الهند تبنّت أساليب الطهي الفارسي شكراً لإمبراطورية المغول

أطباق اليوم عربون تقدير للتاريخ

البهارات سر النكهة في  المطبخ الهندي
البهارات سر النكهة في المطبخ الهندي
TT

الهند تبنّت أساليب الطهي الفارسي شكراً لإمبراطورية المغول

البهارات سر النكهة في  المطبخ الهندي
البهارات سر النكهة في المطبخ الهندي

بدأت إمبراطورية المغول، التي حكمت الهند لنحو 300 عام، عندما استولى مؤسسها بابور على دلهي في 1526، مما مهد لدخول فصل جديد في تاريخ الهند تم فيه جلب أساليب الطهي الموجودة الفارسية، وتلك الموجودة في آسيا الوسطى إلى الهند، وهو الأمر الذي أدى لوجود مجموعة متنوعة من الأطباق الهندية الشهية اليوم.
وقد كان المغول أصحاب ذوق فخم ورفيع، حيث كانوا يحبون الوصفات الغنية، والمعقدة، التي تضم مزيجاً لذيذاً من النكهات، والتوابل، والروائح، فالطبخ في المطابخ الملكية في ذلك الوقت كان بمثابة حالة عارمة من الألوان والنكهات، وغالباً ما كان يتم إضافة الحليب والقشدة واللبن الزبادي للكاري والمرق وذلك لجعلهم أكثر غنى، كما كان يتم تزيين الأطباق بالزهور الصالحة للأكل، والرقائق المصنوعة من المعادن الثمينة مثل الذهب والفضة.
وكان من المألوف أن يتشاور كبير الطهاة مع كبير الأطباء أثناء وضع قائمة الطعام الملكية، وذلك للتأكد من استخدام مكونات مفيدة على المستوى الطبي، فعلى سبيل المثال، كان يتم تغليف كل حبوب الأرز الذي يتم استخدامه لعمل أطباق البرياني بزيت يحتوي على الفضة، حيث كان يُعتقد أنه يساعد على الهضم كما كان يُستخدم كمنشط جنسي.
أما بالنسبة لمساهمات الأباطرة المغول أنفسهم، فقد أضاف كل منهم ذوقه في فصل خاص به، ولكن بابور، مؤسس الأسرة الحاكمة، هو مَن وضع الأساس، حيث إنه لم يجلب الجيوش فقط إلى الهند، ولكنه أيضاً جلب حنيناً هائلاً لطفولته التي قضاها في جبال أوزبكستان الصخرية، فلم يكن بابور من محبي الطعام الهندي، ولذا فقد كان يفضل مطبخ بلده في سمرقند، وخاصة الفواكه.
وتكشف الروايات التاريخية عن شيوع الطهي في ذلك الوقت في الأفران المدفونة في الأرض، حيث كان يتم دفن الأواني الفخارية المليئة بالأرز والبهارات وأي لحوم كانت متاحة، في حفر ساخنة وبعد اكتمال النضج كان يتم تقديمها للمحاربين، وكان طهاة بابور متمسكين، بشكل أساسي، في المقام الأول، بالحمية الغذائية المرتبطة بفترات الحرب، كما استخدموا تقنيات الشواء البسيطة التي استخدموا فيها بعض المكونات الهندية.
ومن المثير للاهتمام أن بابور قد قال، في سيرته الذاتية: «لا يوجد عنب، أو فواكه عالية الجودة، أو شمام أو رمان في الهند»، فلم يكن معجبا بالطعام الهندي المحلي، الذي كان يفتقر إلى البهارات والنكهات التي اعتاد عليها في مسقط رأسه في سمرقند، فقد كان يفتقد طعام فرغانة (وهو الإقليم الذي ولد فيه في آسيا الوسطى).
ولذا، فإن أول ما فعله كان إنشاء سلاسل لتوريد الطعام إلى الهند، والتي جلبت طعام أراضيه الأصلية إلى البلاد، وتقول الأسطورة إن بابور كان يبكي عند تذوق نكهة البطيخ الحلوة وذلك لأنها كانت بمثابة تذكرة مؤلمة له ببلاده التي يفتقدها.
وفي كتاب «الكاري: قصة طهاة وغزاة»، والذي صدر في 2006، كتب المؤرخ ليزي كولينغهام أنه «في نهاية حياته، اكتشف بابور أنه كان من الممكن زراعة العنب والبطيخ في الهند ولكن طعم البطيخ كان يجعله يشعر بالحنين إلى الوطن، وهو الأمر الذي كان يجعله يبكي».
