كان الموعد أول من أمس، في الدار البيضاء، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته الـ26، مع أولى «ليالي الشعر والموسيقى»، التي تنظمها دار الشعر في تطوان بإشراف وزارة الثقافة والشباب والرياضة، التي يتضمن برنامجها المسطر على مدى أربعة مواعيد، مشاركة عشرين شاعراً من عشر دول، هي المغرب، وموريتانيا، وكولومبيا، وفلسطين، وإسبانيا، ومصر، وإنجلترا، وبلجيكا، وتونس، والعراق، مع مصاحبة موسيقية.
في غضون ذلك، تواصلت فقرة «ندوات» بعناوين متنوعة شملت «الثقافة الحسانية والمشترك الثقافي الأفريقي»، و«صورة المرأة في الثقافة الحسانية»، و«الأبعاد الجمالية في الكتابة الزجلية»، و«أسئلة الإبداع عند الكاتبة المغربية: مقاربات وتجارب»، و«المكون العبري في الثقافة المغربية ونسيجها اللغوي والتاريخي»، و«المسرح الجامعي بالمغرب: المنجز بين الأصول والمآلات». وضمن فقرة «أحياء في الذاكرة»، كان الموعد من لحظة وفاء لذكرى الشاعر المغربي الراحل محمد لقاح، أحد الأصوات التي بدأت الكتابة منذ أواخر ستينات القرن الماضي، وزاوجت بين الشعر والنقد والترجمة؛ في حين تناولت فقرة «إصدارات» عدداً من الكتب، بينها الكتاب الجماعي «المغرب والبرتغال، تاريخ مشترك وذاكرة متقاطعة».
شعر وموسيقى
بمشاركة أصوات تمثل حساسيات شعرية مختلفة ومناطق جغرافية متنوعة من المغرب، وفلسطين، وموريتانيا، وكولومبيا، تحتفي جميعها بالكلمة العذبة والإحساس الفني، في لحظة ممتعة لعشاق الشعر، انطلقت فعالية «ليالي الشعر»، في أول مواعيدها، أول من أمس.
ويأتي برنامج هذه الليالي، وعددها أربع، حسب المنظمين، ضمن «انفتاح دار الشعر بتطوان على الفضاءات الثقافية الكبرى في المغرب، وفي طليعتها معرض الدار البيضاء للكتاب»، بحيث يستضيف البرنامج شاعرات وشعراء من مختلف الجغرافيات والقارات الشعرية، في «حوار بين تجارب متقاطعة ومتنوعة في كتابة الشعر وإعادة ابتكاره ضمن مقترحات جمالية مغايرة وصيغ ورؤى فنية جديدة».
ويتضمن برنامج الليالي مشاركة 20 شاعراً وشاعرة، في قراءات شعرية مع مصاحبة موسيقية لعازفين مرموقين، فضلاً عن ترجمة قصائد الشعراء إلى العربية.
وتواصل دار الشعر في تطوان بهذه الليالي تقليداً مكّن من إحياء ليالي الشعر للمرة الرابعة، في معرض الدار البيضاء، وذلك منذ تأسيسها، بناءً على مذكرة تفاهم ما بين وزارة الثقافة والشباب والرياضة ودائرة الثقافة في حكومة الشارقة، بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وانطلقت الليالي، التي تحتضنها قاعة «شنقيط»، كبرى القاعات المحتضنة لفعاليات برنامج المعرض، بالشعر الموريتاني، من منطلق أن بلد المليون شاعر، يحل ضيفاً على الدورة الحالية من المعرض المغربي، حيث برمج المنظمون مشاركة شاعر موريتاني إلى جانب شاعر أجنبي وشاعر عربي وشاعرين مغربيين، في كل ليلة.
