إردوغان يعلن اليوم «الخطوات المقبلة» وواشنطن و«الناتو» يدعمان موقف أنقرة

انتهاء المفاوضات الروسية ـ التركية حول إدلب دون تقدم

TT

إردوغان يعلن اليوم «الخطوات المقبلة» وواشنطن و«الناتو» يدعمان موقف أنقرة

تعلن تركيا، اليوم (الأربعاء)، الخطوات التي ستتخذها إزاء التطورات في محافظة إدلب الواقعة شمال غربي سوريا، التي تشهد توتراً بين القوات النظامية السورية والقوات التركية بسبب الاستهدافات المتكررة لنقاط المراقبة العسكرية التي أقامها الجيش التركي في المنطقة، ذلك بعد فشل جولتين من المباحثات بين أنقرة وموسكو في إحراز أي تقدم بشأن الوضع في إدلب. في وقت، يزور فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري أنقرة في وقت لاحق اليوم للقاء مسؤولين دبلوماسيين وعسكريين أتراك في دخول أميركي مباشر على خط التوتر في إدلب.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن تركيا ستكشف اليوم عن الخطوات التي ستتخذها حيال تطورات الأوضاع في محافظة إدلب السورية. وأضاف، في كلمة خلال فعالية في العاصمة أنقرة، أمس (الثلاثاء)، أن القوات التركية ردت على هجوم قوات النظام السوري على الجنود الأتراك في إدلب، الذي أدى إلى مقتل 5 جنود وإصابة عدد مماثل أول من أمس، بأقصى درجة. وتابع إردوغان «قمنا بالرد على الجانب السوري بأقصى درجة، ولن نكتفي بذلك، بل سنواصل الرد... سيدفعون ثمناً باهظاً كلما اعتدوا على جنودنا».
وترأس إردوغان اجتماعاً أمنياً في أنقرة، ليل أول من أمس، تناول الخطوات التي ستتخذها تركيا رداً على هجوم قوات النظام السوري على الجنود الأتراك في محافظة إدلب.
وقالت مصادر الرئاسة التركية عقب الاجتماع، إنه تقرر خلاله الرد بالمثل على الهجوم، وألا تذهب دماء الجنود الأتراك سدى، كما جرى التأكيد على أن أي هجوم لن يثني عزيمة تركيا، التي تتواجد في إدلب بهدف منع الاشتباكات، وضمان أمن حدودها، والحيلولة دون حدوث موجة نزوح وكارثة إنسانية جديدتين.
شارك في الاجتماع، نائب الرئيس فؤاد أوكطاي، ووزيرا الخارجية مولود جاويش أوغلو، والدفاع خلوصي أكار، ورئيس أركان الجيش الفريق أول يشار جولار، ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، ومستشار الصناعات الدفاعية إسماعيل دمير، ورئيس دائرة الاتصالات في الرئاسة التركي فخر الدين ألطون.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أنها ردت على مقتل 5 جنود وإصابة 5 آخرين في قصف مدفعي مكثف للنظام السوري على قافلة عسكرية تركية بمحافظة إدلب، باستهداف 115 هدفاً للقوات السورية، حيث قُتل 101 من الجنود السوريين.
وجرت الجولة الأولى من المباحثات، يوم السبت الماضي، بعد أيام من هجوم شنّته القوات السورية في إدلب وأسفر عن مقتل 8 جنود أتراك، قصفت تركيا بعده أهدافاً سورية فيما بعد في أحد أخطر الاشتباكات بين الجانبين منذ اندلاع الحرب السورية قبل قرابة 9 سنوات.
وبينما كان المسؤولون الأتراك والروس يواصلون محادثاتهم للمرة الثانية، أول من أمس، وقع هجوم ثانٍ على القوات التركية في منطقة تفتناز في إدلب؛ ما أسفر عن مقتل 5 جنود أتراك بعد أن أرسلت أنقرة آلاف الجنود لتعزيز نقاط مراقبتها في إدلب التي أنشئت 12 منها بموجب اتفاق آستانة في مايو (أيار) 2017، والتي زادت تركيا عددها في الأسبوعين الأخيرين إلى ما يقرب من 20 نقطة.
وأجرى الوفد الروسي مباحثات مع مسؤولين بالخارجية والجيش والمخابرات في تركيا كما التقى مستشار الرئيس التركي المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين. وقالت الرئاسة التركية، في بيان عقب الاجتماع، إن «أنقرة أبلغت الوفد الروسي الزائر بضرورة وقف الهجمات على المواقع التركية شمال غربي سوريا فوراً، وبأن مثل هذه الهجمات لن تمر دون رد».
ويصل المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري إلى أنقرة اليوم ضمن زيارة لتركيا وألمانيا لبحث التطورات في سوريا والمنطقة. وبحسب مصادر تركية، سيجري جيفري مباحثات مع نائب وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط، سادات أونال، وقد يلتقي وزير الدفاع خلوصي أكار والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، لمناقشة المخاوف المشتركة وهجمات قوات النظام السوري المدعومة من روسيا.
وقدمت السفارة الأميركية في أنقرة تعازيها لتركيا في فقد جنودها بإدلب، وأكدت وقوف واشنطن إلى جانب حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وقالت في رسالة تعزية عبر «تويتر»: «نقف إلى جانب تركيا حليفتنا في (ناتو)، وسنواصل معارضتنا لتطبيع المجتمع الدولي علاقاته مع نظام الأسد».
إلى ذلك، أعرب أمين عام «ناتو» ينس ستولتنبرغ عن قلقه البالغ بسبب تطورات إدلب، وقال في بروكسل، عشية اجتماعات وزراء دفاع دول الحلف: «نرى هجمات من جديد ضد المدنيين، وأدى ذلك إلى نزوح جديد لأعداد كبيرة من السوريين، ونحن ندين ذلك بشدة؛ لأننا ضد أي هجمات تستهدف المدنيين، وتزيد من معاناتهم». ودعا ستولتنبرغ روسيا إلى «ضرورة إقناع نظام الأسد بالتوقف عن قتل المدنيين». وأشار إلى أن الوضع في إدلب سيكون حاضراً في نقاشات وزراء دفاع «ناتو» في بروكسل اليوم وغداً.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.