«الغرسات العصبية» قد تصبح قادرة على قراءة أفكار الإنسان وتعديلها

تطورات كبرى في تقنيات التحفيز العميق للدماغ

«الغرسات العصبية» قد تصبح قادرة على قراءة أفكار الإنسان وتعديلها
TT
20

«الغرسات العصبية» قد تصبح قادرة على قراءة أفكار الإنسان وتعديلها

«الغرسات العصبية» قد تصبح قادرة على قراءة أفكار الإنسان وتعديلها

تُستخدم «الغرسات العصبية»، أي الأدوات والأقطاب الصغيرة المزروعة في الدماغ والجهاز العصبي، في التحفيز العميق للدماغ، وتحفيز العصب المبهم، وكذلك للتحكم بالأطراف الصناعية عبر الدماغ.
- غرسات عصبية
قد يبدو الأمر خيالاً علمياً، ولكن الغرسات العصبية قد تصبح بعد سنوات من اليوم قادرة على قراءة وتعديل أفكار البشر. وتستخدم الغرسات العصبية اليوم لعلاج الأمراض، وإعادة تأهيل الجسم بعد الإصابة، وتحسين الذاكرة، والتواصل مع الأطراف الصناعية، وغيرها كثير.
وقد خصّصت وزارة الدفاع الأميركية ومعاهد الصحة الوطنية مئات ملايين الدولارات لتمويل هذا القطاع، ويتصدّر هذا الموضوع عناوين أوراق بحثية تُنشر بشكل أسبوعي في أهمّ الدوريات العلمية في البلاد. وقد خصصت مجلة جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين فصلاً خاصاً للحديث عنها. فما هي الغرسات العصبية؟ وكيف تعمل؟ وما إمكاناتها؟
- ما هي الغرسة العصبية؟ الغرسة العصبية هي جهاز يوضع داخل الجسم ويتفاعل مع الأعصاب. والأعصاب هي خلايا تتواصل بلغة الكهرباء، إذ تُطلق نبضات كهربائية بأشكال محددة تشبه شفرة «مورس». أمّا الغرسة، فهي جهاز من صنع البشر يوضع داخل الجسم عبر الجراحة أو الحقن، وتأتي عادة على شكل قطب كهربائي يُزرع في الجسم، ويحتكّ بالأنسجة التي تحتوي على الأعصاب، ليتفاعل مع هذه الأعصاب بطريقة ما.
وتتيح هذه الأجهزة الصغيرة تسجيل النشاط العصبي الفطري، ما يسمح للباحثين بمراقبة أنماط التواصل بين الدوائر العصبية الصحيحة. وتستطيع الغرسات العصبية أيضاً إرسال النبضات الكهربائية إلى الأعصاب للسيطرة على أنماط النشاط الفطرية، وإجبارها على التواصل بطريقة أخرى.
بمعنى آخر، تتيح الغرسات العصبية للعلماء اختراق الجهاز العصبي. ويمكننا أن نطلق على هذه العملية عدداً من الأسماء، كـ«تعديل العمليات العصبية» أو «التحفيزات الكهربائية» أو «الإلكترونيات البيولوجية»، التي تعتبر جميعها تدخّلات بواسطة غرسات عصبية قادرة على التحول إلى أدوات طبية عظيمة القوّة.
ووظائف الجهاز العصبي كثيرة جداً، فهو الذي يتحكّم بالتفكير، والنظر، والسمع، والشعور، والحركة، والتبوّل، وغيرها كثير. كما أنّه يسيطر على كثير من العمليّات غير الإرادية، كوظائف الأعضاء وأجهزة الجسم التنفسية، والمناعية، والقلبية.
يقول جين سيفيلّيكو، عالم الأعصاب في معاهد الصحة الوطنية رئيس برنامج «سبارك» فيها المتخصص بتحفيز العصب المحيطي، إن «أي شيء يقوم به الجهاز العصبي يمكن دعمه أو شفاؤه من خلال تدخل كهربائي نشط، إذا عرفنا كيف نطبقه».
- كيف تُستخدم الغرسات العصبية؟ يعتبر التحفيز الدماغي العميق واحداً من أبرز الاستخدامات الإكلينيكية (السريرية) للغرسات العصبية. وفي هذا العلاج، يتمّ وضع الأقطاب الكهربائية في عملية تدخّل جراحي في عمق الدماغ، حيث تعمل على تحفيز تركيبات محددة كهربائياً بهدف تخفيف العوارض الناتجة عن اضطرابات دماغية متعددة.
وصادقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية للمرة الأولى على استخدام التحفيز الدماغي العميق عام 1997 لعلاج مرض نوع من رعاش اليد (essential tremor). ومنذ ذلك الحين، صادقت الإدارة، وغيرها من الجهات التنظيمية العالمية، على استخدام العلاج نفسه لحالات مرض باركنسون، وخلل التوتر، والصرع، والطنين، واضطراب الوسواس القهري، وآلام الاعتلال العصبي. كما يتم حالياً البحث في إمكانية استخدام التحفيز الدماغي العميق لعلاج متلازمة توريت، والاضطرابات النفسية، كالاكتئاب. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 150 ألف شخص حول العالم خضعوا لزرع غرسات عصبية.
- تحفيز العمود الفقري
> علاج العمود الفقري وشلل الأطراف. أمضى الباحثون أيضاً وقتاً طويلاً في اختبار التلاعب بالعصب المبهم بواسطة الغرسات العصبية. ويصل العصب المبهم معظم الأعضاء الأساسية بجذع الدماغ، ويسعى الباحثون لقرصنة هذا الاتصال بهدف علاج فشل القلب، والجلطة الدماغية، والتهاب المفصلي الروماتويدي، وداء كرون، والصرع، والسكري النوع الثاني، والسمنة، والاكتئاب، والشقيقة، وغيرها من الأمراض.
