التغيّرات الجيوسياسية لم تعد تُخيف المستثمرين الألمان

التغيّرات الجيوسياسية لم تعد تُخيف المستثمرين الألمان
TT

التغيّرات الجيوسياسية لم تعد تُخيف المستثمرين الألمان

التغيّرات الجيوسياسية لم تعد تُخيف المستثمرين الألمان

يعمد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في الوقت الحالي، على تفعيل استراتيجية تأجيج التوتّرات السياسية حول العالم. مع ذلك لا تأبه الأسواق المالية الدولية ولا المستثمرون الدوليون وبينهم الألمان بالطبخة السياسية الأميركية التي يعتقد الخبراء في برلين أنها مُتعمّدة لتوليد تغيّرات اقتصادية وجيوسياسية في العالم هدفها طرح نموذج نظام مالي دولي جديد. وعلى الرغم من التوتّرات بين الولايات المتحدة، من جهة، وكوريا الشمالية والصين وإيران، من جهة ثانية، نجحت بورصة (وول ستريت) في تحقيق أرباح كان معدّلها عند 20 في المائة سنوياً في العامين الأخيرين.
وبعد حلحلة النزاع الأميركي الكوري الشمالي في عام 2018 والتوصّل إلى اتفاق مبدئي بخصوص الضرائب الجمركية الأميركية الصينية في 12 ديسمبر (كانون الأول) من عام 2019 تمكّنت بورصة (وول ستريت) من تحجيم الأزمة الإيرانية، التي ترافق عام 2020 منذ يومه الأول، وتحجيم مفعولها في غضون أيامٍ قليلة. وبهذا، لم يعد المستثمرون يخشون من مغبّات اللعبة الجيوسياسية التي تُحاك سرّا من جانب حُكّام العالم الغربي. وتعتبر البورصات الأميركية المُستفيدة الأولى من هذه اللعبة.
يقول البروفسور الألماني مارتين ديتسلير في جامعة برلين، إنّ المستثمرين الألمان تعلّموا درسا قاسيا من تجاربهم السابقة جعلهم أكثر شجاعة في هندسة خططهم المالية. ويبدو أن حالة عدم الاستقرار السياسي، حول العالم، أثبتت أنها صديقة وليست عدوّة البورصات العالمية. ويضيف أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قادر، خارج بلده، على التأثير على البورصات الأوروبية بصورة أقوى مما يُمكن لأي قائد سياسي أوروبي، على رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أن يفعله.
ويختم القول: «تشير النتائج الأخيرة الصادرة عن عمليات تتبّع تداخلات الرئيس الأميركي في خريطة التوتّرات الجيوسياسية الدولية إلى أن الأسواق المالية العالمية تستقبل آثارها عن طريق خطوتين. تتمثّل الأولى في مخاوف كبيرة وتقلّبات في الأسواق المالية لفترة قصيرة يتبعها كخطوة ثانية ارتياح واسع النطاق في صفوف المستثمرين. ولو تم تصنيف التوتّرات الجيوسياسية بأنها أميركية الصُنع فإنّ أضرارها الاقتصادية موجودة. إذ يكفي النظر إلى تقلّص حجم التجارة الدولية بفِعل الحرب الضريبية الجمركية الانتقامية بين الولايات المتحدة والصين. لكن، وعلى صعيد البورصات الدولية، تساهم هذه التوتّرات في إعطاء الزخم النفسي والمعنوي للمستثمرين بصورة بديهية يصعب تحليلها».
في سياق متصل، يشير الخبير الألماني بيتر شينك والمستشار لدى مصرف دويتشه بنك إلى أن للمصارف المركزية دورا في تحفيز المستثمرين ونزع المخاوف من خططهم الآتية. ويضيف أن ما حدث في عام 2018 اختلف كلياً عمّا حصل في عام 2019 فالعام 2018 كان كارثياً على كافة الأسواق المالية الدولية، وعانت منه بورصة فرنكفورت كثيراً لدى قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة تزامناً مع إعلان المصرف المركزي الأوروبي خطوات إنهاء عمليات الإغراق المالي للأسواق المالية الأوروبية. وما إن تراجع المركزي الأوروبي عن هذه الخطوات، في عام 2019 حتى سجّلت البورصات الأوروبية انتعاشا تاريخيا. ما ينوّه بأن مواصلة المصارف المركزية العالمية أمدّ أسواقها بالمال الطازج مع تشبّثها بأسعار الفائدة المتدنية وهما عاملان مهمان سرعان ما تحوّلا إلى حوافز في عيون المستثمرين.


مقالات ذات صلة

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا بوتين يتحدث مع طلاب مدرسة في جمهورية توفا الروسية الاثنين (إ.ب.أ) play-circle 00:45

بوتين يتوعد الأوكرانيين في كورسك ويشدد على استمرار الحرب حتى تحقيق أهدافها

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن الهجوم الأوكراني في كورسك لن يوقف تقدم جيشه في منطقة دونباس، متعهداً بمواصلة العمليات الحربية حتى تحقيق أهداف بلاده.

