حديقة التجارب في الجزائر متحف طبيعي لنباتات من مختلف المناخات

الحديقة الفرنسية في حديقة التجارب بالجزائر
الحديقة الفرنسية في حديقة التجارب بالجزائر
TT

حديقة التجارب في الجزائر متحف طبيعي لنباتات من مختلف المناخات

الحديقة الفرنسية في حديقة التجارب بالجزائر
الحديقة الفرنسية في حديقة التجارب بالجزائر

لا أحد كشف، حتى اليوم، سرَ مناخ حديقة التجارب العلمية العامة، الواقعة وسط الجزائر العاصمة، السر في درجة الحرارة داخلها لا تنخفض شتاء عن 15 درجة، ولا ترتفع صيفا عن 25 درجة، في حين تكون بالعاصمة 6 درجات شتاء و38 صيفا، ويشعر زوار الحديقة بالفرق الحراري داخلها عن خارجها. هذه الظاهرة المناخية توصف «بالمعجزة الإلهية» حسب الدكتور فيصل حفاصي مدير سابق لحديقة التجارب، وحسب رأيه، يفسر تأقلم نباتات وأشجار الحديقة من مناخات متنوعة في هذا المناخ المتميز.
تُعدُ حديقة التجارب متحفا طبيعيا لنباتات من مختلف مناخات العالم، تحتوي على 2500 نوع من النباتات، وأكثر من 25 نوعا من أشجار النخيل، فهي «مكتبة نباتية عالمية» نظرا لثرائها بأنواع نباتات استوائية وشبه استوائية ومعتدلة، جاءت من أفريقيا، وآسيا، والأميركتين وحوض المتوسط ومناطق أخرى من العالم. تبلغ مساحة حديقة التجارب حاليا 32 هكتارا، تقع في حي محمد بلوزداد الشعبي، يحدها من الشمال خليج الجزائر في البحر الأبيض المتوسط، تبعد عن البحر 200 متر فقط، يفضي بابها الشمالي إلى شارع حسيبة بن بوعلي إحدى شهيدات الثورة الجزائرية، ويحدها من الجنوب مرتفع جبلي بأشجار معمرة، يحميها من الرياح الشديدة، كانت متصلة بهذا الجبل الغابي عند إنشائها عام 1832، كانت مساحتها آنذاك 100 هكتار، لكن التوسع العمراني بالمنطقة قلّص مساحتها لتصبح 32 هكتارا مغلقة بسياج قضبان حديدية، في داخلها حديقة حيوانات تقتطع منها 1 هكتار، هي أول حديقة حيوانات في أفريقيا أسسها جوزيف دونغ وزوجته عام 1900، فيها 87 نوعا من الحيوانات، بعضها معمرة، كالنسر الأميركي آكتور مات عن عمر 110 سنوات، وأنثى تمساح ماتت وعمرها 99 عاما. الباب الجنوبي للحديقة يفضي إلى شارع محمد بلوزداد (أحد آباء الثورة الجزائرية)، يخترف حي البلكور الشعبي من وسط العاصمة.
من محتويات حديقة التجارب حديثا: مدرسة البستنة، ومدرسة البيئة، ومختبر زراعي لاستنبات البذور وتشبيب (تجديد) الأشجار المعمرة، وقد بلغ عمر بعضها زهاء 180 عاما، لأنها غرست كبيرة، وأيضا فيها غرف زجاجية لاستنبات بذور وشتول النباتات والورد، لتعرض للبيع في معرض الزهور السنوي داخل الحديقة.
- تصميم الحديقة
فيها ثلاثة ممرات رئيسية، تعبرها من الشمال إلى الجنوب، ممر أشجار التنين، أو دراسينا «Dracaena»، وممر أشجار كيكوس «Cicos»، وممر أشجار الخيزران أو البامبو «Bamboo» العملاقة، غرست تلك الأشجار عام 1847. يتفرع عن الممرات الرئيسية أحد عشر ممرا ثانويا، بعضها يصل بين حديقتين على الطراز الفرنسي غربا والأخرى طرازها إنجليزي شرقا، تتناظران في المقطع الجنوبي للحديقة، تم إنشاؤهما عام 1914 بعد مسابقة لتنسيق الحدائق النباتية، وفاز بالمسابقة مهندسان روني صمم الحديقة الفرنسية، والمهندس غيون صمم الحديقة الإنجليزية.
- الحديقة الفرنسية
تشبه في تصميمها حدائق قصر فرساي، تتميز بتناظر أشجارها، فالداخل من الباب الجنوبي ينبهر بممر الحديقة الفرنسية يطل على البحر، وعلى جتنبية أشجار النخيل المروحي «واشنطونيا» وفي وسط الممر نافورة كبيرة، بعدها «مرآة مائية» تعكس أشجار الحديقة الباسقة، وبجوارها مساكب الورد، منسقة تنسيقا جميلا بتدرج يظهر جميع الأزهار كبيرها وصغيرها الملتحف بعشب الأرض. وتتفرع على جانبيها ممرات صغيرة معبدة، وانتشرت على جانبيها مقاعد رخامية للزائرين.
