عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الأمير سلطان بن أحمد بن عبد العزيز، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة البحرين، استقبل أول من أمس، بمقر السفارة، الرئيس التنفيذي لشركة «STC البحرين»، المهندس نزار بانبيله، يرافقه رئيس الشؤون الحكومية في الشركة، الشيخ زياد آل خليفة. وجرى خلال اللقاء تناول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والمشاريع التطويرية للشركة. وأشاد السفير بالمستوى المتطور الذي وصلت إليه الشركة، متمنياً لها مزيداً من التطور والنجاح. فيما قدم المهندس شكره للسفير على إتاحة الفرصة لمثل هذه اللقاءات.
> السفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، استقبلت أوميروس مافروماتيس، سفير قبرص في القاهرة، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في ضوء مبادرة «إحياء الجذور» القائمة بين مصر وقبرص واليونان. ورحبت الوزيرة بالسفير وهنأته بمناسبة توليه منصبه الجديد كسفير لقبرص بمصر، مؤكدة ضرورة نقل ثمار مبادرة «إحياء الجذور» في صورة تآخ وتعاون يجمع الأجيال الشابة من المصريين واليونانيين والقبارصة، لتعريفهم بالإرث الثقافي المشترك والتاريخ العظيم الذي يجمع شعوب الدول الثلاث.
> مليكة بن دودة، وزيرة الثقافة بالجزائر، زارت أول من أمس، الآثار المتبقية من المعصرة الرومانية «برزقال» ببلدية الماء الأبيض. وأكدت الوزيرة ضرورة الاهتمام بمختلف المواقع الأثرية وفتحها أمام الزوار، مؤكدة أنه «يتعين على السلطات المحلية والقائمين على قطاع الثقافة في كل ولاية بالجمهورية الاهتمام والعناية أكثر بمختلف المواقع الأثرية، والعمل على التعريف بها، إضافة إلى فتحها أمام المواطنين والسياح بهدف خلق صناعة ثقافية وسياحية».
> حيدر منصور العذاري، السفير العراقي لدى الأردن، التقى أعضاء لجنة الأخوة الأردنية العراقية في مجلس الأعيان، برئاسة العين عمر المعاني. وتحدث السفير العراقي عن التاريخ المشترك الذي يجمع بلاده مع الأردن، واصفاً العلاقات العراقية الأردنية بـ«المتميزة» على مختلف الصعد وشتى المجالات، مثمناً مواقف الأردن بقيادة الملك عبد الله الثاني، الداعمة والمساندة والثابتة للعراق في مختلف المراحل والمنحنيات التي مرت بها بلاده، مؤكداً أن السفارة تسعى بكل السبل والوسائل لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف القطاعات.
> باربرا جوزياس، سفيرة هولندا لدى الأردن، حضرت أول من أمس، حفل إطلاق برنامج تنمية القطاع الخاص في الأردن، من جانب مؤسسة التمويل الدولية (عضو مجموعة البنك الدولي)، بالتعاون مع الحكومة الهولندية. وقالت إن هولندا ترتبط بشراكة ممتدة مع مؤسسة التمويل الدولية، ودعمت عدداً من الاستثمارات والخدمات الاستشارية في الأسواق الناشئة، كما أن هناك اهتماماً بدعم دور المرأة والقطاع الخاص في الأردن من خلال توفير بيئة أعمال أفضل، وإيجاد فرص عمل للنساء والشباب ودعم ريادة الأعمال.
> الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، استقبلت في مكتبها، سفير دولة الكويت، الشيخ ثامر جابر الأحمد الصباح، بمناسبة تسلم مهامه الدبلوماسية سفيراً لدولة الكويت لدى المملكة. وشكرت الشيخة مي، الشيخ ثامر على زيارته، كما تمنت له كل التوفيق في مهامه الجديدة، مشددة على متانة أواصر الأخوة مع دولة الكويت وامتدادها لسنوات طويلة، وعلى أهمية تعزيز العلاقات الثقافية لدورها في الارتقاء بالمجتمعات والأوطان.
> نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي بمصر، استقبلت أول من أمس، بطي خليفة الشامسي، مدير الهلال الأحمر الإماراتي في مصر، حيث شددت الوزيرة على ضرورة تعميق التعاون مع الهلال الأحمر المصري ومؤسسات المجتمع المدني. وأشادت «القباج» بالمجهودات التي بذلها الهلال الأحمر الإماراتي في مصر خلال السنوات الماضية بالقطاعات المختلفة، وعلى رأسها دعم الأيتام، والمساهمة في تمويل بعض المشروعات الطبية لعدد من الجمعيات الأهلية.
> خالد السهيلي، السفير التونسي في عمّان، التقى أول من أمس، الدكتور محيي الدين توق، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأردني، حيث رحب الوزير بزيادة أعداد الطلبة التونسيين الدارسين في الجامعات الأردنية، في ظل استحداث عدد من التخصصات المطلوبة لسوق العمل العالمي كالأمن السيبراني، والذكاء الصناعي، مشيراً إلى أن دعوة رسمية ستوجه إلى وزير التعليم العالي التونسي لزيارة الأردن، من أجل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)