رائد جبر (موسكو)

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
TT

رئيسة «إيرث كابيتال»: السعودية تستثمر في التقنيات لتلبية احتياجاتها المائية

جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)
جلسات علمية و11 ورقة عمل في اليوم الثاني من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (الشرق الأوسط)

أكدت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال»، أفينت بيزويدينهوت، أن السعودية إحدى الدول التي تواجه تحديات مائية ضخمة، إلا أنها تلعب دوراً ريادياً في مواجهة هذه الأزمة، حيث تستثمر في تقنيات التحلية لتلبية احتياجاتها من المياه الصالحة للشرب.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، المنعقدة في مدينة جدة (غرب السعودية)، إن مشاريع «التخضير» في بعض المناطق الصحراوية تسهم في تحسين البيئة المحلية وزيادة المساحات الخضراء، ولا يزال هناك الكثير من العمل الواجب إنجازه، خصوصاً في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.

وشددت الرئيسة التنفيذية لـ«إيرث كابيتال»، أحد المستثمرين في مجال تقنيات المياه، على أهمية الابتكار في تقديم حلول فعّالة، وأن هناك تقدماً ملحوظاً في هذا الإطار بالمقارنة بين المؤتمر الحالي والنسخة الماضية، إلا أن التقييم بين الشركات يظل معقداً، حيث يختلف الفهم بين المتخصصين في المجال التكنولوجي وذوي الخلفيات الاستثمارية.

تحقيق العوائد

وأوضحت أن المهندسين يركزون على الجانب التقني، بينما يسعى المستثمرون إلى معرفة مدى قدرة النموذج التجاري على التوسع وتحقيق العوائد.

وعن التحديات المتعلقة بمشكلة المياه في منطقة الشرق الأوسط والعالم، أوضحت بيزويدينهوت، أن المملكة تمتلك ريادة في مجالات مثل تحلية المياه وتخضير المناطق، ما يمنحها دوراً مهماً في التصدي لهذه الأزمة. و«مع تزايد التأثيرات السلبية للتغير المناخي، تصبح الحاجة إلى التفكير بطرق أكثر ذكاءً وحلول مبتكرة أكثر إلحاحاً».

وأكملت أن الحلول التي تعتمد على الابتكار يجب أن تواكب الحاجة المتزايدة إلى العمل بالتوازي مع الطبيعة. «فبدلاً من التوجه نحو حلول قسرية قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، يجب العمل مع البيئة لتطوير نماذج مستدامة. وهذا يعد تحولاً مهماً في الفكر، حيث بدأت عدد من الدول تدرك أهمية التعامل مع الطبيعة بدلاً من محاربتها».

التغيرات المناخية

وفيما يخص الجفاف وارتفاع معدلات الفيضانات، لفتت بيزويدينهوت إلى أن هذه الظواهر أصبحت أكثر تكراراً وقوة، وهي نتيجة واضحة للتغيرات المناخية التي تسببت بها الأنشطة البشرية، مبينةً أن الموجات الحارة، والفيضانات المفاجئة، والجفاف الذي يضرب الأنهار، باتت مؤشرات تدل على تدخل الإنسان في الطبيعة. ورغم التحديات الكبيرة، أبدت بيزويدينهوت تفاؤلها بأن الابتكار يمكن أن يكون الأمل في إصلاح الوضع الراهن، وأنه مع تقدم الأبحاث والوعي المتزايد بأهمية المحافظة على البيئة، يمكن للبشرية أن تجد حلولاً أكثر استدامة، تضمن حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة.

وناقش خبراء وباحثو المياه في جلسات اليوم الثاني من فعاليات النسخة الثالثة من «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه»، أبرز التحديات المستقبلية التي تواجه الموارد المائية عالمياً، مستعرضين حلولاً تقنية مبتكرة تدعم تحقيق الاستدامة البيئية وتعزز من كفاءة استخدام المياه ومواجهة تحدياتها.

وشهدت الجلسات العلمية تقديم رؤى متقدمة حول مواضيع دمج التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، في إدارة الموارد المائية، ودور التقنيات المبتكرة في تقليل الأثر البيئي لعمليات تحلية المياه بوصفها خطوة محورية نحو إدارة مستدامة وشاملة للموارد.

التحديات المائية

واستعرض وكيل الرئيس لإدارة الأبحاث والتقنيات الواعدة في الهيئة السعودية للمياه، المهندس طارق الغفاري، في كلمة افتتاحية بعنوان «الريادة المستقبلية للمياه في المملكة»، قيمة التكامل بين احتياجات المجتمع المحلي والتقنيات الحديثة لتحقيق استدامة شاملة، مُسلطاً الضوء على «رؤية 2030» في تبني الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المائية.

وفي الجلسة الأولى ناقش كل من الخبراء كالا فايرافامورثي، وبوب تايلور، مستقبل أنظمة المياه ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءتها التشغيلية، ودعم اتخاذ القرار بناءً على تحليل البيانات الضخمة.

وتناولت الجلسة الثانية التي قادها الخبير الاستراتيجي عامر بتيكي، «تأثير الذكاء الاصطناعي في استدامة المياه»، واستعرض المشاركون تطبيقات عملية لتحليل البيانات الكبيرة وتقليل الفاقد المائي، إضافة إلى تعزيز كفاءة شبكات توزيع المياه. وفي الجلستين الثالثة والرابعة عُرضت تجارب مبتكرة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة المياه، تضمنت أمثلة حية على تحسين كفاءة الشبكات وتقليل الهدر، عبر حلول تقنية متطورة.