- الحديقة الإنجليزية
تحافظ على عذرية الطبيعة، أشجارها عملاقة استوائية وشبه استوائية، وممراتها ملتوية ترابية طبيعية، وتتميز بالظل والرطوبة، تشبه الأدغال، اشتهرت بأشجار فيكوس Fecos العملاقة، أكبرها حجما شجرة «طرزان» الشهيرة، يُقدر قطر جذعها نحو مترين، تظلل مساحة لا تقل عن 50 مترا مربعا، في هذه الشجرة تم تصوير فيلم طرزان عام 1930. ما يميز الحديقة الإنجليزية مجموعة التماثيل للنحات الفرنسي إيميل غوديتار، كان يعشق منطقة ولاد نايل في الشرق الجزائري، فأرخ تراث المنطقة بتماثيله الجميلة. ومنحوتة راقصتين بزي نساء ولاد نايل، متشابكتي الأيدي، وتمثال المرأة النايلية بلباسها التقليدي تربط عصابة الرأس «القنور»، وتمثال عازف الناي، بالقشابية النائلية. حسب التأريخ على قاعدة تلك التماثيل كانت عام 1932.
في الحديقة الإنجليزية جزيرة صغيرة طبيعية، تغطيها أشجار كبيرة، وحولها ينابيع طبيعية تنبجس بين الصخور، تشكل حوضا مائيا حولها، تلعب فيه أسماك الزينة متوهجة بألوانها الزاهية. فوقه جسر خشبي يصل الجزيرة بيابسة الحديقة. تلك الجزيرة يتوقف عندها الأطفال طويلا مع ذويهم، تشدهم أسماك الزينة.
- مشاهير زاروا حديقة التجارب
حديقة التجارب ذاع صيتها في القرن الثامن عشر، وتعد ثالث أقدم حديقة في العالم، واحتلت المرتبة الخامسة لتنوعها النباتي، هذا فضلا عن جمال موقعها الساحر بين الجبل والبحر، ومناخها المتميز باعتداله صيفا شتاء. كارل ماركس صاحب كتاب رأس المال زار الحديقة خلال زيارته للجزائر للعلاج من التهاب الجهاز التنفسي، نصحه بذلك صديقه فريدريك أنجلز، كان ذلك في 20 فبراير (شباط) 1882، قبل عام من وفاته.
ألبير كامو، فيلسوف وروائي فرنسي - جزائري، ولد في قرية الذرعان بولاية قسنطينة، زار الحديقة خلال دراسته بجامعة الجزائر. وزار الحديقة رسامون من أوروبا وآسيا وأميركا، كانوا شغوفين برسم مناظر الطبيعة، والجزائر طبيعتها ساحرة بغاباتها البكر، وصحرائها الشاسعة، وجبالها الغابية، وشواطئها الذهبية بطول 1200 كم، لكن تلك الزيارات غير موثقة في سجل زوار حديقة التجارب.
- أمن الحديقة والوصول إليها
يسهر على نظام الحديقة زهاء 90 عامل أمن، يحرسونها منذ افتتاحها بالعاشرة صباحا وحتى إغلاقها مساء (الخامسة شتاء والسابعة صيفا). تتوفر المواصلات للحديقة، مترو الأنفاق «محطة جاردن ديسي» أمام الباب الجنوبي، حيث تلفريك إلى مقام الشهيد أعالي العاصمة، ومحطة حافلات عند البابين الشمالي والجنوبي. يقدر عدد الزوار بمليوني زائر سنويا، لكن الحراك السلمي الذي انطلق يوم الجمعة في 22 فبراير 2019 انعكس على تراجع عدد زوار الحديقة.
- ثالث أقدم حديقة نباتية في العالم
رغم شهرة حديقة التجارب عالميا كثالث حديقة تاريخية ومكتبة نباتية عالمية بعد الحديقة البريطانية والحديقة الأميركية، فإنها لم تصنف حتى اليوم بين حدائق العالم في الشبكة العالمية للحدائق النباتية، وقالت نائب رئيس للحدائق النباتية لفرنسا والبلدان الفرنكفونية مايتي ديلماس الخبيرة الدولية في الحدائق النباتية خلال زيارتها للجزائر قبل عامين بمناسبة (الاستراتيجية العالمية للتنوع البيولوجي لغاية 2030) إن «حديقة التجارب تتوفر على جميع المعايير اللازمة لتصنيفها حديقة عالمية»، وينبغي أن تُصنف «وطنيا» لتسهيل تصنيفها في الشبكة العالمية للحدائق النباتية، وترى أنه بالإمكان لحديقة التجارب أن تلعب دورا مهما نظرا لموروثها التاريخي في تأسيس «شبكة إقليمية للحدائق النباتية في شمال أفريقيا», لتبادل الخبرات بين الدول المجاورة، ونشر ثقافة حماية البيئة والمحافظة على النباتات في كل دول العالم.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».