وفي عام 2018، تمكن مريض أصيب بالشلل نتيجة إصابة في عموده الفقري من السير مجدداً بمساعدة تحفيز العمود الفقري.
إن أكثر التجارب المؤثرة التي اعتمدت على الغرسات العصبية كانت في تحفيز العمود الفقري الذي منح أملاً جديداً لكثير من الأشخاص المصابين بالشلل في الجزء السفلي من جسمهم عبر السماح لهم بالحركة والوقوف، وحتّى السير لمسافات قصيرة للمرّة الأولى منذ الإصابة المستدامة التي تعرضوا لها في عمودهم الفقري.
ولكن أياً من أبحاث تعديل العمليات العصبية لم يجذب اهتمام الناس كالأطراف الصناعية التي يتحكّم بها الدماغ. وتتيح هذه الأنظمة لمبتوري الأطراف التحكم بيد أو ذراع أو ساق آلية بواسطة أفكارهم. ويتطلب هذا الإنجاز زراعة غرسات عصبية في الدماغ أو في الجزء الأعلى من منطقة البتر. وتعمل بعض هذه الأطراف الآلية أيضاً على توفير ردود فعل حسية من خلال تحفيز الأعصاب الموجودة فوق منطقة البتر، ومنح المستخدم فرصة للشعور بما يلمسه.
ثم تأتي الاختبارات التي تشبه الخيال العلمي. فقد نجح الباحثون في تعزيز قدرات الذاكرة لدى بعض الأشخاص للسماح لهم بأداء بعض الوظائف من خلال تحفيز التركيبات الدماغية بطرق محددة. وبفضل غرسات الدماغ، تمكّن أشخاص مشلولون من تشغيل أجهزة كومبيوتر وطباعة جمل بمجرّد استخدام أفكارهم. وطوّر العلماء أيضاً خوارزمية تتيح تحديد مزاج الشخص بناء على نشاط دماغه. كما نجحت بعض الشركات في تطوير وتسويق غرسات عصبية مهمتها تصحيح الاتصال العصبي بين العين والدماغ. وبدوره، كشف إيلون ماسك أنّ شركته (نيورالينك) تخطط لمزامنة الدماغ البشري مع الذكاء الصناعي.
- مستقبل الأبحاث
> ماذا عن مستقبل الغرسات العصبية؟ تقيد الإجراءات الجراحية التدخّلية عادة عمل وفعالية الغرسات على أنواعها، إذ من الصعب تبرير عملية جراحية في الدماغ أو العمود الفقري دون حاجة طبية ملحة. لذا، يعمل المهندسون باستمرار على اختراع أجهزة أفضل تصل إلى أعماق الجسم بأقل تأثير على الأنسجة.
ويعتبر ديفيد ماك مولن، رئيس برنامج التعديل العصبي والتحفيز العصبي في معاهد الصحة الوطنية الأميركية، أن «المهندسين يواصلون العمل على توسيع حدود استخدام هذه الغرسات إفساحاً في المجال أمام تطبيق الإمكانات المتاحة تقنياً. ويعتمد هذا الأمر بالدرجة الأولى على تخفيف العبء الجراحي، وتعزيز ديمومة للغرسة، والمحاولة المستمرة لصناعة أقطاب كهربائية صغيرة تغطي مناطق أوسع في الدماغ».
وابتكر المهندسون غرسات عصبية بحجم ذرة التراب، وأقطاباً كهربائية تتعلق بالأعصاب كالنبات المعترش، وأقطاباً مصنوعة من مواد مرنة كالخيوط النانوكهربائية، وأقطاباً تشبه الدعامات تعرف بـ«الأقطاب الدعامية»، قادرة على الوصول إلى الدماغ عبر الأوعية الدموية، ومهمتها تسجيل النشاط الكهربائي، بالإضافة إلى شبكة إلكترونية قابلة للحقن مصنوعة من أسلاك سيليكونية نانوية، وأقطاباً يمكن حقنها في الجسم على شكل سائل تتحول داخله إلى مادة صلبة قابلة للتمدد كالحلوى.
وتقي الأقطاب الدعامية الناس خيار الجراحة الدماغية، بفضل إمكانية إيصالها إلى الدماغ عبر الأوعية الدموية. ويمكن تطبيق تقنية تعديل العمليات العصبية بطريقة غير تدخّلية باستخدام أقطاب كهربائية أو أسلاك مغناطيسية توضع على أو قرب الجلد. وأثبتت هذه الاستراتيجية فعاليتها في بعض الحالات، رغم أنّها لا ترقى إلى دقّة وفعّالية الغرسات.
ولكنّ الأجهزة المبتكرة هي الوسيلة الوحيدة التي ستذهب بنا إلى مراحل علاجية أبعد. ويتحدّث سيفيليكو عن «مفهوم خاطئ، مفاده أنّ العوائق التي تحول دون تطبيق تعديل العمليات العصبية تقنية بحتة، وأن السبب الوحيد الذي يحول دون امتلاك أجهزة للتحكم بالأفكار هو عدم تطوير أقطاب كهربائية تتمتع بالمرونة الكافية».
ويرى سيفيليكو أن الباحثين يحتاجون إلى مفهوم واضح لفيزياء الدوائر العصبية. كما أنهم يحتاجون إلى خرائط توضح كيفية تواصل الأعصاب، والتأثيرات الدقيقة لهذه الدوائر على الجسم والدماغ. ومن دون هذه الخرائط، لن تستطيع أكثر الغرسات تطوراً وحداثة تحقيق هدفها، وستستمر في إطلاق نبضاتها الكهربائية في المجهول.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

