عروض المهرجانات ليست بالضرورة طريقاً للعالمية

مخرجون يتبارون صوبها كل عام

«الرجل الذي باع جلده» (تانيت فيلمز)
«الرجل الذي باع جلده» (تانيت فيلمز)
TT

عروض المهرجانات ليست بالضرورة طريقاً للعالمية

«الرجل الذي باع جلده» (تانيت فيلمز)
«الرجل الذي باع جلده» (تانيت فيلمز)

على كثرة الأفلام العربية التي باتت تتوجه للمهرجانات الدولية المختلفة، بات من الطبيعي أن يطرح المعنيون إذا كانت السينما العربية أصبحت عالمية، أو إذا كان مخرج عربي ما أصبح عالمياً بعدما قَبل مهرجان كبير (مثل «ڤينيسيا» أو «برلين» أو«كان») عرض فيلمه في المسابقة أو خارجها.

بعضهم مستعد للمصادقة على ذلك، واعتبار أنه مجرد دخول فيلم عربي ومخرجه، مهرجاناً دولياً، أو مناسبة سنوية، من بينها الأوسكار، فإن ذلك شهادة بعالميته.

من «كفرناحوم» (وايلد بَنش)

ثلاث مخرجات

لدى مراجعة الأفلام العربية من جميع الدول المنتجة التي عُرضت في صرح دولي أو آخر منذ مطلع هذا القرن، يُصبح لزاماً الاعتراف بأن جهود مخرجي الأفلام العربية لعروض أفلامهم في تلك المحافل أثمر نجاحاً فعلياً. المهرجانات المذكورة آنفاً، بالإضافة إلى مهرجانات أساسية أخرى مثل «صندانس»، و«روتردام»، و«لندن»، و«كارلوڤي ڤاري»، و«بالم سبرينغز»، و«تورنتو» عرضت في السنوات الـ22 الأخيرة عدداً من الأفلام لمخرجين عرب من سنوات ما قبل القرن الحالي.

نتحدّث عن أفلام لهيفاء المنصور، ونادين لبكي، ومحمد رشاد، وأبو بكر شوقي، ورشيد مشهراوي، ومريم توزاني، وكوثر بن هنية، وهالة القوصي، وجيلان عوف، ومحمد الدراجي، وأمجد الرشيد، وآخرين عديدين. كل واحد من هؤلاء عرض أفلاماً في أكثر من مناسبة دولية وبعضهم نال جوائز.

كان لفوز المخرج السعودي توفيق الزايدي بالجائزة الأولى بقسم «نظرة ما»، في مهرجان «كان» العام الماضي، أثراً إيجابياً كبيراً على الجهة المنتجة (سعودية)، وعلى المخرج (سعودي)، وعلى نهج مشت عليه بنجاح أفلام سعودية عدّة بدأت بفيلم «وجدة» لهيفاء المنصور (مهرجان «ڤينيسيا» 2012)، وفيلم «بركة يقابل بركة» لمحمود الصبّاغ (برلين، 2016).

الحال نفسها تنطبق على نجاح المخرج المصري محمد دياب في عرض فيلمه «اشتباك» في «كان» 2016. وفي سنة 2018 عرض أبو بكر شوقي فيلمه «يوم الدين» في المحفل نفسه، مشيراً إلى ولادة مخرج ذي أسلوبِ عمل لافت.

نادين لبكي أمَّت «كان» في العام نفسه بفيلم «كفرناحوم»، وبدا حينها، أن السينما العربية خرجت من المحلية إلى العالمية، بعد سنوات لم يشهد خلالها المهرجان الفرنسي أفلاماً عربية في مسابقته سوى أعمال ليوسف شاهين، وقلّة أخرى وعلى نحو متباعد.

«بركة يقابل بركة» (الحوش برودكشنز)

تعريف للعالمية

بيد أن العالمية الفعلية كلمة مطّاطة ذات جوانب مختلفة. «كان» وسواه محفل عالمي بلا ريب، لكن هل كل ما يعرضه من أفلام، عربية أو أجنبية، يُصبح تلقائياً عالمياً أو يتحوّل مخرجوها إلى عالميين؟ أليس هناك كثيرون من صانعي الأفلام الذين دخلوا في مهرجانات وخرجوا منها، كما لم يكن لهم أي حضور؟ ماذا عن السوق التجارية؟ ألا تُعدُّ العرض التجاري لفيلم عربي ما، فعلاً عالمياً أيضاً؟ ومن ثَم من هو الأكثر «عالمية»: عرض في مهرجان أو اثنين أو عروض تسويقية في أوروبا أو أميركا؟

إذا كانت العالمية ذات نطاقين واحدٌ ينتمي إلى المهرجانات، وآخر ينتمي إلى الأسواق فإن الفيلم العالمي الأمثل هو الذي ينجز نجاحه في النطاقين معاً.

