فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

يساعد الروبوتات على الإحساس مثل البشر

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية
TT
20

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

تعكف معظم الدراسات الحديثة المعنية بتطوير الروبوتات والأعضاء الصناعية، على تحسين تفاعلها وتأقلمها مع البيئة المحيطة، بشكل يجعلها تشبه البشر في نواحٍ كثيرة، كالحركة والذكاء الصناعي والإحساس، عبر إمدادها بجلد صناعي يجعلها تستشعر الحرارة والضغط وغيرها من وظائف الجلد الطبيعي.
وفي هذا الصدد أثبت باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن تزويد الروبوتات بجلد صناعي لين غني بالإلكترونيات المرنة، قد يحسن من طريقة استشعارها لمحيطها وتفاعلها مع البيئة.
وقد اكتشف الفريق كيفية برمجة القدرة على التوصيل الكهربائي واستشعار الانفعال، داخل مادة واحدة مدمجة داخل جلد مبلمر مرن قابل للتمدد. ويمكن لهذا الاكتشاف أن تكون له تطبيقات في الأجهزة الإلكترونية التي يرتديها الإنسان في المجالات المختلفة الطبية أو الصناعية.
ويشير البروفسور جيل لوبينو، أستاذ الهندسة الميكانيكية في «كاوست»، والذي يقود الفريق البحثي، إلى أنه حين يمد حيوان ما أحد أطرافه، فإن شبكة من الأعصاب والمستشعرات داخل جلده تقدم إشارات تساعده على توجيه طرفه في الفراغ والتفاعل مع محيطه، موضحاً أن تزويد جلد صناعي مرن بشبكة من مستشعرات الانفعال والأسلاك الموصلة يمكن أن يمنح الروبوتات رد فعل حسياً مشابهاً، وهو ما يسمح لهم بشق طريقهم وسط بيئاتهم على نحو مستقل.
ويضيف راجيش شيلاتون، طالب الدكتوراه في فريق لوبينو، إن الباحثين استخدموا - حتى الآن - مواد مختلفة لتصنيع مكونات الاستشعار والأسلاك الموصلة، وهو ما يزيد عملية التصنيع تكلفة وتعقيداً، ويوضح قائلاً: «إن هدفنا هو دمج الاستشعار والقدرة على التوصيل الكهربائي في المادة ذاتها».
كان الفريق قد طور مادة صناعية مكونة من بوليمر مرن مزود بأسلاك نانوية فضية، ويعد كل سلك منهم موصلاً بذاته، غير أن المقاومة الشديدة في الوصلات بين هذه الأسلاك تحد من الموصلية الكلية الممتدة عبر المادة، وتزداد المقاومة بصورة لافتة حين تنثني المادة وتنفصل الأسلاك النانوية التي تعمل كمجس للانفعال.
والآن نجح الفريق في التغلب على هذه العقبة، حين استخدم جهد التيار المستمر لكي يزيد من حرارة شبكة الأسلاك النانوية إلى درجة مرتفعة في نقاط المقاومة العالية؛ حيث تلتقي الأسلاك النانوية؛ ويلحم هذا التسخين الأسلاك النانوية المتجاورة معاً، مكوناً شبكة وثيقة الترابط عالية القدرة على التوصيل لا تتأثر بالتمدد والانثناء. ويوضح شيلاتون: «يمكن للحام الكهربائي ربط آلاف الوصلات داخل الشبكة في غضون 30 ثانية». ومن المثير للاهتمام أن تغيير كيفية إدخال التيار الكهربائي يحدد أياً من الأجزاء يصير موصلاً.
ومن أجل استعراض قدرات المادة التي توصلوا إليها، صنع الباحثون جلداً قابلاً للتمدد لدمية مجسمة، وغلفوا إحدى ساقي الدمية بالجلد الصناعي، ثم مرروا تياراً مستمراً عبر الجزء الأيسر فقط من الساق قبل ثنيها حتى الركبة، ورصدوا ما حدث. وقد لعبت شبكة الأسلاك النانوية على الجزء الأيمن دور مجس الانفعال، الذي نجح في رصد وضعية الساق عند ثني ركبة الدمية وفردها، أما الجانب الأيسر فقد أظهر موصلية عالية بصرف النظر عن وضعية الساق.
ويختم شيلاتون حديثه لافتاً إلى أن الخطوة التالية هي تحقيق قدر أكبر من التحكم في مواضع تكوُّن الوحدات الملحومة من الأسلاك النانوية؛ فمن المتوقع أن يمنح ذلك الباحثين القدرة على تشكيل أنماط توصيلية دقيقة داخل الجلد الصناعي.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة علمية: جزيرة العرب ظلت يانعة لفترات طويلة

جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية
جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية
TT
20

دراسة علمية: جزيرة العرب ظلت يانعة لفترات طويلة

جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية
جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية

تكاد شبه الجزيرة العربية اليوم تكون صحراء قاحلة، لكنها كانت خضراء وخصبة مرات عديدة خلال الثمانية ملايين سنة الماضية. هذا يعني أن حيوانات من أفريقيا ربما تكون قد هاجرت إلى المنطقة. وكذلك أقوام مبكرين من أشباه البشر يُعتقد أنهم كانوا محصورين في أفريقيا، وفقاً لدراسة جديدة نشرت في مجلة «نتشر»، كما كتب مايكل مارشال(*).