كيف يسهم الذكاء الاصطناعي «مفتوح المصدر» في دعم التشخيص الطبي؟

الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين دقة التشخيصات وتقليل الأخطاء الطبية (جامعة هارفارد)
الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين دقة التشخيصات وتقليل الأخطاء الطبية (جامعة هارفارد)
TT
20

كيف يسهم الذكاء الاصطناعي «مفتوح المصدر» في دعم التشخيص الطبي؟

الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين دقة التشخيصات وتقليل الأخطاء الطبية (جامعة هارفارد)
الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين دقة التشخيصات وتقليل الأخطاء الطبية (جامعة هارفارد)

يشهد مجال الذكاء الاصطناعي تطوراً غير مسبوق، حيث أصبحت النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) قادرة على أداء مهام معرفية معقدة في الطب، فمن الإجابة الدقيقة عن الأسئلة الطبية متعددة الاختيارات، إلى تقديم استدلالات سريرية متقدمة ووضع تشخيص تفاضلي للحالات الطبية المعقدة، يثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على دعم التشخيص الطبي.

وتشير الإحصاءات إلى أن الأخطاء التشخيصية تتسبب في وفاة أو إعاقة دائمة لنحو 795 ألف مريض سنوياً في الولايات المتحدة وحدها. ومع التكاليف الباهظة الناتجة عن التشخيص الخاطئ أو المتأخر، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوراً حيوياً في تحسين دقة التشخيصات وتقليل الأخطاء الطبية. وخلال العامين الماضيين، تفوقت نماذج الذكاء الاصطناعي «مغلقة المصدر»، مثل (GPT - 4) من شركة «أوبن إي آي»، في تشخيص الحالات الطبية المعقدة، ما جعلها جزءاً من تطبيقات الرعاية الصحية. ورغم توفر نماذج «مفتوحة المصدر»، فإنها لم تصل بعد إلى نفس مستوى الأداء.

لكن دراسة لباحثين من كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية كشفت عن أن النماذج الحديثة مفتوحة المصدر، مثل (Llama 3.1) من شركة «ميتا»، يمكنها منافسة النماذج مغلقة المصدر، حيث حققت نتائج واعدة في اختبارات متقدمة. وأظهرت الدراسة أن (Llama 3.1) قدم أداءً مماثلاً لأحد أقوى النماذج المغلقة في تشخيص الحالات الطبية المعقدة، ونُشرت نتائجها بعدد 17 مارس (آذار) 2025 بدورية (JAMA Health Forum).