هذه حال أفلام ثلاث مخرجات عربيات عُرضت في المهرجانات، ومن ثَمّ أمّت العروض التجارية سريعاً وحققت أرباحاً.

هؤلاء هم: نادين لبكي (عبر «كفرناحوم»)، وهيفاء المنصور («وجدة»)، وكوثر بن هنية («الرجل الذي باع جلده»). كل من هذه الأفلام باعت تذاكر وفيرة في أنحاء أوروبية وأميركية وآسيوية.

هل امتلكت المخرجات الإناث عناصر جذب لم تُتح لسواهن؟ موضوع نادين لبكي عن تعاسة وضع مجتمعي مُزيَّن بضربات مبطّنة وأخرى واضحة ضد ذلك المجتمع. موضوع هيفاء المنصور كان عن الطموح والأمل والوضع الصَّعب الذي عاشته المرأة في سالف حين. وموضوع كوثر بن هنية عن عربي من سوريا قَبِل صفقة يقوم فيها ببيع ظهره إلى رسّام ليرسم عليه كما لو كان لوحة.

بكائيات

لا يسعنا هنا سوى الاعتراف بأن مخرجين عرب سابقين، مثل مصطفى العقاد، وميشيل خليفي، ورضا الباهي، سبق لهم أن خبروا نجاحات متعددة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي. كذلك لا بدّ من القول إن بعض مخرجي اليوم، من الرجال والنساء، شهدوا عرض أفلام لهم في سوق أوروبية أو اثنين تبعاً لعروض مسبقة في المهرجانات الكبرى، وأن التيمة المختارة موضوعاً تلعب دورها، بقدر ما تكون جديدة وبعيدة عن الخطاب المباشر بقدر ما يُتاح لها مضاعفة فرص العروض المختلفة. جزء من المشكلة هي أن الأفلام التي تَعرض لمآسي وطن ما، وبؤس وضع اجتماعي هنا، أو تبعات حرب هناك، تفقد وقودها سريعاً.

لا بدّ من الختام هنا بالقول إن معظم الأفلام العربية التي أُطلقت صوب المهرجانات ليست من تمويل عربي كامل ولا، في أحيان عدَّة، من تمويل عربي بالمطلق. هذه الحقيقة تفتح معاينة أخرى موازية يصح معها التساؤل: ماذا لو كانت عربية الإنتاج على نحو كامل؟ هل كانت لتصل إلى معظم المهرجانات التي عرضتها؟


مقالات ذات صلة

ختام لامع لـ«أفلام السعودية» بتتويج 7 بجوائز «النخلة الذهبية»

يوميات الشرق لقطة جماعية للفائزين والمكرمين في المهرجان (الشرق الأوسط)

ختام لامع لـ«أفلام السعودية» بتتويج 7 بجوائز «النخلة الذهبية»

في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، اختطف فيلم «سلمى وقمر» للمخرجة عهد كامل، النخلة الذهبية لأفضل فيلم.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
يوميات الشرق لقطة جماعية للفائزين بحفل ختام المهرجان (إدارة المهرجان)

سيطرة نسائية على جوائز مهرجان «جمعية الفيلم» بمصر

استحوذ فيلما «رحلة 404» لمنى زكي، و«الهوى سلطان» لمنة شلبي، على نصيب الأسد من جوائز الدورة الـ51 لمهرجان جمعية الفيلم بمصر.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق يتَّخذ الفيلم الإيطالي من الحرب العالمية الثانية خلفية تاريخية له (نتفليكس)

«قطار الأطفال»... رحلة إنسانية إلى الزمن السينمائي الجميل

ليس فيلم «قطار الأطفال» من الصنف الذي يضيِّع وقت المشاهد. فيه من الثراء الإنساني والتاريخي والسينمائي ما يكفي لإشباع العين والفكر معاً.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق كريم عبد العزيز وإياد نصار بأحد مشاهد فيلم «المشروع x» (الشركة المنتجة)

مصر: 4 أفلام تحجز مواقعها مبكراً في سباق موسم «الصيف»

أعلنت شركات إنتاج مصرية عن مواعيد طرح أحدث أفلامها في موسم عيد الأضحى والصيف، ومن أبرزها فيلم «المشروع x» للنجم كريم عبد العزيز.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق عصام عمر وأحمد مالك وطه دسوقي وأحمد داش خلال العرض الخاص للفيلم (فيسبوك - طه دسوقي)

«سيكو سيكو»... سينما الشباب تحقِّق طفرة في «شباك التذاكر» بمصر

حقق فيلم «سيكو سيكو» طفرة كبيرة في «شباك التذاكر» بمصر، بعد حصوله على إيرادات تجاوزت 130 مليون جنيه، منذ بداية عرضه قبل 22 يوماً.