يقول مايكل بيتراغليا من جامعة غريفيث في بريسبان بأستراليا: «تتغير الصحارى باستمرار. لدينا أنواع من فرس النهر قادمة من أفريقيا. فلماذا لا يكون لدينا أشباه البشر؟».

صورة للدراسة المنشورة في مجلة «نتشر» وتظهر فيها أسماء الأساتذة الباحثين العرب المشاركين فيها: عبد الله الشارخ وعبد العزيز العمري ويحيى المفرح وفيصل الجبرين ومسفر القحطاني ومحمود الشنطي وإياد زلموط
صورة للدراسة المنشورة في مجلة «نتشر» وتظهر فيها أسماء الأساتذة الباحثين العرب المشاركين فيها: عبد الله الشارخ وعبد العزيز العمري ويحيى المفرح وفيصل الجبرين ومسفر القحطاني ومحمود الشنطي وإياد زلموط

جزيرة العرب اليانعة

أظهرت أبحاث سابقة أن شبه الجزيرة العربية شهدت فترات ممطرة خلال المليون ومئة ألف سنة الماضية. خلال هذه الفترات الممطرة، كانت شبه الجزيرة تضم أنهاراً وبحيرات دعمت المراعي، والغابات، ما ساهم في انتقال البشر المعاصرين، وأشباه بشرية مجهولة النسب إلى المنطقة خلال تلك الفترات المواتية.

دراسة سجل المناخ الزمني

وبهدف تمديد سجل المناخ الزمني إلى أبعد من ذلك، أخذ فريق بيتراغليا عينات من الصواعد والهوابط من سبعة كهوف في تكوين «أم الرضومة» في وسط الجزيرة العربية. ولأن هذه الصواعد والهوابط تتكون بفعل تدفق المياه إلى الكهوف، فإنها تحتوي على سجلات للمناخات السابقة.

قام الفريق بتحديد أعمارها باستخدام طريقتين: تأريخ اليورانيوم - الثوريوم، وتأريخ اليورانيوم - الرصاص. ويقول بيتراغليا إن تأريخ اليورانيوم - الرصاص يُعد تقدماً كبيراً، لأنه يسمح بتمديد سجل المناخ الأرضي إلى أبعد من ذلك بكثير في الزمن. ويضيف: «إنه ببساطة تغيير جذري».

وسجلت الكهوف أربع فترات رطبة في الثمانية ملايين سنة الماضية: من 7.44 مليون إلى 6.25 مليون سنة مضت؛ ومن 4.10 مليون إلى 3.16 مليون سنة مضت؛ ومن 2.29 مليون إلى 2.01 مليون سنة مضت؛ منذ ما بين 1.37 مليون و860 ألف سنة، وفقاً لنتائج الدراسة المنشورة في مجلة «نتشر».

مراعٍ وغابات حول الأنهار

يقول بيتراغليا إنه لا توجد لدينا حتى الآن سجلات أحفورية تكشف عن طبيعة النظم البيئية في شبه الجزيرة العربية خلال هذه الفترات الرطبة. ولكن إذا تم اعتماد الدلائل على المليون سنة الماضية، فيمكننا توقع وجود مراعٍ، وغابات غنية حول الأنهار والبحيرات.

وتعلق آنيا كروكر من جامعة ساوثهامبتون في المملكة المتحدة، التي لم تشارك في الدراسة: «بدأنا فجأةً ندرك مدى صلاحية هذه المنطقة للسكن». وتضيف أن سجلات الكهوف تُعطي على الأرجح مؤشراً جيداً على الظروف في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية، حيث تتحكم الرياح الموسمية في هطول الأمطار هناك، والتي تعمل على نطاق قاري.

من المحتمل أن يكون أشباه البشر الأوائل قد عاشوا في شبه الجزيرة العربية عندما كان المناخ مناسباً.

ويقول بيتراغليا إنه من الممكن أيضاً أن تكون الظروف الرطبة قد امتدت إلى الصحراء الكبرى غرباً. وإذا كان الأمر كذلك، فربما كانت هناك ممرات خضراء متقطعة تمتد عبر شمال أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

أشباه البشر والبشر المعاصرون

يغطي النطاق الزمني للدراسة، الذي يمتد لثمانية ملايين سنة، كامل تطور أشباه البشر hominins المعروف. وأقدم أشباه البشر، مثل الأسترالوبيثكس Australopithecus، معروفون فقط من أفريقيا. أما أفراد جنسنا، الإنسان Homo، فهم فقط من عاشوا خارج أفريقيا. وأقدمهم المعروف هو الإنسان المنتصب Homo erectus من دمانيسي في جورجيا، ويعود تاريخه إلى 1.8 مليون سنة. كما توجد أدوات حجرية، صنعها بشر مجهولون منذ 2.1 مليون سنة، من شانغشن، الصين.

ويقول بيتراغليا إنه من الممكن أن أشباه البشر، بمن فيهم من سبقوا الإنسان، عاشوا في شبه الجزيرة العربية عندما كان المناخ مناسباً. ويضيف: «تُخبرنا فترات الرطوبة أنه لا يوجد سبب يمنعهم من ذلك». وتكمن مشكلة الدراسات في وجود فجوة هائلة في السجل الأحفوري العربي، تمتد من نحو 5 ملايين إلى 500 ألف سنة مضت.

* مجلة «نيو ساينتست» خدمات «تريبيون ميديا»

شارك فيها الباحثون: عبد الله الشارخ، وعبد العزيز العمري، ويحيى المفرح، وفيصل الجبرين، ومسفر القحطاني ومحمود الشنطي، وإياد زلموط