هدوء في ساحات التظاهر العراقية بعد انسحاب مؤيدي الصدر

مُتظاهِرة عراقية تلوّح بعلم بلادها خلال مسيرة مناهضة للحكومة في مدينة البصرة  (أ.ف.ب)
مُتظاهِرة عراقية تلوّح بعلم بلادها خلال مسيرة مناهضة للحكومة في مدينة البصرة (أ.ف.ب)
TT

هدوء في ساحات التظاهر العراقية بعد انسحاب مؤيدي الصدر

مُتظاهِرة عراقية تلوّح بعلم بلادها خلال مسيرة مناهضة للحكومة في مدينة البصرة  (أ.ف.ب)
مُتظاهِرة عراقية تلوّح بعلم بلادها خلال مسيرة مناهضة للحكومة في مدينة البصرة (أ.ف.ب)

شهدت بغداد وتسع محافظات عراقية، اليوم (السبت)، حالة من الهدوء والاستقرار بعد دخول القوات الأمنية ساحات التظاهر، وسط ترحيب المتظاهرين، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
ويأتي ذلك في ظل غياب تام لأصحاب «القبعات الزرقاء»، من مؤيدي مقتدى الصدر الذين غادروا بضغط من المرجعية الشيعية والقوى السياسية، بعد تصاعد وتيرة العنف وإجبار المتظاهرين على إخلاء ساحات التظاهر.
وقال شهود عيان لـ«وكالة الأنباء الألمانية» إن القوات الأمنية دخلت إلى ساحات التظاهر، وتجولت فيها مع المتظاهرين في بغداد وتسع محافظات، بناء على قرار من وزارة الدفاع بتولي القوات الأمنية عملية بسط الأمن، وإبعاد الجماعات المسلحة التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر التي حاولت خلال الأيام الماضية فض التظاهرات والاعتصامات بالقوة.
وحسب الشهود، شرعت القيادات الأمنية في بغداد، والمحافظات منذ ساعة متقدّمة من الليل في تولي عمليات بسط الأمن ومشاركة المتظاهرين أنشطتهم، وإبعاد الجماعات المسلحة من أصحاب «القبعات الزرقاء» الذين غادروا الساحات بهدوء، فيما تعالت أصوات المتظاهرين بعد انتشار القوات الأمنية بهتاف «بالروح بالدم نفديك يا عراق».
وأوضح الشهود أن المتظاهرين سمحوا للقوات الأمنية بتفتيش خيام الاعتصام والاستماع إلى توجيهات القوات الأمنية، وتوفير أجواء آمنة للمتظاهرين في التعبير عن مطالبهم بصورة سلمية دون المساس بأمن البلاد، والاتفاق على حصر مساحة التظاهر في ساحات التظاهر وعدم قطع الطرق والجسور وإعادة افتتاح الدوائر الحكومية والمدارس.
وبحسب الشهود، فإن ساحات التظاهر «خلت من أصحاب القبعات الزرقاء، لكن جماهير التيار الصدري ما زالت تنتشر في ساحات التظاهر لدعم مطالب المتظاهرين السلمية».
وكانت وزارة الدفاع دعت قياداتها في بغداد ومحافظات البصرة والناصرية وميسان والديوانية وواسط وكربلاء والنجف وبابل إلى العمل بـ«كل طاقاتها وإمكاناتها لحماية أبناء شعبنا بشكل عام، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع من أجل المصلحة الوطنية».
وأهابت الوزارة، في بيان صحافي، بـ«جميع منتسبيها من الضباط والمراتب، بضرورة أخذ دورهم الحقيقي والحازم تجاه من يريد العبث بأمن البلاد واستقرارها، وعليها مسؤولية فرض القانون والنظام على الجميع، وأن تكون كما عهدها كل العراقيين حامية للدستور والعملية السياسية وصمام أمان لحفظ تربة الوطن».
وندّد المرجع الديني الأعلى في العراق علي السيستاني، أمس (الجمعة)، بأعمال العنف الأخيرة ضد متظاهرين هاجمهم أنصار مقتدى الصدر، مطالباً قوات الأمن بعدم «التنصل» من واجباتها في حماية المحتجين.
وقُتل ثمانية متظاهرين هذا الأسبوع في هجوم نفّذه مؤيّدون للصدر ضد موقع اعتصام في النجف، بينما قُتل متظاهر في اعتداء في مدينة الحلة، جنوب بغداد.
ومنذ بداية أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل نحو 543 شخصاً في أعمال عنف مرتبطة بحركة الاحتجاج، حسبما أفادت به مفوضية حقوق الإنسان الحكومية في تقرير اطّلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أمس (الجمعة)، غالبيتهم العظمى من المتظاهرين الذين يطالبون بتنحي السلطة (المُتّهمة بالفساد)، وتغيير نظام الحكم برمته.


مقالات ذات صلة

رجال دين عراقيون يدخلون على التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل

المشرق العربي أعضاء في كتائب «حزب الله» في بغداد يوم الأحد خلال تشييع القيادي أبو حيدر الخفاجي الذي قُتل بضربة إسرائيلية في دمشق يوم الجمعة (إ.ب.أ)

رجال دين عراقيون يدخلون على التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل

أعلنت مراجع دينية عراقية مواقف متضامنة مع لبنان و«حزب الله»، في وقت يُجري رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مباحثات في نيويورك لمنع توسيع نطاق الحرب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقتدى الصدر يخطب في النجف يوم 19 أكتوبر 2023 (رويترز)

هل يربح الصدر من أزمتي «التنصت» و«سرقة القرن»؟

رجح مراقبون أن يكون زعيم التيار الصدري «أكبر رابح» من الأزمات السياسية التي تعصف بالحكومة والتحالف الشيعي الحاكم في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقتدى الصدر يخطب في النجف يوم 19 أكتوبر 2023 (رويترز)

مقتدى الصدر عن محاولة اغتيال ترمب: ادعاء أميركا أنها دولة عظمى كاذب

أكد زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، أن فلسطين وغزة «كشفتا ألاعيب الغرب الخدّاعة، وكذب شعاراتهم الإنسانية والمدنية» وغيرها.

المشرق العربي صورة أرشيفية لأنصار الصدر بعد اقتحامهم المنطقة الخضراء في بغداد (رويترز)

العبادي: قادة أحزاب شيعية طلبوا مني إبادة متظاهري الصدر

فجّر رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي معلومات من الوزن الثقيل بشأن قيادات شيعية في «الإطار التنسيقي» كانت حثته على «إبادة» أتباع التيار الصدري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مقتدى الصدر يخاطب أنصاره في النجف 19 أكتوبر الماضي (رويترز)

«حركة غامضة» من الصدر... واسم جديد لـ«التيار الصدري»

قرر زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، تغيير اسم تياره السياسي، في خطوة مفاجئة تزيد من تلميحاته المتكررة للعودة مجدداً إلى الحياة السياسية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.