وعندما طُرد نجل بابور، همايون، من الهند بواسطة الإمبراطور الهندي شير شاه صوري، فإنه لجأ إلى بلاد فارس، وعلى عكس والده، فقد كان الإمبراطور المغولي الثاني يوظف طهاة هنديين، والذين كانوا يقدمون له طبقاً من الأرز والبازلاء، وهو بمثابة النسخة الهندية من الكشري، وقد أدى ظهور المزيج الرائع من الأرز والبازلاء والزعفران إلى ولادة البرياني الهندي الذي يتم تناوله في أجزاء كثيرة من البلاد باعتباره جزءاً أساسياً من عادات الطعام الهندية.
وعند عودته إلى الهند، أحضر همايون عدداً كبيراً من الطهاة الفارسيين، الذين جلبوا إلى الهند أطباقاً تم تطويرها على مدى قرون، وبتعبير أدق، فقد كانت زوجته الإيرانية، حميدة، هي التي أدخلت استخدام الزعفران والفواكه المجففة في المطابخ الملكية خلال النصف الأول من القرن السادس عشر. وكان همايون مولعاً للغاية بمشروب «الشربات»، ولذلك فقد كان يتم تطعيم المشروبات في المطبخ الملكي بطعم الفواكه، وعلى هذا النحو، فقد كان يتم جلب الجليد من الجبال للحفاظ على هذه المشروبات باردة ولذيذة.
وقد تم ذكر الكثير من الوصفات التي تم استخدام كميات كبيرة من الزعفران فيها، في كتاب «Ain - i - Akbari»، الذي يتحدث عن حكم الإمبراطور المغولي الثالث، جلال الدين أكبر، من أبناء همايون، فقد قام المغول بزراعة هذه النباتات لتزويد الطهاة بالإمدادات الجاهزة، ويكتب كولينغهام: «أصبح الحلتيت شائعاً بين الأشخاص النباتيين في البلاد، فعندما يتم طهيه في الزيت، فإن مذاقه يصبح قريباً من مذاق الثوم، مما جعله بديلاً جيداً للبصل والثوم اللذين كانا يتم تجنبهما من قبل الهندوس المتدينين».
ومع ذلك، فإن المطبخ المغولي لم يبدأ في التطور بشكل حقيقي إلا خلال عهد الإمبراطور أكبر في الفترة بين (1555 - 1605)، فقد بدأ الأمر بفضل الكثير من الزيجات، حيث جاء طهاة من جميع أنحاء الهند وقاموا بدمج أساليب الطهي الخاصة بهم مع النكهات الفارسية.
والنتيجة كانت ظهور وجبات فريدة ومعقدة ولذيذة في المطبخ المغولي، فعلى سبيل المثال، هناك طبق مورغ موسلم الرائع، وهو عبارة عن دجاجة كاملة يتم تتبيلها بتوابل الماسلا، ثم حشوها بمزيج من التوابل واللحم المفروم والبيض المسلوق، ثم يتم طهيها لمدة طويلة للغاية، وهناك أيضاً طبق نافراتان كورما (أي الكاري المكون من تسع جواهر)، وهو طبق شهي محضر من تسع خضراوات مختلفة مغطاة بصلصة لذيذة مكونة من الكاجو والكريمة. كما أدخل الإمبراطور أكبر أيضاً النكهات المحلية في المطابخ الملكية، واختار أن يكون نباتياً عدة أيام في الشهر، وقد تضمنت قائمة الطعام المفضلة لأكبر الخضراوات الطازجة المزروعة في حدائق مطبخه الملكي، فضلاً عن أطباق محلية أخرى مكونة من الأرز.
وتماشيا مع الأفكار الملكية في الهند، فلم يكن الإمبراطور أكبر يستخدم سوى مياه نهر الغانغ للشرب، حيث يقول مؤرخ حكمه وصديقه، أبو الفضل، إنه كان حريصاً للغاية على أن تكون مياه الغانغ متوفرة دائماً في قصره، وأيضاً في رحلاته.
ومن المثير للاهتمام، أن أكبر كان نباتياً لمدة 3 أيام في الأسبوع، بل وقام بزراعة حديقة خاصة بالمطبخ الملكي، وذلك لضمان أن النباتات التي يتناولها يتم سقيها بعناية بماء الورد، بحيث تنبعث رائحة العطر من الخضار عند طهيه.