ويُعد (Llama 3.1) جزءاً من سلسلة نماذج (Llama) التي تطورها «ميتا» بوصفها بديلاً مفتوح المصدر، ما يتيح للباحثين استخدامها وتعديلها بحرية دون قيود تجارية. وتتميز النماذج المفتوحة بإمكانية تخصيصها وفق الاحتياجات الخاصة، مثل التدريب على بيانات داخلية دون مشاركة معلومات حساسة، بينما تبقى النماذج المغلقة احتكارية وتعمل فقط عبر خوادم الشركات.

نماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد على مجموعات ضخمة من البيانات (جامعة هارفارد)
نماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد على مجموعات ضخمة من البيانات (جامعة هارفارد)

تشخيص الأمراض

تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي، المفتوحة والمغلقة، على تحليل بيانات ضخمة تشمل الكتب الطبية والأبحاث وبيانات المرضى، ما يساعدها في تشخيص الأمراض مثل الأورام وفشل القلب والتهابات القولون. وعند مواجهة حالة جديدة، تقارن النماذج المعلومات الواردة بما تعلمته سابقاً لتقديم تشخيصات محتملة.

وخلال الدراسة، خضع نموذج (Llama 3.1) لاختبار شمل 70 حالة سريرية معقدة و22 حالة جديدة لضمان دقة التقييم. وحقق دقة 70 في المائة في التشخيص، متفوقاً على (GPT - 4) الذي سجل 64 في المائة، وحدد التشخيص الصحيح في محاولته الأولى بنسبة 41 في المائة مقابل 37 في المائة لـ(GPT - 4). أما في الحالات الجديدة، فقد ارتفعت دقته إلى 73 في المائة، مع تحديد التشخيص الصحيح كمقترح أول بنسبة 45 في المائة.

وقال الدكتور أرغون مانراي، الباحث الرئيسي للدراسة وأستاذ المعلوماتية الطبية الحيوية بجامعة هارفارد، إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعداً موثوقاً للأطباء إذا أُدمج بحكمة في البنية التحتية الصحية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن النماذج المفتوحة والمغلقة تختلف في الخصوصية وأمان البيانات، حيث تتيح النماذج المفتوحة تشغيلها والاحتفاظ بالبيانات داخل المستشفيات؛ ما يحافظ على سرية بيانات المرضى، بينما تتطلب النماذج المغلقة إرسال البيانات لخوادم خارجية، ما قد يثير مخاوف أمنية. كما أن النماذج المفتوحة أكثر مرونة وأقل تكلفة، مما يجعلها مناسبة للمؤسسات محدودة الموارد.

ورغم ذلك، أشار مانراي إلى تحديات تعيق تبني النماذج المفتوحة، مثل الحاجة لفريق تقني للصيانة وصعوبة تكاملها مع الأنظمة الطبية مقارنة بالمغلقة، التي توفر دعماً فنياً متكاملاً. كما أن ضمان دقتها يتطلب دراسات سريرية إضافية وتحديثات مستمرة لتحسين الأداء وتجنب التحيزات.

منصات مفتوحة المصدر

تتوفر عدة نماذج طبية مفتوحة المصدر، أبرزها منصة (Azure AI Foundry) من «مايكروسوفت»، التي توفر نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة لتحليل الصور الطبية وإعداد تقارير الأشعة السينية. وتضم المنصة نماذج مثل (MedImageInsight) لتصنيف الصور وكشف الحالات غير الطبيعية، و(MedImageParse) لتحديد حدود الأورام والأعضاء، و(CXRReportGen) لتحليل صور الأشعة السينية وإنتاج تقارير تشخيصية تلقائياً، مما يعزز دقة التشخيص ويسرّع إعداد التقارير الطبية. كما طوّرت شركة «إنفيديا» مع جامعة كينغز كوليدج لندن منصة (MONAI) لدعم بناء وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي في التصوير الطبي، مع تعزيز الخصوصية ودقة التشخيص.

كما أطلق باحثو جامعة كورنيل الأميركية منصة (OpenMEDLab) في مارس 2024، لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي متعددة الوسائط بالمجال الطبي، مستندة إلى نماذج مثل (Gemini) من «غوغل»، مما يتيح نتائج تنافسية وتشجيع الابتكار في الرعاية الصحية.