كرنفال البندقية ينزع عن «مليكة البحار» كآبتها باستعراضات ملوّنة

بعد الفيضانات التي غمرتها وأوقعت خسائر فادحة بالتراث الفني والمعماري

تبدأ الاحتفالات باستعراض تنكرّي كبير في ساحة القديس مرقس، من ثمّ تتوالى الاستعراضات كل يوم وتتخللها مسابقات في الأقنعة والأزياء التنكرية والملبوسات التقليدية (أ.ف.ب)
تبدأ الاحتفالات باستعراض تنكرّي كبير في ساحة القديس مرقس، من ثمّ تتوالى الاستعراضات كل يوم وتتخللها مسابقات في الأقنعة والأزياء التنكرية والملبوسات التقليدية (أ.ف.ب)
TT

كرنفال البندقية ينزع عن «مليكة البحار» كآبتها باستعراضات ملوّنة

تبدأ الاحتفالات باستعراض تنكرّي كبير في ساحة القديس مرقس، من ثمّ تتوالى الاستعراضات كل يوم وتتخللها مسابقات في الأقنعة والأزياء التنكرية والملبوسات التقليدية (أ.ف.ب)
تبدأ الاحتفالات باستعراض تنكرّي كبير في ساحة القديس مرقس، من ثمّ تتوالى الاستعراضات كل يوم وتتخللها مسابقات في الأقنعة والأزياء التنكرية والملبوسات التقليدية (أ.ف.ب)

ليس أفضل من الكرنفال واستعراضاته الملّونة لنزع رداء الكآبة عن جسد مدينة البندقيّة وإعادة البهجة إلى «مليكة البحار» التي منذ عقود ترزح تحت خطر الماء الذي بنت عليه مجدها وكان مصدر ثرائها الذي سخرّته لصناعة الجمال.
ولكرنفال هذه السنة نكهة خاصة بعد الفيضانات التاريخية التي غمرت المدنية مطلع الشتاء الماضي وأوقعت خسائر فادحة في التراث الفني والمعماري، وأعادت إلى الأذهان مخاطر الغرق النهائي الذي تعيش على كابوسه منذ عقود.
يعود تاريخ كرنفال البندقيّة إلى أواخر القرن الثالث عشر عندما كان مناسبة لسكّان المدينة يتحرّرون خلالها من الضوابط الاجتماعية الصارمة التي كانت تفرضها الحكومة، فيستسلمون للملذّات ويطلقون العنان لرغبة التنكّر والتبرّج الراسخة منذ القِدم عند الإنسان.
تقول الدراسات الأنثروبولوجية إنّ الأعياد التنكرية كانت معروفة وشائعة عند قدامى السومريين والمصريين، وإنّها كانت لازمة في حياة البذخ والإسراف يوم أصبحت الإمبراطورية الرومانية على أبواب سقوطها النهائي. لكنّ المعلومات الوحيدة الموثّقة عن نشأة أعياد الكرنفال كما نعرفها اليوم، تفيد بأنّ حاكم البندقية استجاب لنصيحة مستشاره الأول في عام 1296 ليكون للنبلاء والأرستقراطيين، في تلك الجمهورية التي كانت قد بلغت أوج مجدها وأصبحت القوة البحريّة الأولى في العالم، عيداً يجولون فيه بين عامّة الشعب فيتسقطّون أخبار المواطنين ويقفون منهم على حقيقة مشاعرهم وما يعتمل في المجتمع من منازع ومشكلات.
ومع مرور الوقت تطوّرت احتفالات الكرنفال، وراح الفنّانون يتنافسون على إلباس استعراضاته أجمل الحلل والابتكارات إلى أن بلغ شهرة واسعة وأصبح إحدى الوجهات السياحيّة المفضّلة لدى المسافرين الأوروبيين، وبخاصة منهم النبلاء والأثرياء والأدباء والفنّانون والرحّالة الذين كانت تجذبهم مفاتن البندقية وتراثها الفنّي الفريد.
حافظ كرنفال البندقيّة على رونقه وشهرته حتى أواخر القرن الثامن عشر إلى أن دخل نابوليون بونابارت إيطاليا وفرض سلطانه عليها، فأمر في عام 1796 بإلغاء احتفالات الكرنفال خشية أن يستغلّها أعداؤه لتدبير المؤامرات والاغتيالات، وبقيت محظورة رسمياً حتى عام 1979، رغم أنّ المواطنين كانوا قد استأنفوا الاحتفال بهذه الأعياد في عدد من المدن قبل ذلك بسنوات.
وفي مطلع الثمانينات من القرن الماضي قرّرت بلديّة البندقيّة إعلان الكرنفال عيداً رسميّاً، وخصّصت له ميزانية كبيرة بهدف استعادة بريقه السابق وطقوسه العريقة التي تميّزه عن احتفالات الكرنفال الأخرى التي كانت قد انتشرت في العديد من المدن الأوروبية والأميركية اللاتينية، لكنها كانت دون المستوى الرفيع الذي بلغه كرنفال البندقيّة في السابق.
في عام 1987، قرّرت منظمة اليونيسكو إدراج كرنفال البندقيّة على لائحة التراث العالمي، بعد أن أصبحت احتفالاته الحدث السنوي الأهمّ في المدينة ومقصداً لأعداد كبيرة من السيّاح ومسرحاً يتبارى عليه الفنّانون في استعادة الطقوس الاستعراضية القديمة والصناعات الحرفيّة التي اشتهرت بها البندقيّة مثل الأقنعة والأزياء التنكرّية. يستمرّ الكرنفال عشرة أيام تتزامن خواتيمها مع بداية فترة الصوم عند المسيحيين التي ينقطعون خلالها أربعين يوماً عن زفر الطعام، ومن هنا اشتقاق عبارة كرنفال التي تعني باللاتينية: وداعاً أيها اللحم!
تبدأ الاحتفالات باستعراض تنكرّي كبير في ساحة القديس مرقس، من ثمّ تتوالى الاستعراضات كل يوم وتتخللها مسابقات في الأقنعة والأزياء التنكرية والملبوسات التقليدية. وفي ثاني أيام الكرنفال تحتفل المدينة عند انتصاف النهار بِعيد «تحليق الملاك» الذي يستقطب جماهير غفيرة إلى ساحة الكاتدرائية المطلّة على البحيرة، وفي المساء يجري الاحتفال بعيد «المريمات» الذي يعود في تاريخه إلى قرار حاكم المدينة بتكريم 12 فتاة من «المليحات الفقيرات» كل سنة وتنكّر النبلاء والأثرياء بألبسة العامّة والفقراء. كما تشهد المدينة أيضاً خلال الكرنفال احتفالات موسيقية كل ليلة تُختتم في اليوم الأخير باحتفال «تحليق النسر» الذي ينذر بنهاية الأعياد وبداية الصوم.
وفي الليلة الأخيرة يخرج سكّان المدينة في مواكب تنكريّة مهيبة وينتشرون في شوارع المدينة وأزقتها الضيّقة وعلى مئات الجسور التي تربط بينها، ثم يتجمّعون في الساحات الفسيحة بينما تكون الأقنية مكتظّة بالقوارب النحيلة التي تتهادى عليها أحلام الذين يعرفون أنّ البندقيّة كانت وستبقى أقرب إلى الحلم منها إلى الواقع.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.