فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

يساعد الروبوتات على الإحساس مثل البشر

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية
TT

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

فريق بحثي من «كاوست» يطور جلداً مرناً مزوداً بأسلاك نانوية

تعكف معظم الدراسات الحديثة المعنية بتطوير الروبوتات والأعضاء الصناعية، على تحسين تفاعلها وتأقلمها مع البيئة المحيطة، بشكل يجعلها تشبه البشر في نواحٍ كثيرة، كالحركة والذكاء الصناعي والإحساس، عبر إمدادها بجلد صناعي يجعلها تستشعر الحرارة والضغط وغيرها من وظائف الجلد الطبيعي.
وفي هذا الصدد أثبت باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن تزويد الروبوتات بجلد صناعي لين غني بالإلكترونيات المرنة، قد يحسن من طريقة استشعارها لمحيطها وتفاعلها مع البيئة.
وقد اكتشف الفريق كيفية برمجة القدرة على التوصيل الكهربائي واستشعار الانفعال، داخل مادة واحدة مدمجة داخل جلد مبلمر مرن قابل للتمدد. ويمكن لهذا الاكتشاف أن تكون له تطبيقات في الأجهزة الإلكترونية التي يرتديها الإنسان في المجالات المختلفة الطبية أو الصناعية.
ويشير البروفسور جيل لوبينو، أستاذ الهندسة الميكانيكية في «كاوست»، والذي يقود الفريق البحثي، إلى أنه حين يمد حيوان ما أحد أطرافه، فإن شبكة من الأعصاب والمستشعرات داخل جلده تقدم إشارات تساعده على توجيه طرفه في الفراغ والتفاعل مع محيطه، موضحاً أن تزويد جلد صناعي مرن بشبكة من مستشعرات الانفعال والأسلاك الموصلة يمكن أن يمنح الروبوتات رد فعل حسياً مشابهاً، وهو ما يسمح لهم بشق طريقهم وسط بيئاتهم على نحو مستقل.
ويضيف راجيش شيلاتون، طالب الدكتوراه في فريق لوبينو، إن الباحثين استخدموا - حتى الآن - مواد مختلفة لتصنيع مكونات الاستشعار والأسلاك الموصلة، وهو ما يزيد عملية التصنيع تكلفة وتعقيداً، ويوضح قائلاً: «إن هدفنا هو دمج الاستشعار والقدرة على التوصيل الكهربائي في المادة ذاتها».
كان الفريق قد طور مادة صناعية مكونة من بوليمر مرن مزود بأسلاك نانوية فضية، ويعد كل سلك منهم موصلاً بذاته، غير أن المقاومة الشديدة في الوصلات بين هذه الأسلاك تحد من الموصلية الكلية الممتدة عبر المادة، وتزداد المقاومة بصورة لافتة حين تنثني المادة وتنفصل الأسلاك النانوية التي تعمل كمجس للانفعال.
والآن نجح الفريق في التغلب على هذه العقبة، حين استخدم جهد التيار المستمر لكي يزيد من حرارة شبكة الأسلاك النانوية إلى درجة مرتفعة في نقاط المقاومة العالية؛ حيث تلتقي الأسلاك النانوية؛ ويلحم هذا التسخين الأسلاك النانوية المتجاورة معاً، مكوناً شبكة وثيقة الترابط عالية القدرة على التوصيل لا تتأثر بالتمدد والانثناء. ويوضح شيلاتون: «يمكن للحام الكهربائي ربط آلاف الوصلات داخل الشبكة في غضون 30 ثانية». ومن المثير للاهتمام أن تغيير كيفية إدخال التيار الكهربائي يحدد أياً من الأجزاء يصير موصلاً.
ومن أجل استعراض قدرات المادة التي توصلوا إليها، صنع الباحثون جلداً قابلاً للتمدد لدمية مجسمة، وغلفوا إحدى ساقي الدمية بالجلد الصناعي، ثم مرروا تياراً مستمراً عبر الجزء الأيسر فقط من الساق قبل ثنيها حتى الركبة، ورصدوا ما حدث. وقد لعبت شبكة الأسلاك النانوية على الجزء الأيمن دور مجس الانفعال، الذي نجح في رصد وضعية الساق عند ثني ركبة الدمية وفردها، أما الجانب الأيسر فقد أظهر موصلية عالية بصرف النظر عن وضعية الساق.
ويختم شيلاتون حديثه لافتاً إلى أن الخطوة التالية هي تحقيق قدر أكبر من التحكم في مواضع تكوُّن الوحدات الملحومة من الأسلاك النانوية؛ فمن المتوقع أن يمنح ذلك الباحثين القدرة على تشكيل أنماط توصيلية دقيقة داخل الجلد الصناعي.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

استراتيجيات علمية لتبني الذكاء الاصطناعي في الدول النامية

الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
TT

استراتيجيات علمية لتبني الذكاء الاصطناعي في الدول النامية

الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)
الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة بارزة في النقاشات العالمية (رويترز)

يحتل الذكاء الاصطناعي حالياً مكانة بارزة في النقاشات العالمية؛ حيث يتم استكشاف مدى اعتماده وتأثيره الواسع على المنظمات والأعمال والمجتمع. ووفق تقرير صادر عن شركة «آي بي إم»، بلغ معدل تبني الذكاء الاصطناعي عالمياً 35 في المائة عام 2022، مسجلاً بذلك زيادة ملحوظة بمقدار 4 نقاط عن العام السابق.

