شتاء روسيا «يهرب» مجدداً إلى الربيع

بعد «إطلالة خجولة» لأيام

ثلوج قليلة حالت دون ظهور غطاء جليدي سميك على نهر موسكو
ثلوج قليلة حالت دون ظهور غطاء جليدي سميك على نهر موسكو
TT

شتاء روسيا «يهرب» مجدداً إلى الربيع

ثلوج قليلة حالت دون ظهور غطاء جليدي سميك على نهر موسكو
ثلوج قليلة حالت دون ظهور غطاء جليدي سميك على نهر موسكو

بعد طول انتظار وصل الشتاء الروسي التقليدي أخيراً إلى العاصمة الروسية موسكو، لكن يبدو أنّه على عجل من أمره، وسيغادر بسرعة فاسحا المجال أمام عودة درجات الحرارة «الربيعية» في الفترة من السنة التي يفترض أن يثبت وجودها خلالها بدرجات حرارة «جليدية» تصل حتى 15 إلى 20 درجة مئوية تحت الصفر. معالم الشتاء الروسي الحقيقي بدأت تظهر تباعاً منذ نهاية يناير (كانون الثاني)، الذي كانت درجات الحرارة في الأسابيع الثلاثة الأولى منه أعلى من المعدل الطبيعي بنحو 10 - 12 درجة مئوية، وبلغت وسطيا 0.1 درجة مئوية فوق الصفر، مرتفعة بذلك حتى أعلى درجة حرارة يتم تسجيلها خلال هذه الفترة من شهر يناير، منذ 140 عاماً، إذ تراوحت درجات الحرارة خلال الشهر ما بين الصفر و4 درجة مئوية فوق الصفر، ويفترض أن تكون أدنى من 7 - 10 درجة مئوية تحت الصفر وسطيا، وهبطت في بعض السنوات دون ذلك، حتى 20 - 23 درجة مئوية تحت الصفر. إلّا أنّ الوضع أخذ يتغير تدريجيا في الأيام الأخيرة من يناير، حيث بدأت تتساقط الثلوج بغزارة تُسجل لأول مرة منذ بداية الموسم، واستمرت تتساقط متقطعة لكن بكميات كبيرة في الأيام الأولى من فبراير (شباط).
وعلى الرّغم من كميات الثلوج الكبيرة التي تساقطت وغطت مدن وسط روسيا، وبينها العاصمة موسكو، فإنّ درجات الحرارة في مطلع فبراير بقيت أعلى من المعدل حتى الخامس من الشهر، ومن ثمّ بدأت تتدنى تحت تأثير منخفض جوي قطبي المنشأ، حمل معه لأول مرة هذا العام درجات حرارة قريبة من المعدل الطبيعي، واستقرت عند مستوى 5 - 7 تحت الصفر نهارا، و12 - 15 تحت الصفر في ساعات الليل. وقال مركز الأرصاد الجوية الروسي، إنّ ليلة من 7 إلى 8 فبراير كانت الأكثر برودة خلال موسم العام، وتدنت درجات الحرارة في موسكو ليلتها حتى 17 درجة مئوية تحت الصفر، وحتى 20.3 درجة مئوية تحت الصفر في مدن وقرى محافظة موسكو. كما تجاوزت درجات الحرارة في ارتفاعها خلال الفترة الماضية المعدل الطبيعي، كذلك فعلت حين انخفضت، وتجاوزت المعدل بانخفاض إضافي من 2 إلى 4 درجة مئوية.
وشعر كثيرون بارتياح، وحتى بالسعادة، لتدني درجات الحرارة، لأنّها جاءت أخيرا لتذكرهم بالشتاء الروسي الحقيقي. إلّا أنّ تلك الفرحة لم تدم طويلا، وأعلن مركز الأرصاد الجوية أن الشتاء التقليدي سيهرب مجددا من مناطق وسط روسيا، بعد «إطلالة خجولة» لفترة لم تتجاوز 4 أيام. ووفق توقعات الأرصاد الجوية ستعاود درجات الحرارة الارتفاع مجددا مع مطلع الأسبوع الثاني من فبراير، حتى 7 إلى 8 درجات أعلى من المعدل الطبيعي، وستصل حتى معدل نهاية مارس (آذار) مطلع أبريل (نيسان)، أي حتى معدل درجات الحرارة الربيعية التي تتراوح عادة ما بين الصفر و2 إلى 5 درجة مئوية فوق الصفر.
وأجمع موسكوفيون تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» على أنّ الشتاء هذا العام في العاصمة الروسية، كان الأكثر غرابة، لافتين إلى أنّ الثلج الذي يغطّي المدن عادة في نهاية الخريف مطلع الشتاء، أي في الفترة الممتدة ما بين النصف الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى النصف الأول من ديسمبر (كانون الأول)، تأخر جداً، وتساقطت كميات خجولة منه في يناير، بينما كانت درجات الحرارة أقرب إلى معدل بداية الربيع.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

بيئة رجل يركب دراجة هوائية في شارع غمرته المياه جنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

أقرت الحكومة الإسبانية اليوم (الخميس) «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» لأربعة أيام لتجنب تنقل الموظفين في حال وجود تحذير بسبب سوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها.

بدر الخريف (الرياض)
الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق أحداث الطقس المتطرفة كلّفت العالم تريليوني دولار خلال عقد (أ.ب)

تقرير: الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار خلال العقد الماضي

كشف تقرير جديد عن أن الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار على مدى العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».