تراجع حجم الاستيراد يحيي آمال الصناعيين بالنهوض بالقطاع

TT

تراجع حجم الاستيراد يحيي آمال الصناعيين بالنهوض بالقطاع

يعوّل الصناعيون في لبنان على الإجراءات الأخيرة المتخذة سواء من خلال موازنتي 2019 و2020 اللتين فرضتا رسوماً إضافية على المواد المستوردة، أو من خلال التدابير المشددة للمصارف لجهة السحوبات بالدولار الأميركي، ما حدّ كثيراً من القدرة على الاستيراد، لإنعاش القطاع الصناعي من جديد والنهوض به، لكنهم يربطون ذلك بتنفيذ وعود حصلوا عليها بتسريع الإجراءات المصرفية المطلوبة التي تضمن حصول الصناعة على احتياجاتها من المواد الأولية الضرورية.
ويطمح الصناعيون اللبنانيون لتغطية حاجات السوق وبخاصة الاستهلاكية منها، فتحل البضاعة اللبنانية مكان عشرات أنواع البضائع الأجنبية التي كانت تغرق الأسواق قبل 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وبحسب آخر الأرقام التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من الشركة «الدولية للمعلومات» فقد تراجع العجز في الميزان التجاري من 17 مليار دولار عام 2018 إلى 15.5 مليار دولار في عام 2019 نتيجة تراجع الاستيراد بقيمة 740 مليون دولار وارتفاع حجم الصادرات.
وهذا التراجع حصل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019 مع ترقب ارتفاع حجم التراجع في عام 2020 بشكل كبير لعدم قدرة التجار على تأمين كمية كبيرة من الأموال بالدولار الأميركي نتيجة التدابير المصرفية المشددة.
واستورد لبنان في السنوات الأخيرة حوالي 75 في المائة من حاجاته المقدرة بـ20 مليار دولار، فيما لم يصدّر أكثر من 3 مليارات دولار. ويؤكد رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل الحاجة الملحة في الوقت الراهن لمبلغ 300 مليون دولار كمدخل للحل بعد القيود التي فرضتها المصارف على التحويلات، موضحاً أن الصناعة المحلية تنتج سنوياً ما يقدر بـ13 مليار دولار يتم تصدير 3 مليارات دولار منها فيما تعود الـ10 مليارات دولار للسوق اللبناني.
ويشدد الجميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على قدرة الصناعة المحلية على تغطية قسم من المواد التي نستوردها عادة ما قد يؤدي إلى دخول الصناعة فيما هو أشبه بـ«عصر النهضة» بعد مرحلة طويلة من الصعوبات والتحديات الكبيرة سواء نتيجة إغراق السوق بالبضائع الأجنبية وعمليات التهريب إضافة للتكلفة الكبيرة التي يتكبدها الصناعيون وبخاصة بموضوع الطاقة. ويضيف: «منذ فترة نرفع الصوت وننبه من نفاد المواد الأولية، واليوم بات مصير آلاف العائلات مهدداً، إضافة للأمن الغذائي والاستهلاكي، وصولاً للأمن الاجتماعي في حال لم تؤمن الأموال اللازمة للصناعيين».
إلا أن تفاؤل الجميل بإمكانية ازدهار قطاع الصناعة مع تراجع المواد المستوردة من الخارج لا ينسحب على رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك الذي يؤكد أن المشاكل النقدية التي يرزح تحتها البلد انعكست بشكل سلبي على المزارعين الذين لم يعودوا قادرين على تأمين المستلزمات الأساسية للإنتاج كالبذور والأسمدة والمبيدات، خاصة في ظل إصرار التجار على تحصيل أموالهم بالدولار.
ويشير الحويك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هناك من حاول التواصل مع مصرف لبنان وغيره من الجهات المعنية لتقديم الدعم اللازم للمزارعين لتخطي الأزمة لكن من دون نتيجة، لافتاً إلى أننا سنكون على موعد مع أزمة في تأمين أكثر من منتج ومنها البطاطا، ما سيؤدي تلقائياً لارتفاع الأسعار. ويشدد الوزير السابق فادي عبود على وجوب تحرك الدولة سريعاً من خلال إنشاء صناديق خاصة لتمويل الصادرات وشراء المواد الأولية للصناعات المحلية، وبالتالي الاستفادة من تراجع حجم الاستيراد كما فعلت الكثير من الدول التي مرت بأزمات مماثلة كمصر وتركيا وغيرهما. ويشرح عبود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن المطلوب تمويل لمدة محدودة كـ120 يوماً فلا أحد يتحدث عن تمويل الأمد، مؤكداً قدرة الصناعيين على تغطية جزء من المواد التي نستوردها عادة، وبالتالي الوصول إلى نوع من انتعاش في القطاع، خاصة بعد الإجراءات المتخذة سواء لجهة فرض رسوم إضافية على كل البضائع التي تأتي من الخارج أو من خلال إعطاء عدد من المنتجات المحلية حوافز جديدة من خلال دعمها بزيادة رسم على مثيلاتها المستوردة. ويتفق معظم الفرقاء السياسيين على وجوب نقل لبنان من الاقتصاد الريعي الذي يقوم على دعم السياحة والمصارف والعقارات، وهي السياسة المتبعة منذ تسعينات القرن الماضي إلى الاقتصاد الإنتاجي الذي يقوم بشكل أساسي على دعم القطاعات الإنتاجية وبخاصة الصناعة والزراعة. ووضعت شركة «ماكينزي» الاستشارية العالمية العام الماضي خطة للنهوض بالاقتصاد اللبناني تسعى بشكل أساسي لخلق بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الخارجية، ولتفعيل قطاعات إنتاجية تنافسية قادرة على تعزيز مؤشرات الأداء الاقتصادي وخلق فرص عمل، بعدما تراجعت حصة الصناعة والزراعة من الناتج المحلي من 30 في المائة في عام 1974 إلى 16 في المائة في السنوات القليلة الماضية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.