تخلف الدول النامية

ورغم الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات الصحية، وتعزيز التعليم، ودعم أنظمة الطاقة، ورفع كفاءة الحوكمة، فإن البلدان ذات الدخل المنخفض لا تزال تعاني من نقص الأبحاث والتطبيقات المتاحة في هذا المجال.

وفي هذا السياق، سعى باحثون من الولايات المتحدة واليابان إلى وضع استراتيجيات تتيح لهذه الدول دمج الذكاء الاصطناعي بفاعلية في قطاعات حيوية مثل الصحة والتعليم والطاقة والحوكمة، مؤكدين أهمية تقليص الفجوة الرقمية لضمان وصول فوائد الذكاء الاصطناعي للجميع.

وأشار الباحثون، في دراستهم المنشورة بعدد 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بدورية «Humanities and Social Sciences Communications» إلى العقبات الأساسية التي تواجه البلدان ذات الدخل المنخفض في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، التي تشمل محدودية الوصول إلى التكنولوجيا، وضعف البنية التحتية، وقلة الكوادر المتخصصة، مشددين على أن هذه التحديات تعيق قدرة هذه الدول على توظيف الذكاء الاصطناعي بفاعلية لدعم التنمية المستدامة، ما يستدعي استراتيجيات تكاملية لمعالجة هذه الثغرات وتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانات الذكاء الاصطناعي.

يقول الدكتور محمد سالار خان، أستاذ السياسات العامة في معهد روتشستر للتكنولوجيا بنيويورك، إن المضي قدماً في مجال الذكاء الاصطناعي ليس خياراً، بل ضرورة لهذه البلدان. ومن خلال تعزيز البنية الرقمية، وتدريب الكوادر البشرية، وتبني سياسات فعّالة؛ يمكن لهذه الدول الاستفادة من القدرات التحويلية للذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة لمواطنيها.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «على صانعي السياسات إدراك الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في تحقيق التنمية العادلة، وإعطاء الأولوية للمبادرات التي تدعم دمجه في هذه البلدان، ومن خلال الجهود التعاونية، يمكن للمجتمع الدولي ضمان ألا تتخلف البلدان منخفضة الدخل عن ثورة الذكاء الاصطناعي».

استراتيجيات فعالة

تواجه الدول ذات الدخل المنخفض تحديات فريدة في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يستدعي اقتراح استراتيجيات تتماشى مع احتياجاتها الخاصة. وفقاً لأستاذ السياسات العامة في معهد روتشستر للتكنولوجيا بنيويورك، يتطلب دمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية نهجاً متعدد الجوانب.

ووفق خان، تتمثل إحدى التوصيات الأساسية في تعزيز البحث والتطوير، من خلال دعم الجامعات والمؤسسات المحلية في إجراء أبحاث الذكاء الاصطناعي الموجهة إلى التحديات المحلية، وإنشاء مراكز ابتكار تركز على تطوير تقنيات مناسبة للصناعات المحلية. كما يُنصح بتوفير التمويل والموارد للشركات الناشئة المحلية المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وتشمل التوصيات أيضاً بناء أنظمة ذكاء اصطناعي متكاملة، عبر تطوير استراتيجية وطنية لتعزيز القدرات في هذا المجال، وإنشاء شبكات تعاونية بين الكيانات المحلية والمنظمات الدولية.

ونبه خان إلى ضرورة تشجيع مشاركة القطاع الخاص في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعالج القضايا المحلية، خاصة في مجالات الصحة والتعليم، وتنفيذ مشاريع تجريبية تُظهر التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي.

تقنيات تتناسب مع السياقات المحلية

وشدد خان على ضرورة ضمان وصول عادل للتكنولوجيا، مع التركيز على المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات في هذا المجال، وتعزيز الاستقلال التكنولوجي عبر تطوير تقنيات تتناسب مع السياقات المحلية.

وأوصى خان بضرورة التعاون مع الدول المتقدمة للحصول على دعم في مجال نقل التكنولوجيا؛ حيث يمكن للبلدان ذات الاقتصاديات المتقدمة والمنظمات الدولية ذات الصلة مثل اليونيسكو، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، والبنك الدولي؛ دعم هذه الدول في مساعيها من خلال نقل التكنولوجيا، وتقديم المنح، والمساعدات.

ونصح خان بضرورة تحسين الأطر السياسية من خلال وضع إرشادات تنظيمية واضحة، وإشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية صنع القرار، لضمان وضع المبادئ التوجيهية واللوائح الأخلاقية التي تضمن تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وعادل.

ومن خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن للدول ذات الدخل المنخفض دمج الذكاء الاصطناعي بفاعلية، ما يعزز التنمية ويقلل الفجوات الحالية في اعتماد التكنولوجيا، على حد قول خان.