«اليوم المهني» في معرض الدار البيضاء ينطلق بإكراهات النشر والقراءة وتداول الكتاب

جانب من ندوة «كتاب الطفل واليافعين» في معرض النشر والكتاب بالدار البيضاء
جانب من ندوة «كتاب الطفل واليافعين» في معرض النشر والكتاب بالدار البيضاء
TT

«اليوم المهني» في معرض الدار البيضاء ينطلق بإكراهات النشر والقراءة وتداول الكتاب

جانب من ندوة «كتاب الطفل واليافعين» في معرض النشر والكتاب بالدار البيضاء
جانب من ندوة «كتاب الطفل واليافعين» في معرض النشر والكتاب بالدار البيضاء

كان الموعد، أول من أمس، في الدار البيضاء، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، في دورته الـ26، مع «اليوم المهني»، الذي خصصه المنظمون لمهنيي الكتاب، من ناشرين واقتصاديين وحقوقيين ونشطاء جمعيات، لتدارس قضايا ومستجدات وإكراهات النشر والقراءة، وصناعة الكتاب وتداوله، وسوق الكتاب الرقمي، وحقوق المؤلف، ومردودية المكتبات العمومية، وواقع المجلات الثقافية، وذلك عبر تسع ندوات، شهدت مشاركة مهتمين ومختصين في المجالات المرتبطة بالمواضيع المطروقة. كما تواصلت، في اليوم ذاته، ويوم أمس، ضمن فعاليات التظاهرة، لقاءات توقيع الإصدارات والموائد المستديرة والندوات المرتبطة بالنشر والكتاب، فضلاً عن برنامج الطفل.

لا أوبخ أحداً
ضمن فقرة «كتاب وجائزة» كان الموعد، أمس، مع «لا أوبخ أحداً»، مجموعة مصطفى ملح الشعرية، الفائزة بجائزة المغرب للكتاب (مناصفة مع رشيد خالص عن ديوانه باللغة الفرنسية «حرب شاملة») لعام 2019، حيث قُدّمت تجربة الشاعر في جوانبها اللغوية والإيقاعية والدلالية، من طرف أحمد زنيبر، في حضور ملح.
وضمن فقرة «إصدارات»، كان الموعد مع ديوان «ترانيم في حضرة الوطن» لسعاد الوردي، في حضور الشاعرة، وتقديم الشاعر والإعلامي مصطفى غلمان، حيث كان اللقاء مناسبة للتأكيد على أن اختيار التعاطي مع موضوع الوطن، ليس مجرد عرض لأفكار تؤكد قيمة الوطن بصفته مكاناً جغرافياً للسكن والاستقرار، وإنما باعتباره قيمة رمزية وشعرية أيضاً. ولأن التظاهرة تخصص للطفل واليافعين مكانة معتبرة ضمن برنامجها، فقد كان موعد الناشئة مع ركن «النجوم تحكي» من تأطير كل من الفنانة سامية أقريو والفنانة بشرى أهريش. وفي ركن «كاتب وقصة» مع كل من الكاتب جمال بوطيب والكاتب عبد العالي العمري. وضمن ركن «إبداع وعلوم» مع «مدن المغرب وعواصمه» و«ورشة الخط العربي». وضمن ركن «عرض مسرحي» مع مسرحية «قطر الندى» لمسرح نادي الأضواء.

النشر وتداول الكتاب
سعى «اليوم المهني» إلى الإحاطة بمختلف الأسئلة التي يثيرها الموضوع، في راهنيته، إكراهاته ومستجداته. فتحت عنوان «من أجل قانون استثمار في مجال صناعة الكتاب ونشره وترويجه»، ركز المتدخلون على معطى تشكل صناعة الكتاب من حلقات مترابطة ومتجانسة، لا تخلو من صعوبات في غياب قانون استثمار ينظمها، بشكل يتطلب رصد المشاكل المرتبطة بهذه الصناعة ومدى حاجتها إلى نصوص تشريعية منظمة. في حين انطلق المشاركون في ندوة «المكتبات العمومية، بين المردودية والجاذبية»، من معطى أن المكتبات العمومية تمثل مرافق ثقافية ذات أهمية حيوية؛ نظراً لما يتعين عليها أن تتيحه للأفراد من خدمات الولوج إلى مصادر المعلومات والمساهمة في جهود التثقيف العام. وبالنسبة للمتدخلين، فعلى ضوء ما تعرفه هذه المرافق من تحولات متصلة بالطفرة التكنولوجية التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، والتي أثرت على سلوك الأفراد في التلقي وفي استعمال الحوامل الجديدة للمعلومات، فقد صار لزاماً على المسؤولين الثقافيين ابتداع طرق جديدة لجعل هذه المرافق جاذبة للجمهور وذات فاعلية في تأدية أدوراها.
وعلى صعيد محور «القراءة في المغرب، التشخيص وآفاق الدعم»، في ارتباط بتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بدا أن هذا التقرير، الذي يرصد علاقة المغاربة بفعل القراءة، يمثل مصدراً غنياً بالمعطيات التحليلية والتركيبية المتعلقة بهذا المجال، مع ما تثيره المنطلقات المنهجية التي أسس التقرير عليها تشخيصه للمجال من تساؤلات، ورصد الخلاصات التحليلية التي انتهى إليها، والكيفية التي يمكن للمعنيين بالشأن الثقافي اقتراح حلول وفق ما تقدمه الجهات الحكومية من دعم ومواكبة. وقد أكدت مداخلات المشاركين معطى أن علاقة المغاربة بفعل القراءة تظل دون مستوى الرهانات، سواء على مستوى مسؤولية التعاطي الفردي والجماعي مع الفعل الثقافي بشكل عام، أو المعيقات التي تحول دون مصالحة المغاربة مع الكتاب وفعل القراءة بالشكل المأمول.
بالنسبة للندوة التي تناولت «صناعة الكتاب الأمازيغي»، من زاوية «الإنتاج والنشر والتوزيع والتلقي»، فقد كان الموعد مع استعراض للمعطيات والمؤشرات المرتبطة بصناعة هذا الكتاب، في وقت يتم فيه تسجيل نوع من «الطفرة النوعية والكمية» التي تشهدها صناعته، بشكل يعكس «دينامية عالية لمستوى الإنتاج التأليفي للغة الأمازيغية»، خصوصاً في مجالات البحث والتاريخ والكتابة الإبداعية، سرداً وشعراً. وفي حين رصدت ندوة «كتاب الطفل واليافعين»، الوضع في المغرب وأفريقيا جنوب الصحراء، تناولت ندوة «المجلات الثقافية، بين الاستمرار والانقطاع» موضوعها، بمشاركة مديرين أُسندت لهم مهمة الإعداد والتنسيق لمجلات ثقافية، في تخصصات مختلفة، وذلك بعد توقفها لفترة زمنية معلومة، كشفوا تصوراتهم في تدبير هذه المنابر الثقافية، مع الحديث عن الآفاق الممكنة لتطويرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».