موسكو قلقة جراء «التصعيد المتواصل» في إدلب

موسكو قلقة جراء «التصعيد المتواصل» في إدلب
TT

موسكو قلقة جراء «التصعيد المتواصل» في إدلب

موسكو قلقة جراء «التصعيد المتواصل» في إدلب

أعرب الكرملين، أمس، عن قلق بالغ بسبب «تواصل تصعيد التوتر» في إدلب، بعد مواجهات جديدة بين الجيشين السوري والتركي، ولم يستبعد الناطق باسمه ديمتري بيسكوف عقد لقاء يجمع الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان؛ «إذا دعت الحاجة»، لكنه قال إنه «لا اتفاق بعد على ترتيب القمة».
وفي أول رد فعل روسي بعد التصعيد الجديد أمس، جددت موسكو الإعراب عن القلق بسبب تفاقم التوتر الميداني، وجاء الموقف بعدما كانت أعربت في وقت سابق عن قلق مماثل بسبب استمرار حشد القوات التركية في منطقة إدلب.
وتجنب الكرملين التعليق على نتائج جولة المحادثات الثانية بين موسكو وأنقرة، التي انتهت من دون إحراز تقدم. وقالت مصادر روسية إن المناقشات «كانت صعبة ومعقدة»؛ في إشارة إلى تباين واسع في وجهات النظر حول آليات التعامل مع الوضع الجديد في المنطقة. ووفقاً لمصادر تحدثت إليها «الشرق الأوسط» فإن موسكو سعت إلى وضع ترتيب جديد لآليات التعامل مع «اتفاق سوتشي»، بشكل يضمن سيطرة دمشق على الطرق البرية الدولية وخصوصاً «إم4» و«إم5» وبشكل يؤدي إلى إعادة نشر نقاط المراقبة التركية خارج نطاق المساحات التي سيطرت عليها القوات النظامية أخيراً. وقال المصادر إن فشل الوفد الدبلوماسي العسكري في التوصل إلى نتائج ملموسة مع الجانب التركي سوف يعني في الغالب حاجة الطرفين إلى ترتيب لقاء رئاسي لحسم الملفات المطروحة، وأفادت بأن موسكو كانت تأمل في التوصل إلى اتفاق مبدئي لوضعه على طاولة حوارات الرئيسين في وقت لاحق، مشيرة إلى أن «التطورات المتسارعة على الأرض تضغط بشكل جدي على المفاوضات الجارية».
إلى ذلك، شدد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، على «الدور المحوري» للعاملين بالسلك الدبلوماسي الروسي في ضمان استقرار الأوضاع في سوريا.
وكان بوتين يتحدث خلال فعالية أقيمت للاحتفال بمناسبة «يوم الدبلوماسي الروسي»، الذي وافق أمس، وأكد أن الدبلوماسية الروسية «دافعت وتدافع دائماً بحزم وثبات عن مصالح البلاد». وأوضح أنه «بفضل العمل الناجح لوزارة الخارجية الروسية استقر إلى حد ما الوضع في سوريا، وتم إطلاق عمل اللجنة السورية لصياغة الدستور».
وقال الرئيس الروسي إنه في ظل الوضع الدولي المضطرب؛ هناك «حاجة إلى مزيد من الإجراءات الفعالة لضمان الاستقرار الاستراتيجي وتشكيل نظام عالمي عادل».
على صعيد آخر، أعلن السفير الروسي لدى سوريا، ألكسندر يفيموف، أن الهجمات الإسرائيلية على سوريا «تحمل طابعاً استفزازياً وتشكل تهديداً حقيقياً لحياة المدنيين الأبرياء». وقال يفيموف، في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الحكومية الروسية إنه «من دون شك، تحمل الهجمات الإسرائيلية طابعاً استفزازياً وخطيراً للغاية بالنسبة للوضع حول سوريا. فالصواريخ لا تسقط في المناطق المتاخمة لإسرائيل فحسب؛ بل تصل أيضاً إلى مناطق العمق السوري، وشرق البلاد، وحتى في المناطق السكنية بدمشق». وزاد: «وقع حادث لافت خلال الهجوم الإسرائيلي في ليلة 6 فبراير (شباط) الحالي، عندما كادت تتعرض طائرة تقل نحو 172 راكباً لنيران الدفاع الجوي السوري أثناء الرد. من حسن الحظ أنهم تمكنوا في الوقت المناسب من إعادة توجيهها إلى قاعدة حميميم».
وأكد السفير الروسي أنه «بالإضافة إلى الانتهاك الواضح لسيادة سوريا، وتشكيل تهديد حقيقي لحياة الأبرياء، فإن كل ذلك يؤدي إلى زيادة احتمال نشوب صراع حول سوريا، ويتعارض مع الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والتسوية السياسية».
وكانت وزارة الدفاع الروسية أفادت، الجمعة، بأن طائرة ركاب من طراز «إيرباص320» كانت آتية من طهران وعلى متنها 172 راكباً، كادت تتعرض لنيران أنظمة الدفاع الجوية السورية، أثناء تصديها للغارات الإسرائيلية بالقرب من دمشق، مشيرة إلى أن الفضل في إبعاد الطائرة من منطقة مجال إطلاق الصواريخ المضادة وهبوطها بأمان في مدرج مطار بديل في قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، يعود لتحرك سريع من جانب مراقبي برج مطار دمشق والتشغيل الفعال لنظام مراقبة الحركة الجوية الأوتوماتيكي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.