موظفو المصارف يواجهون غضب المودعين بصمت

TT

موظفو المصارف يواجهون غضب المودعين بصمت

تقول موظفة في أحد المصارف لـ«الشرق الأوسط» إنها «قلقة مما يتردد بشأن دمج المصارف». وتضيف: «نحن لا نعرف ماذا يحصل، فالقرارات مرتبطة بأصحاب المصارف وكبار المساهمين. لكن الدمج سيؤدي حكماً إلى تقليص عدد الموظفين».
ويقارب عدد الموظفين في القطاع المصرفي 25 ألف موظف، لديهم امتيازات لجهة التأمين الطبي ودفع بدل التعليم ويقبضون 16 راتباً في السنة. ويشكلون أكبر كتلة عاملة في القطاع الخاص اللبناني.
وبعد إلغاء الساعات الإضافية التي كانت يقضي بالعمل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة بعد الظهر ليصبح الدوام من التاسعة صباحاً حتى الثانية بعد الظهر، انخفضت الرواتب بنسبة 15 في المائة. ويشير مسؤول في أحد المصارف إلى «عقد اجتماعات دورية لمتابعة مسار الأمور، ومن ثم وضع الموظفين في أجواء التطورات وطمأنتهم بشأن الرواتب، وبشأن مسيرتهم المهنية». وعدا الخوف من الأوضاع المالية، يواجه الموظفون غضب المودعين الناجم عن الإجراءات القاسية التي اتخذها القطاع المصرفي لتقنين عمليات السحب والتحويل إلى الخارج. وتقول إحدى الموظفات إنها «لا تملك إلا الصمت حيال غضب المودعين». وتضيف أنها «تتهيب يومياً مواجهة الانتقادات التي تحمِّلها مسؤولية هذه الإجراءات، والتي تتطور إلى إهانات في بعض الأحيان، وكأنها المسؤولة عن منع الأموال عن أصحابها. الأمر الذي أدى إلى إصابتها بعوارض صحية نتيجة التوتر».
وتشكل الفيديوهات المتداولة عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، وبشكل شبه يومي دلالة على حساسية العلاقة بين الطرفين. وقد أدت هذه الحساسية إلى حصول الكثير من الإشكالات والسجالات، ودفعت الموظفين إلى إعلان الإضراب، أكثر من مرة، لحين استعادة أجواء الهدوء داخل البنوك وتوفير حماية أمنية لهم خلال عملهم.
ويرفض المسؤول: «ما يتردد عن تآمر على صغار المودعين، أو اعتماد الإجراءات القاسية لضرب الحراك في الشارع وإلهاء الناس بملاحقة ودائعهم عوضاً عن التظاهر. فالإدارة السيئة للبلاد أوصلتنا إلى هذه الأزمة التي نعاني منها، تماماً كما يعاني اللبنانيون جميعاً».
ويستبعد المسؤول ضياع حقوق المودعين، مشيراً إلى أن «التعاميم التي تصلنا لا تنذر بأن الأمور متجهة إلى مزيد من التدهور. لا سيما أن هذه الإجراءات الفعالة حالت دون إفلاس القطاع المصرفي».
ومقابل إجراءات المصارف، عمد بعض المودعين إلى تسديد قروضهم السكنية، ليستفيدوا من ودائعهم بأنسب الطرق. ويقول الموظف إن «عدد هؤلاء ليس كبيراً، لأن غالبية الحاصلين على قروض هم من أصحاب الدخل المحدود. والإدارة تتجنب الإجراءات القانونية هذه الأيام، حيال من يتأخر عن دفع السندات وتتفهم أحوال الناس خلال الأزمة». ويشير إلى «أن بعض أصحاب الأرصدة المرتفعة عمدوا إلى الشيكات المصرفية لشراء أراضِ وشقق سكنية. وشهد القطاع العقاري فورة ملحوظة، إلا أن هذه الموجة بدأت في الانحسار».
وعدا شراء العقارات سارع بعض المودعين إلى شراء الذهب باستخدام بطاقاتهم المصرفية، الأمر الذي دفع بعض المصارف إلى توقيف العمل بالبطاقات في محلات المجوهرات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».