الأزمة التركية - السورية مؤشر لمخاطر في الشرق الأوسط بعد خروج أميركا

بوتين يصافح إردوغان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - رويترز)
بوتين يصافح إردوغان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - رويترز)
TT

الأزمة التركية - السورية مؤشر لمخاطر في الشرق الأوسط بعد خروج أميركا

بوتين يصافح إردوغان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - رويترز)
بوتين يصافح إردوغان في مؤتمر صحافي (أرشيفية - رويترز)

ما الذي يمكن أن يثبت أن صراعاً إقليمياً جديداً يتصاعد سريعاً في بعض مناطق سوريا التي تطلق عليها الحكومة «مناطق خفض التصعيد»؟
قبل بضعة أشهر فحسب بدا أن أنصار هذه المناطق، تركيا من جانب والحكومة السورية وداعموها الروس في الجانب الآخر، على استعداد لصياغة تحالف جديد. وبدلاً من ذلك عمد كل طرف إلى قتل جنود الطرف الآخر وأمسك كل بتلابيب الآخر.
ويعكس هذا الفصل الجديد في الحرب السورية صورة أوسع نطاقاً بكثير في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. ففي الوقت الذي تتقهقر فيه الولايات المتحدة وتفقد اهتمامها يتصاعد تعقيد الصراع الإقليمي بوتيرة سريعة، بحسب تحليل نشره بيتر آبس بوكالة «رويترز» للأنباء.
وفي سوريا وليبيا واليمن، بل وفي العراق وغيره أيضاً، يتزايد انخراط قوى إقليمية في منافسات تأخذ بعداً دموياً في بعض الأحيان وتستقطب موارد أكثر في سعيها لكي تكون لها اليد العليا.
ولم يكن ذلك أكثر وضوحاً منه حول مدينتي حلب وإدلب السوريتين هذا الشهر. فالقوات السورية المدعومة بالقوة الجوية الروسية تأمل بكل وضوح سحق آخر معاقل المقاومة لدى المعارضة وقد فتحت طرق الإمداد في مختلف أنحاء البلاد وكذلك الطرق المؤدية إلى العاصمة دمشق.
غير أن تركيا تعمل الآن على الدفع بقواتها إلى المنطقة بعد أن ثار غضبها لمقتل 13 من جنودها في قصف سوري في الأيام العشرة الأخيرة.
ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 650 عربة عسكرية تركية على الأقل من بينها دبابات عبرت الحدود إلى الأراضي السورية منذ الثاني من فبراير (شباط) الجاري ليصل حجم الوجود العسكري التركي في البلاد إلى قرابة 6500 جندي.
ويوم الاثنين قال المرصد إن القوات التركية أسقطت طائرة هليكوبتر هجومية سورية، مما أسفر عن مقتل طاقمها المكون من ثلاثة أفراد، وفي الوقت نفسه ترددت أنباء عن ضربات جوية روسية قرب طابور عسكري تركي جديد وهو يدخل الأراضي السورية.
* تحد
يوم الثلاثاء اتخذ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وضع التحدي فحذر من أن أنقرة ستشن عمليات عسكرية في كل أنحاء سوريا إذا ما سقط قتلى أو جرحى آخرون من رجالها.
غير أن هذه المواجهة لها أثر مدمر على ما كان حتى وقت قريب واحداً من الأولويات الدبلوماسية عند إردوغان وهو التقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ففي العام الماضي، ورغم احتجاجات الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، تسلمت تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي الحديث «إس - 400» كما ترددت أنباء عن شراء أنقرة مقاتلات روسية بعد أن أوقفت الولايات المتحدة مشاركة تركيا في برنامج المقاتلة الهجومية إف - 35.
وتمثل إمكانية خروج هذه الشراكة سالمة من الأحداث الجارية في سوريا سؤالاً مختلفاً. فمنذ 2015 علقت موسكو الكثير على أكبر تدخل عسكري من جانبها خارج حدودها منذ الحرب الباردة.
وعقد بوتين ومسؤولون كبار آخرون لقاءات بانتظام مع إردوغان والأسد اللذين كانا في وقت من الأوقات حليفين قبل أن تسوء العلاقات بينهما في بداية «الربيع العربي».
وقلبت تداعيات تلك الاحتجاجات والانتفاضات التي بدأت قبل نحو عشر سنوات في تونس علاقات إقليمية متعددة رأساً على عقب.
وفي حقيقة الأمر، يسلّم حتى من عملوا في إدارة أوباما بأن الولايات المتحدة لم يكن لها فعلياً سياسة متماسكة في سوريا لكن من الواضح أن إدارة ترمب لا تبدي اهتماماً يذكر بسوريا.
وكان قرار الرئيس دونالد ترمب المفاجئ سحب قواته من سوريا والتخلي عن الحلفاء الأكراد السوريين إيذاناً بالتدخل العسكري التركي. وأثار ذلك القرار علامات استفهام كبيرة في المنطقة بأسرها حول النفوذ الأميركي.
كذلك لا يوجد أي اتجاه واضح لسياسة غربية فيما يتعلق بأخطر الصراعات الأخرى في المنطقة في اليمن وليبيا. فقد ازداد الصراع دموية وبات أكثر تعقيداً في هذين البلدين وأصبح له تداعياته على المنطقة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».