أب فلسطيني ينقذ ابنه من «داعش»

لم يصدق الدعاية العربية والغربية عن المتطرفين وانسحب في أول مناسبة

أب فلسطيني ينقذ ابنه من «داعش»
TT

أب فلسطيني ينقذ ابنه من «داعش»

أب فلسطيني ينقذ ابنه من «داعش»

تمكن سامي مغامسة، وهو من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، من إنقاذ ابنه وإعادته إلى بلده، بعد أن كان قد انضم إلى «داعش»، وتسلل إلى سوريا. وقد اعتُقل الشاب حمزة سامي مغامسة حال وصوله إلى مطار بن غوريون، أول من أمس، حيث ستحاكمه إسرائيل بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي معادٍ.
وقال الوالد في حديث مع «الشرق الأوسط»، إنه يفضل أن يرزح ابنه في السجن الإسرائيلي مع كل ما يعنيه ذلك من عناء، على أن يكون قاتلا للعرب والمسلمين في سوريا أو العراق: «فابني مسلم مؤمن بشكل حقيقي ولا يؤمن بالعنف والإرهاب الذي يمارسه (داعش)».
وكان حمزة مغامسة، وهو شاب في العشرين من عمره، قد غادر إلى مدينة أنطاكيا في تركيا، خلال أيام عيد الأضحى المبارك، مع 3 من أصدقائه في الجيل نفسه، بدعوى الاستجمام. وفي الفندق الذي نزلوا فيه راحوا يتناقشون حول «داعش»، إذ تبين أن أحدهم على الأقل أقام علاقة مع هذا التنظيم عبر الإنترنت، وتم إغراؤه بالقدوم إلى تركيا، حيث يستقبله شخص ما لا يعرفه من قبل، وأخذه ورفاقه إلى سوريا بغرض الانضمام إلى صفوف المقاتلين من «داعش». واختلف الـ4 فيما بينهم، فقرر أحدهم العودة إلى إسرائيل رافضا فكرة التسلل إلى سوريا. بينما قرر رفاقه وبينهم سامي مغامسة مواصلة طريقهم. ودخلوا الأراضي السورية مشيا، ثم التحقوا بصفوف «داعش».
وعاد الشاب المذكور إلى إسرائيل، قبل شهر، فاعتقلته المخابرات، وروى القصة كاملة، وتقرر إطلاق سراحه، لأن «داعش» لم يكن في القانون الإسرائيلي تنظيما إرهابيا معاديا. وقبل أسبوعين فقط أصدر وزير الدفاع، موشيه يعلون، أمرا يقضي باعتبار «داعش» تنظيما إرهابيا معاديا للدولة، وبما أنه صدر بعد عودة الشاب، فإن الأمر لا ينسحب عليه.
وفي هذه الأثناء، بدأت اتصالات مكثفة بين الوالد وابنه الشاب حمزة مغامسة هاتفيا. وبمساعدة مسؤول سياسي إسرائيلي سابق هو نائب الوزير من حزب الليكود، أيوب قرا، تمكنوا من إيجاد صلة مع أحد عناصر جبهة النصرة، الذي أوصلهم إلى حمزة.
وأجرى الأب والابن عدة مكالمات حاول فيها التأثير على ابنه. وفي الأسبوع الأخير، لمس أن لديه بعض الليونة والاستعداد للعودة إلى البلاد، رغم معرفته أنه سيُعتقل لدى المخابرات الإسرائيلية حال عودته. وإثر ذلك سافر الأب إلى تركيا وأجرى الترتيبات لإعادة ابنه. والتقيا في تركيا، ففوجئ بابنه يخبره بأنه أخطأ عندما أقدم على هذه الخطوة.
وقال سامي، وهو عامل بناء بسيط يعيل عائلة «على قد الحال» إن ابنه فوجئ باكتشاف حقيقة «داعش». وأضاف: «لم يصدق حمزة ما كان يقال في الدعاية العربية والغربية عن (داعش)، واعتبرها كلام تحريض وتشويها. ولكن عندما تعرف على المتطرفين عن كثب، فهم أن ما قيل صحيح، فانسحب في أول مناسبة، لأنه لا يؤمن بمفاهيم العنف».
وتابع: «أرجو أن نستطيع الآن إخراجه من المأزق مع السلطات الإسرائيلية. فنحن لا نملك المال لدفع أتعاب محاماة، ونتمنى أن يفهم المحققون أن ابننا بريء ولم يكن يقصد المساس بأمن إسرائيل».
يُذكر أن نحو 45 شابا من فلسطينيي 48 انضموا إلى «داعش»، وقد قتل 3 منهم على الأقل. وعاد 3 آخرون منهم واعتقلوا. وقد توجه والد الشاب، أحمد محمد حبشي، إلى الشباب الفلسطيني قائلا: «فقدتُ ابني، الشاب الناجح وهو في زهرة عمره (23 عاما). أرجوكم لا تفعلوا مثله وتتركوا ذويكم في حسرة طيلة العمر. فهذه تصرفات لا يقبل بها الإسلام. لا تخدم رسالة الإسلام السامية وليست من تعاليم ديننا الحنيف».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.