وتضمن برنامج أمسية أول من أمس، مشاركة الشعراء سيدي محمد ولد بمب (موريتانيا)، وخورخي طوريس ميدينا (كولومبيا)، والمتوكل طه (فلسطين)، ومحمد بنطلحة وأمل الأخضر (المغرب)، مع فقرات فنية موسيقية مصاحبة؛ في حين استهلت الليلة الثانية، أمس، بالشاعر الموريتاني جاكيني سك، مع مشاركة الشاعرة الإسبانية راكيل لانسيروس، والشاعر المصري شعبان يوسف، والشاعرين المغربيين حسن الوزاني وأحمد عصيد. في حين ستفتتح الشاعرة الموريتانية ليلى شغالي الليلة الثالثة، عشية اليوم (الخميس)، إلى جانب الشاعر البلجيكي كارل نوراك، والشاعرة التونسية آمال موسى، والشاعران عبد المجيد بنجلون وميمون غازي من المغرب؛ على أن تختتم الليالي، السبت، بمشاركة الشاعر الموريتاني أبو بكر ولد بلال، والشاعرة الإنجليزية ليندا فرانس، والشاعر العراقي عبد الهادي سعدون، والشاعر ياسين عدنان والشاعرة سكينة حبيب الله من المغرب.
مشترك ثقافي
أكدت ندوة «الثقافة الحسانية والمشترك الثقافي الأفريقي»، التي ركزت على الأبعاد الثقافية الأفريقية في الثقافة الحسانية، التقاطعات الممكنة بين بعض المجموعات السكانية، التي تنمّ عن وجود جذور مشتركة قد تبدو خفية للعيان، لكنها قابلة للظهور حسب المقام والمقال. في حين أظهرت ندوة «صورة المرأة في الثقافة الحسانية»، التي برمجت ضمن برنامج ضيف الشرف، كيف تحفل الثقافة الحسانية بالكثير من القضايا والظواهر التي تعكس قيماً حضارية وإنسانية مختلفة؛ ومن ذلك الحضور الخاص للمرأة في تمظهرات هذه الثقافة، الذي تبقى له أسباب ثقافية وتاريخية متجذرة.
وسعت ندوة «الأبعاد الجمالية في الكتابة الزجلية» إلى اقتراح أرضية جديدة لطرح النقاش حول خصوصية اللغة، وما يتصل بها من قضايا إنسانية وأبعاد جمالية تجعل من الزجل متناً قميناً بالقراءة لا يقل إمتاعاً وفائدة عن النص الشعري الفصيح. في حين شدّدت ندوة «أسئلة الإبداع عند الكاتبة المغربية: مقاربات وتجارب»، بعيداً عن أي إسقاط «جندري» على فعل الكتابة وما يتصل به، على أن الإنتاج الكتابي للمبدعة المغربية، شعراً وسرداً، وما يعرفه من طفرة لافتة يستدعي التأمل لاستنطاق ما تستحضره الكاتبة المغربية في منجزها الإبداعي من قضايا وتجارب.
أما ندوة «المسرح الجامعي بالمغرب: المنجز بين الأصول والمآلات»، فهدفت إلى رصد قيمة هذه التجربة المسرحية، التي تعدّ مكوناً من مكونات الحركة المسرحية المغربية؛ حيث لم يكف هذا المسرح، منذ انطلاقته الأولى من داخل الحرم الجامعي ببعض المدن المغربية كالدار البيضاء ومكناس وأكادير، رغم الإكراهات التي ظل يعاني منها، عن تحقيق اختراقات إبداعية، وتقديم مقترحات وتجارب أغنت الفعل المسرحي، الشيء الذي جعل منه حقلاً ثقافياً تتناوله أعمال الباحثين بالدراسة والتوثيق والتأريخ. بينما أظهرت ندوة «المكون العبري في الثقافة المغربية ونسيجها اللغوي والتاريخي»، التي سعت إلى إضاءة تمظهرات هذا المكون في النسيج اللغوي والتاريخي للثقافة المغربية، أن للمكون العبري في الثقافة المغربية جذورا ضاربة في التاريخ، وممتدة في النسيج المجتمعي، ومرد هذا التجذر والامتداد إلى ما ظل يميز المجتمع المغربي من تنوع ديني ولغوي موسوم بالتسامح والتعايش والتلاقح بين مختلف المكونات.