«ميونيخ للأمن» بين تحديات دولية مشتركة وانقسامات الحلفاء

TT

«ميونيخ للأمن» بين تحديات دولية مشتركة وانقسامات الحلفاء

في كل عام، منتصف فبراير (شباط)، تتحول عاصمة بافاريا إلى خلية دولية وأمنية تجمع مئات من صانعي القرار والخبراء في مجال الأمن. يلتقون كلهم تحت مظلة «مؤتمر ميونيخ للأمن» الذي تحول إلى حدث سنوي هو الأكبر من نوعه. لكن هذا المؤتمر الذي انطلق قبل 57 عاماً، شهد تغيرات كثيرة في الشكل والمضمون منذ العام 1963.
حينها تأسس في خضم الحرب الباردة بهدف مناقشة التحديات العسكرية بين الدول الغربية عبر الأطلسي. وكان يجمع بشكل أساسي القادة الألمان مع مسؤولين من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومسؤولين عسكريين أميركيين.
هذا التجمع الذي بدأ صغيراً، ولم يضم أكثر من 60 ممثلاً في سنواته الأولى، وكان يعرف بلقاء «لم شمل الأسرة الغربية»، تحول في السنوات الأخيرة الماضية إلى لقاء دولي، لا يجمع الحلفاء الغربيين فقط، بل ممثلين عن الاقتصادات الصاعدة والدول التي تمثل تحدياً أمنياً للعالم.
وفي السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، لم يعد لقاء للحلفاء الغربيين لمناقشة تحديات مشتركة، بقدر ما بات مكاناً لعرض الانقسامات الكثيرة بين الحلفاء الغربيين عبر الأطلسي. فالعام الماضي، لم يتردد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في انتقاد الأوروبيين لعدم مشاطرهم الولايات المتحدة العبء في الحفاظ على الأمن العالمي، بسبب عدم دفع مستحقاتهم المادية لحلف الناتو. وفجّر كذلك حينها باتريك شاناهان، الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، مفاجأة خلال اجتماع عقد على هامش المؤتمر لدول التحالف ضد «داعش»، عندما دعا الأوروبيين لزيادة مساهماتهم العسكرية لملء الفراغ الذي سيخلف انسحاب القوات الأميركية من سوريا.
أثارت حينها تصريحاته لغطاً وغضباً لدى الأوروبيين الذين قالوا إن الكلام جاءهم على غفلة، ولم تتشاور معهم واشنطن مسبقاً بأنه تسعى للانسحاب من سوريا. تراجع حينها البنتاغون، وتحدث عن إعادة تموضع لا انسحاب، ليعوض البيت الأبيض ويعلن قبل بضعة أشهر أن القرار اتخذ فعلاً بالانسحاب. وهذا العام قد لا يختلف الحال كثيراً.
ففي اليوم الأول للمؤتمر، ينعقد اجتماع آخر للتحالف ضد «داعش» لمناقشة التحديات أمام مستقبل هذا التحالف بعد إعادة التموضع الأميركي وبعد تصويت البرلمان العراقي على طرد القوات الأجنبية من أراضيه. ورغم مشاركة الأوروبيين في هذا التحالف، فإن العبء الأكبر يقع على الأميركيين، فيما تقدم ألمانيا مجرد مساعدة تقنية وتدريبية لصعوبة مشاركتها بقوات عسكرية على الأرض في الخارج لأسباب تاريخية. لكن هذه الحجة يبدو أنها لم تعد مقبولة لدى واشنطن التي تتهم ألمانيا بالتحجج بتاريخها للتهرب من مشاركة المسؤوليات الدولية.
هذه الفروقات التي باتت واضحة في السنوات الأخيرة في المؤتمر، اعترف بها القيمون عليه. وجاء في التقرير السنوي الذي يصدر قبيل انطلاق المؤتمر كثمرة للنقاش، أنه «فيما كان مؤتمر ميونيخ للأمن تقليدياً مكاناً لتنسيق السياسات الغربية، ففي السنوات الماضية، تحول إلى التركيز على الانقسامات الغربية». والخلافات هي فعلاً كثيرة، تبدأ بالتعاطي مع إيران، مروراً بالإنفاق على حلف الناتو، ووصولاً إلى خطة أنبوب الغاز «نورد ستريم 2» الذي يصل روسيا بألمانيا مباشرة، والسماح لشركة «هواوي» الصينية ببناء شبكة «جي 5» في أوروبا.
ومثلما لم يتردد بنس العام الماضي بانتقاد أوروبا، لم تتردد كذلك المستشارة أنجيلا ميركل بانتقاد واشنطن بسبب نيتها الانسحاب من سوريا. وجاء في التقرير السنوي للمؤتمر هذا العام أنه بعد الاستماع لميركل وبنس العام الماضي، بدا وكأن الحاضرين في قاعة فندق بايريشر هوف (حيث ينعقد المؤتمر) «ينتمون لعالمين مختلفين»، وسادت انطباع «بأنه ليس هناك تفاهم مشترك لما يمثله الغرب».
ويناقش التقرير بأن الخطر الأكبر على حلف الناتو الذي «يعرف أحياناً بالأداة التنفيذية للغرب، ليس صعود قوى أخرى، ولا عدم الاستقرار في دول الجوار، بل التوجهات المعادية لليبرالية، الهوية الغربية المشتركة». ويشير هنا إلى صعود القوميين في بعض الدول الغربية، الذين يعتقدون «أن الغرب اليوم مهدد من (الغرباء) الذين يحملون معتقدات دينية مختلفة، ويأتون من خلفيات ثقافية مغايرة». ويناقش التقرير بأن هذا «الفهم لقيم الغرب يناقض مفهوم الانفتاح والليبرالية» التي يتميز بها أصلاً. ويرى التقرير أن خطر اليمين المتطرف «لم يلقِ الاهتمام اللازم» من العالم، بينما صبت كل الجهود على مواجهة التطرف بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول).
ويتحدث التقرير كذلك عن ضعف السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، «رغم أن المفاوضات الإيجابية الجارية تثبت أن أعضاءه ما زالوا قادرين على الحديث بصوت واحد». ويذكر التقرير تحديات جديدة ستجعل من الصعب على الدول الغربية التدخل في مناطق النزاع، بحسب مبدأ «الحق في الحماية» الذي ظهر نتيجة عدد من المجازر التي حصلت في بدايات الحرب الباردة، ويمنح الدول الغربية حق التدخل العسكري في الدول لحماية المدنيين. ويذكر من التحديات توسع النفوذ الروسي في المنطقة، والتكنولوجيا الروسية والصينية التي باتت «في بعض الأحيان تفوق التكنولوجيا التي تتمتع بها دول حلف الناتو».
ويخلص التقرير أنه في وقت «ينحدر فيه الغرب وتصعد فيه دول غير غربية، من المهم جداً أكثر من أي وقت مضى أن تكون هناك استراتيجية غربية موحدة» لمواجهة التحديات الجديدة.



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.