داليا ماهر (القاهرة )

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
TT

من شباك التذاكر إلى «مهرجان أفلام السعودية»... الكوميديا الشبابية تكسب الرهان

الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)
الطلاب في فيلم «فخر السويدي» الذين تجمعهم مغامرات مضحكة (الشركة المنتجة)

في الوقت الذي يحافظ فيه الفيلم الكوميدي السعودي «شباب البومب 2» على تصدّر شباك التذاكر السعودي، محققاً إيرادات تجاوزت 2.77 مليون ريال، وذلك بعد شهر من بدء عرضه، تشهد الدورة الحادية عشرة من «مهرجان أفلام السعودية» إقبالاً لافتاً على عروض أفلام كوميدية سعودية، في مؤشر يلفت إلى الحضور المتنامي لهذا النوع من الأعمال بين صنّاع الأفلام والجمهور على حد سواء.

ورصدت «الشرق الأوسط» حضوراً جماهيرياً مكثفاً في عروض فيلمين كوميديين هما «إسعاف» و«فخر السويدي»؛ إذ امتلأت صالات العرض، واصطفت الجماهير في طوابير طويلة، معظمهم من فئة الشباب وصغار السن، وهي الفئة التي يستهدفها فيلم «شباب البومب 2»؛ ما يعكس توجه الجمهور المحلي بشكل واضح نحو الكوميديا.

والمشترك بين هذه الأفلام الثلاثة، على تفاوت مستوياتها الفنية، أنها لا تتعامل مع الكوميديا بوصفها هامشاً، بل تقدمها كلغة للتواصل مع الجمهور ومعايشة واقعه ومفارقاته اليومية.

فريق فيلم «إسعاف» مع المخرج كولين توج (الشركة المنتجة)

«إسعاف»... مغامرة خطرة

فيلم «إسعاف»، إخراج كولين توج، وبطولة: إبراهيم الحجاج، ومحمد القحطاني، وفيصل الدوخي، وفهد البتيري، ونرمين محسن، ومطلق مطر، ومهند الصالح، وسعيد صالح، وحسن عسيري، ولطيفة المجرن، ونجوم آخرين، تتناول قصته شابين يعملان مسعفَين؛ الأول مستهتر والثاني جاد، وكلاهما يتورطان مع مجرم يلاحقهما بشكل مريب (فيصل الدوخي)، ويحاولان الهرب منه، ولكن يقعان في ورطة كوميدية، تفاعل معها الحضور في قاعة المهرجان بالضحك والتصفيق طيلة مدة الفيلم الذي تمكن من تحقيق المركز الرابع في قائمة شباك التذاكر السعودي، في أسبوعه الأول، بإيرادات تجاوزت 1.8 مليون ريال.

حضور كثيف شهده فيلم «فخر السويدي» أثناء عرضه في المهرجان (تصوير: إيمان الخطاف)

«فخر السويدي»... كوميديا مدرسية

أما فيلم «فخر السويدي» الذي تدور أحداثه داخل مدرسة ثانوية للبنين في حي السويدي بمدينة الرياض، فيتناول قصة مدير المدرسة «شاهين» (فهد المطيري) الذي يخترع فصلاً دراسياً جديداً للطلاب باسم «الفصل الشرعي»؛ ما يعرضه للكثير من المتاعب مع أخيه مالك المدرسة، وكذلك مع الطلاب والمعلمين الذين يحاولون الخروج عن المألوف لتحقيق مطالب المدير «شاهين».

وقد حظي الفيلم كذلك بحضور جماهيري كبير، وتفاعل الجمهور بالضحكات على المواقف الكوميدية التي يمتلئ بها الفيلم، علماً بأنه من المنتظر عرضه في صالات السينما السعودية يوم 8 مايو (أيار) المقبل.

ويضم «فخر السويدي» مجموعة من الممثلين، على رأسهم: فهد المطيري، وفيصل الأحمدي، وسعيد القحطاني، ويزيد الموسى، وياسين غزاوي، وصلاح الدالي، إضافة إلى محمد علي، ومهند الصالح، وعبد الله أحمد، وأسامة صالح، ونايف الفواز، وعبد العزيز المبدل، وأسامة القس. وهو فيلم من تأليف يزيد الموسى، ومن إخراج هشام فتحي وعبد الله بامجبور وأسامة صالح.

وبشكل عام، استطاع مهرجان أفلام السعودية الذي تُنظمه «جمعية السينما»، بالشراكة مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، ودعم هيئة الأفلام، أن يجذب شريحة جديدة من فئة الشباب الذين تستهويهم الأفلام الكوميدية، خاصة مع كثافتها في الدورة الحادية عشرة التي يُسدل الستار على فعالياتها مساء الأربعاء المقبل، في حفل كبير يُقام في مسرح «إثراء»، ويتخلله تتويج عدد من الأفلام الفائزة ضمن عدة مسارات.