«بعلم الوصول» يفتتح الدورة الرابعة من مهرجان أسوان لأفلام المرأة

نيللي كريم: يوسف شاهين لم يكن يرهق الممثلين بساعات تصوير طويلة

TT

«بعلم الوصول» يفتتح الدورة الرابعة من مهرجان أسوان لأفلام المرأة

افتتح الفيلم المصري «بعلم الوصول» فعاليات الدورة الرابعة من «مهرجان أسوان السينمائي الدّولي لأفلام المرأة»، في مدينة أسوان (جنوب مصر)، وسط حضور عدد كبير من الفنانين والسينمائيين والمسؤولين المصريين. عرض «بعلم الوصول» بطولة بسمة، وإنتاج محمد حفظي، وإخراج هشام صقر، في مهرجان أسوان هو العرض الأول له في مصر، بعد عرضه بالدورة الأخيرة لمهرجان تورونتو في كندا، ويسرد الفيلم قصة سيدة تصاب باضطراب نفسي، بعد وفاة والدها، ودخول زوجها السجن، بالإضافة إلى أزمات والدتها وشقيقتها المراهقة، وطفلتها الرضيعة.
وشهد حفل الافتتاح مساء أول من أمس، تكريم الفنانة المصرية نيللي كريم في أول ظهور لها بعد الجراحة التي أجرتها أخيراً بالولايات المتحدة الأميركية لإزالة ورم من وجهها، وظهرت نيللي أمام الجمهور في كامل تألقها ورشاقتها، قبل أن يمنحها محافظ أسوان اللواء أشرف عطية، درع المهرجان، وعبّرت نيللي عن سعادتها بهذا التكريم قائلة: «لطالما تمنيت تكريماً مثل هذا لكن سعادتي تضاعفت بتكريمي، مع الفنانة القديرة رجاء الجداوي، ود.ميرفت التلاوي، والنجمة الإسبانية فيكتوريا أبرل»، وأهدت نيللي جائزتها إلى «كل النساء التي عبّرت عنهن في أفلامها وجسّدت شخصيات قريبة منهن، وأولهن والدتها»، كما تم تكريم الفنانة الكبيرة رجاء الجداوي، عن مشوارها الفني، وكادت تبكي وهي تتسلم الجائزة قائلة: «أعجز عن التعبير عما أشعر به في هذه اللحظة، وأرغب في البكاء لهذا التقدير عن مشوار طويل بدأ عام 1959، حينما ظهرت لأول مرة في فيلم (دعاء الكروان)، وبهذا التكريم أشعر أنني قدمت ما يجعلني أشعر بالفخر».
فيما قالت النجمة العالمية فيكتوريا أبرل: «أنا سعيدة جداً بتكريمي في مصر، أحب الدول إلى قلبي مصر، وفي مدينة أسوان الساحرة».
واستحدث المهرجان في دورته الجارية، جائزة تقديرية في مجال قضايا المرأة، تحمل اسم جائزة «نوت للإنجاز». وقال رئيس المهرجان محمد عبد الخالق، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه الجائزة تحمل صبغة دولية، وتُمنح للنساء الملهمات اللاتي واجهن التحديات بشجاعة، وقدمن إنجازاً في مجال تخصصهن»، مشيراً إلى أنّ مجال تفوقهن ليس بالضرورة أن يكون فنياً، وقُدّمت الجائزة هذا العام للسفيرة ميرفت التلاوي، الأمين العام الأسبق للمجلس القومي للمرأة، نظراً إلى إسهاماتها الكبيرة في مجال قضايا المرأة على المستويين الدولي والمحلي.
ويشارك في الدورة الرابعة من المهرجان 50 فيلماً بمسابقتي الأفلام القصيرة، والطويلة، من بينها فيلمان عُرضا عالمياً لأول مرة، إلى جانب 18 فيلماً تُعرض لأول مرة في أفريقيا، ويشارك في مسابقة الأفلام الطويلة 11 فيلماً من بينها فيلمان وثائقيان، وفيلم تحريك يُعرض للمرة الأولى في مسابقة المهرجان، إلى جانب 8 أفلام روائية، كما تُعرض في مسابقة الفيلم القصير 20 فيلماً وثائقياً وروائياً وتحريكياً، وتشهد الدورة الحالية ترجمة أفلام المسابقة إلى اللغة العربية لأول مرة، حتى يتمكن جمهور مدينة أسوان من متابعتها، وفق حسن أبو العلا مدير المهرجان.
وخلال ندوة تكريمها في المهرجان، صباح أمس، قالت الفنانة نيللي كريم إن التمثيل لم يكن من بين أحلامها، لأن فن الباليه كان يستحوذ على كل تفكيرها، خصوصاً بعد دراسته في سن الرابعة، قبل أن تسافر مع والدتها (الروسية الأصل)، إلى روسيا وبدأت في تعلم الباليه هناك، قبل أن يشاهدها المخرج المصري يحيى العلمي، في أحد عروض الباليه بالأوبرا المصرية بالقاهرة، فرشحها لفوازير (حلم ولّا علم)، ورحبت بالفكرة بسبب شغفها بالاستعراض وحبها للفنانتين المصريتين نيللي وشريهان، اللتين نجحتا في تقديم الفوازير بشكل لافت، ثم جاءت خطوتها الأولى كممثلة، عبر مسلسل (وجه القمر) مع الفنانة الكبيرة فاتن حمامة، حيث أدت دور ابنتها التي تدرس الباليه فكان الدور قريباً منها.
وعن مشاركتها في بعض الأفلام الكوميدية على غرار «غبي منه فيه»، قالت: «استمتعت بهذا الدور للغاية، فأنا أتعامل مع كل أدواري بحب شديد». وأكدت أن «العمل مع المخرج الراحل يوسف شاهين في فيلم (إسكندرية نيويورك)، كان مختلفاً ومميزاً جداً، فرغم أنه كان يبدأ التصوير في تمام الساعة الثامنة صباحاً، فإنه كان لا يرهق الممثل بساعات تصوير طويلة». وأضافت: «أذكر أن أحد مشاهد الفيلم ومدته 4 دقائق على الشاشة، قمنا بتصويره على مدى أسبوع كامل».
وأكدت نيللي أنّها «تحلم بممارسة الإخراج السينمائي، في المرحلة المقبلة من مشوارها الفني»، وأشادت كريم بـ«تجاربها السينمائية والتلفزيونية مع المخرجة كاملة أبو ذكري والسينارست مريم نعوم، اللتين تحبان العمل وتحرصان على الممثل، ما يجعله يشعر أنه في أمان».
وتابعت أنّها سوف تتوقف عن تقديم الأدوار التي يصفها الجمهور بأنّها «نكدية وحزينة»، على الرّغم من أنّها تحمل أبعاداً إنسانية عميقة، مشيرة إلى أنّها ستطل على جمهورها خلال موسم شهر رمضان المقبل بشخصية كوميدية، بناءً على طلب الجماهير عبر مسلسل «النصابين»، الذي بدأت تصويره قبل أيام، وتلتقي فيه مجدداً مع المخرجة كاملة أبو ذكري.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».