تقرير حقوقي يسلّط الضوء على جرائم الحوثيين ضد المعتقلين في تعز

الانتهاكات تشمل استخدام الأسيد والضرب بالحديد والكي بالنار والإعدام الوهمي

TT

تقرير حقوقي يسلّط الضوء على جرائم الحوثيين ضد المعتقلين في تعز

سلّط تقرير حقوقي الضوء على ما يتعرض له المعتقلون تعسفياً والمختفون قسراً في سجن للحوثيين في محافظة تعز (جنوب غرب).
وركّز التقرير الذي أعدته «منظمة سام»، وهي مؤسسة غير ربحية مقرها جنيف، على عمليات التعذيب والمعاملة السيئة التي يخضع لها المعتقلون في سجن مدينة الصالح، وهو سجن استحدثته الميليشيات إبان سيطرتها على أجزاء من محافظة تعز وعدن ولحج وأبين والضالع مطلع عام 2015.
واشتهر «سجن الصالح» بهذه التسمية نسبة إلى مدينة سكنية كانت تحت الإنشاء، حيث خصص الحوثيون بعض بناياتها لاحتجاز الأشخاص وتعذيبهم، كما استخدمت جانبا منه لتخزين الأسلحة والمعدات العسكرية. وتحيط بهذا السجن مساحات واسعة استخدمت أماكن لإطلاق القذائف والصواريخ باتجاه مدينة تعز، إلى جانب استعمال جزء من مباني المدينة مقرات حكومية للمحافظ والمكاتب التنفيذية التي يسيطر عليها الحوثيون.
وتقول «منظمة سام» في تقريرها الصادر أمس، إنها حصلت على أسماء وكنى الكثير من المحققين الذين يمارسون التعذيب والمعاملة السيئة للمحتجزين في «سجن الصالح»، والكثير ممن أسهموا أو شاركوا في عمليات الاختطاف والتعذيب أو تستروا على تلك الجرائم. وكشف التقرير عن وسائل التعذيب الجسدي والنفسي التي تستخدمها الجماعة، وبينها الصعق الكهربائي والضرب بالحديد والعصي، وربط الجسد على كرسي ووضع قوالب أحجار البناء فوق الظهر. كما كشف التقرير عن استخدام الجماعة الحوثية لما يسمي «طريقة الشواية» التي تعتمد على تعليق الجسد فوق حديدة مربوطة على وتدين وقريبة من السطح، ويتم وضع الضحية فوقها بشكل مقلوب حيث يتدلى الرأس إلى الأسفل.
واتهم التقرير عناصر الجماعة الحوثية بأنهم يستخدمون مادة الأسيد وهي ما يطلق عليها ماء النار (حمض الهيدروكلوريك)، حيث يجري حقن السجين تحت الجلد ويسبب ذلك آلاما رهيبة، إلى جانب استخدام عمليات «الإعدام الوهمي»، فضلا عن نماذج أخرى كثيرة أدت إلى وفاة عدد من المحتجزين، بينما أصيب آخرون بإعاقات دائمة، وبعضهم الآخر فقد الذاكرة أو تعرض لأمراض عقلية بسبب التعذيب.
وكانت «رابطة أمهات المختطفين» في اليمن قد أفادت بأنها رصدت 183 مختطفاً مصابين بالأمراض المختلفة في سجون الميليشيات الحوثية؛ مشيرة إلى أن السل الرئوي أصاب 11 مختطفاً في ذمار وحدها، دون أن تتخذ إدارات السجون الحوثية الإجراءات الصحية المتبعة في التعامل مع هذه الأمراض المعدية. كما أصيب بعض المختطفين في سجون الميليشيات بصنعاء بفيروس الكبد ولم يتلقوا العلاج الخاص بهذا المرض، إضافة إلى آلام المفاصل والقولون وأمراض جلدية معدية مثل الجرب الذي اجتاح كافة السجون التي تديرها الميليشيات.
وكشفت «منظمة سام» في تقرير سابق عن 41 حالة لمعتقلين استطاعوا الوصول إلى أهاليهم جميعهم كانوا يعانون آلاما مبرحة في سجون ميليشيات الحوثي، ويحتاجون إلى تدخل طبي عاجل. وحسب تقرير المنظمة، فإن الظروف الصحية التي تفرضها ميليشيات الحوثي على المعتقلين في سجونها يمكن وصفها بتنفيذ حكم بالموت البطيء، ذلك أن المحتجزين يعانون من أمراض مميتة ويحرمون من حقهم في الحصول على العلاج، علاوة على أن الكثير منهم أصيب بهذه الأمراض في السجن نتيجة تعرضه للتعذيب أو بسبب الظروف الصحية الرديئة.
ويقول حقوقيون يمنيون إن الميليشيات إلى جانب منعها الدواء والملابس الشتوية والزيارات، فإنها تستخدم فصل الشتاء وشدة البرودة وموجات الصقيع في تعذيب السجناء، إذ إنها تأخذ منهم الملابس وتجبرهم على ارتداء بزة السجن الزرقاء الخفيفة التي لا توفر أدنى وقاية من البرد مما يجعلهم عرضة لمزيد من الأمراض.
وطبقا لإحصائية حقوقية يمنية، توفي أكثر من 170 مختطفاً نتيجة تعرضهم للتعذيب الشديد والإهمال المتعمد، حيث يعيش المختطفون في سجون ميليشيات الحوثي بالعاصمة صنعاء أوضاعاً مأساوية ومعاناة مستمرة، خصوصاً بسبب منع إدخال الملابس الشتوية لهم. وتشير التقارير إلى أن الميليشيات كانت وراء انتشار الأمراض، بل العامل الأبرز لإصابة المسجونين والمعتقلين بشتى أنواع الأمراض.
ووفقا لهذه التقارير، فإن جماعة الحوثي تدير 203 سجون، بينها 78 ذات طابع رسمي، و125 سرية، إضافة إلى استحداثها سجونا خاصة في «بدرومات» المؤسسات الحكومية وتحويلها مقرات النقابات والأندية الرياضية إلى معتقلات تحتجز فيها خصومها السياسيين والإعلاميين والنشطاء الحقوقيين. وكانت منظمات حقوقية وثّقت تورط ميليشيات الحوثي في اختطاف 19 ألف شخص في مختلف محافظات اليمن خلال الفترة الممتدة من سبتمبر (أيلول) 2014 إلى يوليو (تموز) 2017.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».