استقالة وزير الخزانة البريطاني ساجد جاويد أمس الخميس في نفس اليوم الذي بدأ فيه رئيس الوزراء بوريس جونسون إدخال تعديلات على حكومته، الأمر الذي اعتبر ضربة لمساعيه الهادفة إلى ضخ دماء جديدة في إدارته لفترة ما بعد بريكست، خصوصا أن جاويد اعتبر من أشد المتحمسين لخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، ومن أكثر المقربين لجونسون. ويأمل رئيس الوزراء تعيين فريق ينفذ رؤيته لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويحل الانقسامات سواء داخل حزب المحافظين أو في الدولة ككل.
وينحدر جاويد من أصول آسيوية، وجاءت استقالته قبل أسابيع قليلة من موعد عرض الموازنة السنوية، بعد أن حاول جونسون استخدام عملية إعادة تنظيم الحكومة ليتخلص من عدد من مساعديه، بحسب مصدر مقرب من الوزير المستقيل.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن المصدر قوله، إن جاويد استقال لأنه رفض قبول طلب جونسون له بفصل مستشاريه كشرط للبقاء في منصبه.
وكان جاويد تولى منصبه في شهر يوليو (تموز) الماضي، بعد أن استقال سلفه فيليب هاموند لدى تولي جونسون رئاسة مجلس الوزراء.
وقال مصدر آخر قريب من جاويد إن «رئيس الوزراء قال إنه اضطر إلى إقالة جميع مستشاريه الخاصين واستبدالهم من خلال مستشاري الحكومة الخاصين لتشكيل فريق واحد... إلا أن الوزير قال إنه لا يمكن لوزير يحترم نفسه أن يقبل بهذه الشروط». وفور استقالته عُيّن آسيوي آخر خلفا له، وهو نائبه ريشي سوناك (39 عاما) المصرفي السابق والمؤيد لبريكست والذي يعتبر مقربا من الحكومة. وصرح مسؤول بمكتب رئيس الوزراء بأن جونسون يرغب في ضم كفاءات جديدة، خاصة من النساء، إلى قائمة وزراء الدولة في حين سيكافئ أنصاره المخلصين الذين ساعدوه على الفوز بأغلبية كبيرة في انتخابات العام الماضي. وقال المصدر «رئيس الوزراء يريد أن يرسي تعديله الوزاري الأسس لحكومة اليوم والغد». وأضاف «يريد أن يقدم جيلا من الكفاءات سيترقى في السنوات المقبلة، وسيكافئ أعضاء البرلمان الذين عملوا جاهدين على تنفيذ أولويات حكومته للنهوض بالبلاد بأكملها وتحقيق التغيير الذي أيده الناس العام الماضي».
وبدأ التعديل بعزل جوليان سميث وزير شؤون آيرلندا الشمالية الذي توسط قبل شهر واحد فقط في عودة حكومة محلية إلى آيرلندا الشمالية بعد ثلاث سنوات من انهيار اتفاق لاقتسام السلطة. وساعد جوليان سميث على إنهاء الفراغ السياسي في آيرلندا الشمالية عبر إقناع الحزبين الرئيسيين بالعودة إلى حكومة تقاسم السلطة الشهر الماضي. ولم يكن في المقاطعة البريطانية حكومة منذ الخلاف بين حزبي «شين فين» والديمقراطي الوحدوي في يناير (كانون الثاني) 2017.
وأشاد الكثيرون وعلى رأسهم رئيس وزراء آيرلندا ليو فرادكار بجهود سميث وقال إنه «واحد من أفضل السياسيين في تاريخ بريطانيا». غير أن صحيفة «تايمز» قالت إن جونسون «صُدم» بالاتفاق لأنه اشتمل على تحقيق في جرائم يشتبه بأن جنودا بريطانيين ارتكبوها خلال عقود من العنف المذهبي في آيرلندا خلال ما يسمى فترة «الاضطرابات».
لكن استقالة جاويد تشكل تحدياً لسلطة جونسون، في الوقت الذي يبدو فيه في أقوى أوضاعه. وتراجع الجنيه الإسترليني لفترة وجيزة بعد نبأ استقالة جاويد، إلا أنه عاود الانتعاش بعد أن قال محللون إن الوزير الجديد يمكن أن يفتح الطريق لمزيد من الإنفاق العام والنمو. ويبدو أن سوناك أكثر انسجاما مع جونسون من سلفه في دعم تليين السياسة المالية، بحسب ما قال بول داليس كبير خبراء الاقتصاد في «كابيتال إيكونوميكس»، لوكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح «يبدو أن هذه الخطوة تهدف للسماح للحكومة بزيادة الاستثمارات العامة بشكل أكبر وربما إنعاش الخفض الضريبي الذي توقف في السابق».
وعقب انتصاره الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول)، وفي جونسون بوعده بإخراج بلاده من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير، إلا أن مستقبل علاقات بلاده بالاتحاد لا تزال غير واضحة.
من جانبه، قال جون ماكدونيل وزير الخزانة بحكومة الظل العمالية «إنه سجل تاريخي. حكومة فوضى في غضون أسابيع من إجراء الانتخابات في ديسمبر».
كما خرجت من الحكومة وزيرة الأعمال أندريا ليدسون، ووزيرة البيئة تيريزا فيليس والمدعي العام جفري كوكس. إلا أن وزير الخارجية دومينيك راب ونائب جونسون مايكل غوف، بقيا في منصبيهما.
وكان جونسون امتنع عن إجراء تغيير حكومي فور فوزه في انتخابات ديسمبر واختار الانتظار إلى حين خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي. وبعد سنوات من الاضطرابات السياسية التي تسبب بها بريكست، يريد جونسون التركيز هذا العام على قضايا داخلية بينها الاستثمار في قوة الشرطة والرعاية الصحية والبنى التحتية.
وعين جونسون وزير المساعدات السابق ألوك شارما وزيرا للطاقة مسؤولا عن قمة المناخ الأممية، التي ستعقد في مدينة غلاسكو الاسكوتلندية في نوفمبر (تشرين الثاني). وأقيلت المسؤولة السابقة كلير أونيل الشهر الماضي. وردت بهجوم قاس على قيادتها محذرة من أن التخطيط للقمة «خاطئ تماما».
كذلك تسبب تنظيم المؤتمر المناخي الدولي المقبل بتوترات بين لندن ورئيسة الوزراء الاسكوتلندية نيكولا ستيرجن الناشطة في سبيل استقلال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.
ورغم الالتزام بعقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقبل في غلاسكو، تدرس الحكومة على سبيل الاحتياط موقعا يمكن أن يستضيفه في لندن، وفق رئاسة الوزراء البريطانية. وقال متحدث باسم جونسون إن «الحكومة الاسكوتلندية يجب أن تعمل معنا لضمان نجاح هذه القمة». وردت رئيسة الوزراء الاسكوتلندية بأن الحكومتين تتعاونان بصورة جيدة، متهمة بوريس جونسون بالقيام بـ«مناورة سياسية».
حكومة بريطانية «فتية» لمرحلة «ما بعد بريكست»
وزير الخزانة يستقيل رفضاً لتدخلات جونسون بطاقمه
حكومة بريطانية «فتية» لمرحلة «ما بعد بريكست»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة