مقترح مصري لتقنين مهنة «سايس السيارات»

«حارس الفراغ» يحصل مبالغ مالية يومياً من أصحاب المركبات

أزمات عدة يتسبب فيها سيّاس السيارات بشوارع مصر (الشرق الأوسط)
أزمات عدة يتسبب فيها سيّاس السيارات بشوارع مصر (الشرق الأوسط)
TT

مقترح مصري لتقنين مهنة «سايس السيارات»

أزمات عدة يتسبب فيها سيّاس السيارات بشوارع مصر (الشرق الأوسط)
أزمات عدة يتسبب فيها سيّاس السيارات بشوارع مصر (الشرق الأوسط)

وافق مجلس النواب المصري، بشكل مبدئي، خلال جلسته العامة أول من أمس، على مشروع قانون تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات الذي تقدم به عدد من أعضاء المجلس أخيراً، من أجل التغلب على أزمات تنظيم أماكن وساحات انتظار السيارات، واستغلال الشوارع العامة بشكل حضاري، بالإضافة إلى «مواجهة (البلطجة) التي يمارسها (سيّاس السيارات) الذين يفرضون مبالغ مالية على المركبات دون وجه حق»، بحسب وصف النواب.
وينص مشروع القانون على عدم جواز مزاولة نشاط تنظيم انتظار المركبات بالأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون قبل الحصول على رخصة مزاولة هذا النشاط. كما يتضمن المشروع الجديد إنشاء لجنة بكل محافظة، وبأجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لتحديد أماكن الانتظار للمركبات في الشوارع، ويصدر بتشكيلها وتحديد المعاملة المالية لأعضائها قرار من المحافظ أو رئيس جهاز المدينة.
وكان مجلس النواب المصري قد انتهى في يونيو (حزيران) من عام 2017 من مناقشة مشروع قانون تنظيم أماكن انتظار السيارات وساحاتها وعمل السيَّاس، لكن الحكومة تحفظت عليه في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، بدعوى وجود نص في قانون الإدارة المحلية ينظمها.
لكن المشروع الجديد ينظم عمل اللجان بالمدن والأحياء لتحديد أماكن وأوقات الانتظار للمركبات بالشوارع التي يمكن أن تستوعب بما لا يعيق حركة المرور، وإعداد دروس الشروط الخاصة بحق استغلال أماكن الانتظار، وتحديد مقابل الانتظار للمركبات، حسب المساحة والموقع الجغرافي، مع مراعاة المستوى الاقتصادي لطبيعة المكان.
وشدد مشروع القانون على ضرورة التقدم بطلبات استخراج الرخصة للجنة التي تتولى فحصها ومنحها، ويصدر بقرار من المحافظ أو رئيس جهاز المدينة تحديد رسم استخراج الرخصة، بما لا يتجاوز ألفي جنيه، وتسري الرخصة لمدة 3 سنوات، ويجوز تجديدها.
ويرى اللواء ممدوح زيدان، خبير إدارة الأزمات، أن «المقترح الجديد جيد، بحسب البنود التي يحتويها، من الناحية النظرية، لكن تطبيقه على أرض الواقع سيكون الأهم».
ويفضل زيدان «إسناد عمليات انتظار السيارات بالساحات والجراجات والشوارع لشركات تضم أفراداً معروفين مؤهلين، يرتدون زياً موحداً وبطاقات تعريفية، على غرار شركات الأمن في مصر»، مشيراً إلى أن «عملية مراجعة هذه الشركات، وتقييم عملها ومسؤوليتها، سيكون سهلاً جداً، وأفضل من الاعتماد على مقاولين وأفراد عاديين».
كما اشترط القانون بعض النقاط التي يجب أن تتوافر في من يزاول نشاط تنظيم المركبات، وهي ألا يقل عمره عن 21 عاماً، وأن يجيد القراءة والكتابة، كما يجب أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو تم إعفاؤه. واشترط القانون أن يكون حاصلاً على رخصة قيادة سارية، وألا يكون قد حكم عليه بعقوبة جنائية، أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو جريمة تتعلق بالمخدرات، ما لم يكن قد رد إليه الاعتبار. وأخيراً، اشترط أن يحصل على شهادة صحية من الطب الشرعي أو المعامل المركزية بوزارة الصحة للتأكد من خلوه من تعاطي المواد المخدرة.
ووفق زيدان، فإن «السيّاس استغلوا توسعة الشوارع في شرق القاهرة لصالحهم. فبعدما كانوا يعملون في نطاق حارة واحدة، عندما كان عدد حارات الشارع 3 حارات، باتوا الآن يسيطرون على 3 حارات، بعدما تمت توسعة الشارع إلى 6 حارات».
ورغم شكوى المواطنين المتكررة من حراس الفراغ في الشوارع (السيّاس)، فإنه لا توجد إحصاءات محددة عن عدد الذين يعملون في هذه المهنة.
وما يزيد الأمر صعوبة في شوارع القاهرة على وجه الخصوص ندرة وجود مآرب للسيارات. وللتغلب على هذه الأزمة، يقول زيدان لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد عدد كبير من جراجات العمارات المغلقة في تلك الأحياء، وأحياناً يتم استخدامها كمخازن للبضائع، رغم أنها مرخصة كجراجات. وإذا تم فتحها أمام انتظار السيارات، مع تقنين صفوف الانتظار بالشوارع الرئيسية، فسيخف التكدس المروري بكل تأكيد».
ويقدر عدد المركبات المرخصة في كل المحافظات المصرية بـنحو 12 مليون مركبة، بحسب الإدارة العامة للمرور، فيما يقدر بعض الخبراء عدد المركبات غير المرخصة بنحو 3 ملايين مركبة.
ووفق المقترح البرلماني الجديد، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من مارس نشاط تنظيم المركبات في غير الأماكن المحددة، أو من دون ترخيص.
ويجيز مشروع القانون للمحافظ أو رئيس جهاز المدينة بالمجتمعات العمرانية الجديدة طرح حق الاستغلال لكل جزء من أماكن الانتظار بالمحافظة أو المدينة للشركات أو الأفراد، بما لا يجاوز 10 سنوات، وتلتزم الشركات أو الأفراد أصحاب حق الاستغلال بتحصيل مقابل انتظار من قائدي المركبات بالأماكن المحددة لها، بما لا يجاوز القيمة المحددة بمعرفة اللجنة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».