قوات النظام تحكم السيطرة على مدينة سراقب

تربط طريقين رئيسيين في سوريا

TT

قوات النظام تحكم السيطرة على مدينة سراقب

سيطرت قوات النظام السوري السبت على كامل مدينة سراقب في إدلب في شمال غربي البلاد والتي تشكل نقطة التقاء بين طريقين دوليين يربطان محافظات عدة، رغم تحذيرات أطلقتها أنقرة التي أرسلت المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وتأتي السيطرة على سراقب في إطار هجوم واسع بدأته قوات النظام بدعم روسي في ديسمبر (كانون الأول) في مناطق في إدلب وجوارها تؤوي ثلاثة ملايين شخص، وواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.
وأفاد التلفزيون السوري الرسمي السبت بأن «وحدات من الجيش تحكم سيطرتها بالكامل على مدينة سراقب» في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، مشيراً إلى انتهاء عمليات التمشيط «بالكامل من المفخخات والألغام».
ويتركز هجوم قوات النظام على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي وريف حلب الجنوبي الغربي المجاور؛ حيث يمر الطريق الدولي «إم فايف» الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدنا رئيسية عدة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
وتستشرس دمشق في الوقت الراهن لاستعادة هذا الطريق كاملا.
وتحظى مدينة سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي بأهمية استراتيجية كونها نُشكل نقطة التقاء لـ«إم 5» مع طريق آخر متفرع منه يربط محافظتي حلب وإدلب باللاذقية.
ومنذ بدء الهجوم، سيطرت قوات النظام على عشرات المدن والبلدات في ريفي إدلب وحلب، أبرزها مدينة معرة النعمان جنوب مدينة إدلب، مركز المحافظة.
وتواصل قوات النظام تقدمها، وقد تمكنت الجمعة من السيطرة على الجزء من طريق «إم 5» الموجود في محافظة إدلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أنه لا يزال هناك 30 كيلومتراً من الطريق الدولي خارج سيطرة دمشق تمر في ريف حلب الجنوبي الغربي.
وأفاد المرصد بأن المعارك تتركز اليوم قرب الطريق في ريف حلب الجنوبي الغربي، كما تستهدف الطائرات الحربية الروسية والسورية مناطق عدة في محيطه.
وقبل دخول القوات الحكومية إليها، كانت مدينة سراقب أصبحت شبه خالية من السكان نتيجة موجة النزوح الضخمة التي شهدتها مع اقتراب الهجوم منها.
ودفع التصعيد العسكري بـ586 ألف شخص إلى النزوح من مناطق التصعيد في إدلب وحلب في اتجاه مناطق لا يشملها القصف قرب الحدود التركية، وفق الأمم المتحدة. وتعد موجة النزوح هذه بين الأكبر منذ اندلاع النزاع العام 2011.
وأسفر الهجوم أيضاً عن مقتل أكثر من 300 مدني، بحسب حصيلة للمرصد. كما أغلقت عشرات المرافق الطبية، وتحدثت الأمم المتحدة عن هجمات طالت البنى التحتية.
ومنذ سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة على كامل المحافظة في العام 2015، صعدت قوات النظام بدعم روسي قصفها للمحافظة. وشنت هجمات برية قضمت خلالها مناطق عدة على مراحل تقدما.
وباتت هيئة تحرير الشام والفصائل تسيطر على 52 في المائة فقط من محافظة إدلب وأجزاء من المحافظات الثلاث المحاذية لها، حلب وحماة واللاذقية.
وبموجب اتفاق روسي تركي يعود للعام 2018، تنشر تركيا في منطقة إدلب 12 نقطة مراقبة، إلا أن ثلاثا منها باتت محاصرة من قوات النظام.
وأرسلت تركيا خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة، دخل القسم الأكبر منها بعد تبادل إطلاق النار الإثنين بين القوات التركية والسورية خلف أكثر من 20 قتيلاً من الطرفين.
وحذرت وزارة الدفاع التركية السبت في تغريدة بأنه «في حال وقوع هجوم جديد، سيتم الرد بشكل مناسب وبأشد طريقة بناء على حق الدفاع عن النفس».
وأثار التصعيد بين أنقرة ودمشق خشية من تدهور أكبر للوضع المضطرب في محافظة إدلب التي تشهد «كارثة إنسانية».
وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن دخول أكثر من 350 آلية عسكرية تركية منذ يوم الجمعة إلى منطقة إدلب. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن «القوات التركية استحدثت نقاطا عدة قرب بلدات شمال سراقب لتشكل جدراً أمام تقدم قوات النظام».
ورجح أن تركز قوات النظام عملياتها الآن على محيط الطريق الدولي «إم 5» غرب حلب بدلاً من التوجه إلى شمال إدلب، مشيراً إلى أن مقاتلين إيرانيين ومن حزب الله اللبناني يشاركون في معارك حلب.
واتهم الجيش السوري في بيان الخميس القوات التركية بالانتشار «بين بلدات بنش ومعرة مصرين وتفتناز» شمال سراقب «بهدف حماية الإرهابيين (...) وعرقلة تقدم الجيش العربي السوري».
وشاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية السبت عشرات الآليات التركية التي وصلت إلى المنطقة، مشيراً إلى أن جزءاً منها توجه إلى مطار تفتناز العسكري، وانتشرت أخرى في معسكر جنوب مدينة إدلب.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.