع بخمس أو عشر دقائق، لكنها تلحق أضراراً أكبر بكثير على صعيد التلوث».
وحصلت خطوات أيضاً باتجاه صنع طائرات كهربائية. وأجرت أول طائرة كهربائية بالكامل في العالم من تصميم «ماغنيكس»، أول رحلة تجريبية لها في كندا في ديسمبر (كانون الأول). في المقابل، تطور شركة «سمارتفلاير» السويسرية طائرة هجينة تتسع لأربعة أشخاص على أن تجري أول رحلة لها في 2022. وهذه الطائرة تصدر انبعاثات وضجة أقل، فضلاً عن كلفة تشغيل أدنى بسبب اقتصاد في استخدام الوقود. إلا أن المدير في الشركة ألدو موتاناري، حذر من أن هذه المشاريع لن تكون سريعة التنفيذ.
وأوضح: «الضغوط كبيرة، وأظن أن القطاع أدرك ذلك، لكنه بحاجة إلى وقت للتفاعل، ولا يقدر على ذلك في غضون سنة. ينبغي التأكد من السلامة».
ويعتبر الوقود الحيوي سبيلاً رئيسياً لقطاع الطيران لتخفيض انبعاثات «الكربون»، وقد شغلت شركات طيران عدة في السنوات الأخيرة رحلات تجارية مستخدمة هذا المصدر.
إلا أن أسعار الوقود الحيوي تبقى أعلى من الوقود العادي، وهي تشكل جزءاً صغيراً فقط من كمية الوقود التي تستخدمها الطائرات النفاثة على الصعيد العالمي.
وعلى الرغم من هذه الجهود، يتهم المدافعون عن البيئة، قطاع الطيران، بالتحرك ببطء شديد، رغم بروز أدلة متزايدة على تأثير التغير المناخي المدمر.
وقالت ديوي زلوخ الناشطة في مجال المناخ والطاقة في منظمة «غرينبيس» لوكالة الصحافة الفرنسية، «ستحتاج شركات الطيران إلى وقت طويل لتصبح مستدامة. والحلول التكنولوجية ستحتاج إلى عقود».
صناعة الطيران تسعى لتكون صديقةً أكثر للبيئة
مسؤولة عن 3 % من انبعاثات «الكربون» المضرة بالمناخ في العالم
صناعة الطيران تسعى لتكون صديقةً أكثر للبيئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة