حفتر يوبّخ إردوغان... ويتوعد «ميليشيات طرابلس» بالهزيمة

أكد أن قوات الجيش الوطني أصبحت «قاب قوسين» من تحرير العاصمة

TT

حفتر يوبّخ إردوغان... ويتوعد «ميليشيات طرابلس» بالهزيمة

في أول تعليق له على قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا، شدد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، على أنه «لا سلام إلا بهزيمة الميليشيات المسلحة، (الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس)، ونزع سلاحها وطردها ومغادرة المرتزقة أراضي البلاد».
وقال حفتر في كلمة وجهها مساء أول من أمس للمتظاهرين، الذين احتشدوا في ساحة الكيش بمدينة بنغازي (شرق) للتنديد بالتدخل العسكري التركي في ليبيا، إن «وقف إطلاق النار بشكل دائم مرهون بتسليم الميليشيات سلاحها ومغادرة المرتزقة»، مشيراً إلى أن «قوات الجيش لن تتوقف حتى بلوغ الهدف، وتحقيق النصر الكبير». وأضاف حفتر موضحاً أن «القوات المسلحة لن تتوقف، ولو استنجد الخونة بجميع مرتزقة العالم حتى ترجع طرابلس لحضن الوطن»، مشدداً على أنه «لا مساومة أو تفريط في الثوابت»، قبل أن يتعهد بـ«المضي قدماً لتحرير ليبيا من المرتزقة، الذين أرسلتهم تركيا بالتعاون مع الخونة والعملاء».
وتابع حفتر قائلاً: «لقد كنا ولا زلنا دعاة سلام... هذا هو السلام الذي نمد له أيدينا ونعلن معه وقفاً دائماً لإطلاق النار. لكن إذا استكبروا وجنحوا إلى الحرب فليبشروا بجحيم ونيران قذائفنا».
وبنبرة مليئة بالتحدي، وجه المشير كلامه للرئيس التركي رجب طيب إردوغان فقال: «اعلم أيها المعتوه إردوغان أن بلادك هي إرث العرب وليس العكس. فالعرب هم أسيادكم في الماضي والحاضر، ولو لم يجرد أجدادنا العرب سيوفهم على أجداده لظل هذا المعتوه على كفره وضلاله يعبد النار والشمس والنجوم». لافتاً إلى أن «قوات الجيش أصبحت على تخوم قلب العاصمة الجريحة طرابلس، وصرنا قاب قوسين أو أدنى من تحريرها. نطمئنكم بأنه لا رجوع عن بلوغ الهدف، الذي دفع أبناؤنا أرواحهم من أجل تحرير البلاد، وثمن تضحيات الشعب الليبي لتحرير أرضه»، مؤكداً أنه لن يهزم.
إلى ذلك، أكد وفد من السياسيين والإعلاميين ومشايخ وحكماء وأعيان كافة المناطق الليبية، خلال اجتماعهم مساء أول من أمس، مع عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، على مساندة الشعب الليبي بكل مكوناته لتحركات البرلمان، والحكومة الليبية والجيش الوطني الذي يحارب الإرهاب.
وبحسب المستشار الإعلامي لصالح، فقد عبر أعضاء الوفد عن مساندتهم لقرار غلق الموانئ النفطية، وأشادوا بشروط مجلس النواب للمشاركة في أي حوار سياسي حتى يتم توزيع ثروات الشعب الليبي على الليبيين فقط، دون المرتزقة والجماعات الإرهابية المتطرفة، الذين جلبهم السراج من خلال التعاون مع تركيا وقيادتها الإرهابية. في المقابل، تظاهر مساء أول من أمس مؤيدو حكومة السراج في مدينتي طرابلس ومصراتة، تنديداً بهجوم الجيش الوطني على العاصمة. وكان السراج قد اعتبر في بيان وزعه مكتبه، عقب اجتماعه أول من أمس، مع المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في ليبيا، يعقوب الحلو ومساعدته، أن ما وصفه بالعدوان على العاصمة «أربك مساعي حكومته للاستجابة السريعة لمتطلبات المتضررين».
وقال السراج، الذي تسلم دعوة لحضور الاجتماع المخصص لإطلاق خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، إن الاجتماع تناول احتياجات النازحين، وسبل تحسين أوضاع مراكز إيواء المهاجرين غير الشرعيين. بالإضافة إلى الأوضاع الإنسانية المستجدة، والناتجة عن تداعيات العدوان، وسبل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين.
لكن ذلك، لم يمنع المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين من الإعلان عن تفكيرها في أن تغلق «الأسبوع المقبل» مركزاً لعبور المهاجرين في طرابلس، تحول إلى «هدف» في «أسوأ بلد في العالم» لطالبي اللجوء.
وقالت المسؤولة في المفوضية كارولين غلاك في باريس إنه لم يتبق سوى 119 شخصاً في المركز، الذي «نتوقع إغلاقه الأسبوع المقبل»، وأضافت أنه «من غير الممكن الإبقاء على الأمور كما كانت لأن المركز أصبح هدفاً».
ميدانياً، تحدث المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة»، التابع للجيش الوطني، عن معارك وقتال بالرصاص الحي بين الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج في مدينة غريان جنوب العاصمة طرابلس. وقالت تقارير محلية إن مواجهات عنيفة اندلعت بشكل مفاجئ مساء أول من أمس بين كتيبة ثوار طرابلس، وميليشيات قوة الردع، وكلاهما تابع للحكومة التي التزمت الصمت، ولم تعلق على هذه التقارير.
وكانت القوات التابعة لحكومة السراج قد تمكنت في شهر يونيو (حزيران) الماضي من استعادة السيطرة على المدينة، بعد معارك عنيفة مع قوات الجيش الوطني، التي كانت تسيطر عليها، وتعتبرها قاعدتها الأمامية في الهجوم، الذي بدأته في الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي لتحرير العاصمة.
واتهمت قوات السراج «الجيش الوطني»، أمس، بخطف اثنين من شباب مصراتة وعاملاً أجنبياً أثناء عودتهم من عملهم في مدينة مصراتة، مشيرة في بيان لها إلى العثور على جثثهم بعد تصفيتهم ملقاة على قارعة الطريق في منطقة الشريدات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.