ويُعتقد أيضاً أن زوجة أكبر، جودا باي، هي مَن أدخلت الـpanchmel dal (عبارة عن 5 أنواع مختلفة من العدس مطبوخة معاً)، للمطبخ المغولي، وذلك إلى جانب مجموعة كبيرة من الأطباق النباتية الأخرى، وبحلول الوقت الذي تولى فيه شاه جاهان العرش، كان قد بات لدى المطبخ الملكي وصفة خاصة به من الـpanchmel dal. واستمر تطور المطبخ المغولي بشكل سريع في عهد جيهانكير، والذي كانت مقاليد الإمبراطورية حينها في قبضة زوجته العشرين، ميهرو نيسا (المعروفة باسم نور جهان)، فقد كانت شخصية قوية للغاية في البلاط الملكي، وكثيراً ما كان يتم إهداؤها أشياء فريدة من نوعها من قبل التجار الزائرين من دول أوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وهولندا. وقد استخدمت نور جهان، التي كانت فنانة بالفطرة، هذه الأشياء الفريدة لعمل نبيذ أسطوري، ولبن زبادي ملون بألوان قوس قزح، وأطباق مزينة بأشكال جميلة من طلاء مصنوع من مسحوق الأرز وقشور الفاكهة المسكرة.
ومع ذلك، فإن المطبخ المغولي لم يبلغ ذروته سوى في عهد الإمبراطور شاه جاهان، والذي أمر الطهاة في المطبخ الملكي بإضافة المزيد من التوابل مثل الكركم والكمون والكزبرة إلى الوصفات الملكية، وذلك لخصائصها الطبية الهائلة، ومن المثير للاهتمام، أن الأسطورة تقول إن الطهاة قد أضافوا أيضاً مسحوق الفلفل الأحمر لإبقاء الأرواح الشريرة بعيداً.
وتفسر أسطورة أخرى أصول طبق الـ«نيهاري»، وهو مرق اللحم الحار المطبوخ ببطء على مدى ليلة كاملة في وعاء كبير يسمى shab deg، بأنه قد ظهر بعدما اجتاحت الإنفلونزا العنيفة شاهن آباد، عاصمة المغول التي تسمى الآن دلهي القديمة، وحينها عمل الطبيب الملكي وكبير الطهاة معاً حتى توصلوا لهذه التوابل القوية التي يتم وضعها في الحساء للحفاظ على الجسم دافئاً ومحصناً ضد العدوى، فيما تُرجِع قصة شعبية أخرى أصول البرياني إلى ممتاز محل، وهي ملكة شاه جاهان الجميلة التي ألهمته لبناء تاج محل، حيث يقال إن ممتاز قد زارت ثكنات الجيش في أحد الأيام ووجدت أن جنود المغول يبدون ضعفاء ويعانون من سوء التغذية، وحينها طلبت من الطاهي إعداد طبق خاص يجمع بين اللحم والأرز وذلك لتوفير التغذية المتوازنة للجنود، وكانت النتيجة هي طبق البرياني. وكان الأباطرة المغول يبهرون الحكام، والنبلاء، والضيوف الأجانب، وكبار الشخصيات الذين كانوا يجلسون على موائدهم، فقد كانت قائمة الطعام، التي يقوم بوضعها الحكيم (الطبيب الملكي)، تتكون من نحو 100 طبق، وكان يعد كل طبق منهم طباخ واحد، وكان الضيوف يأكلون على الأرض، فوق السجاد الفاخر المغطى بقماش أبيض، وكان الطبق الأساسي الذي يتم وضعه في منتصف الوليمة هو البيلاف (طبق مكون من الأرز المطبوخ بالسمن والتوابل واللحوم)، وذلك بجانب مجموعة كبيرة من الطيور والأسماك ولحم الضأن ولحم الغزال ولحم البقر المطبوخ بأشكال مختلفة، وبعد تناول الوجبات، فإنهم كانوا يغسلون أيديهم بالماء المعطر الذي يتم سكبه من الأباريق بواسطة الخدم.
أما في الأيام العادية، فقد كان الإمبراطور يتناول وجباته مع ملكاته، ولم تكن وجبات الطعام اليومية أقل سخاء من الوجبات التي كان يتم تقديمها في الولائم، كما كان المغول يتبعون العرف الهندي في ذلك الوقت من خلال بدء وجباتهم بتناول المخللات والزنجبيل الطازج والليمون، كما أنهم كانوا ينهون الوجبات بمضغ التنبول، ولكنهم أضافوا إلى العرف الهندي تقليد تناول الحلويات، أي تناول شيء حلو في نهاية الوجبة، وليس في البداية أو في الوسط. وبحلول الوقت الذي تم فيه إسقاط الإمبراطور المغولي الأخير من قبل البريطانيين في 1858، كانت هندوستان تم تغيرت إلى الأبد، فقد تركت القرون الثلاثة لحكم المغول إرثاً مستمراً من فنون الطهي، والذي غير شكل المطبخ الهندي بشكل كامل.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.