رغم أن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر لم يتخذ قراراً صريحاً بالعودة إلى الحياة السياسية، فان سلسلة التغييرات التي طرأت على مفاصل تياره في الآونة الأخيرة جعلت عودته بحكم المؤكدة من وجهة نظر خصومه ومؤيديه.
وبدأت «تحضيرات الصدر للعودة»، كما يصفها مراقبون، حينما أعلن مساء الأربعاء وبشكل مفاجئ تغيير اسم «التيار الصدري» إلى «التيار الوطني الشيعي».
ونشرت منصات مقربة من الصدر، وثيقة تحمل توقيع الصدر تضمنت قرار استبعاد أحد القيادات في «التيار الصدري»؛ «لعدم التزامه بأخلاقيات العمل»، وقال إنه «مطرود من جميع مفاصل (التيار الوطني الشيعي)».
وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الصدر هذه التسمية لوصف «التيار الصدري»، وفي وقت لاحق نشرت منصات تابعة للصدر صورة تحمل توقيعه مع الاسم الجديد.
انتخابات مبكرة
وتتزامن هذه التحركات الغامضة حتى الآن، مع حراك سياسي في بغداد بشأن تعديل قانون الانتخابات وإجرائها مبكرة نهاية هذا العام، أو مطلع العام الذي يليه.
وأعلن سياسيون عراقيون، خلال الأسابيع الماضية، أن إمكانية أجراء الانتخابات المبكرة واردة، لكنها تعتد على قدرة المفوضية العليا على تهيئة الظروف.
وينتهي عمل مفوضية الانتخابات الحالية خلال شهر يوليو (تموز) المقبل، في حين يحتاج تشكيل مفوضية جديدة إلى نحو 8 أشهر لأسباب فنية وسياسية؛ ما يعني أنه حتى لو تم الاتفاق على انتخابات مبكرة، فإن الفارق الزمني بينها وبين الانتخابات العامة أواخر 2025 لا يتعدى 3 أشهر.
وقال رئيس الحكومة الأسبق، زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، في مارس (آذار)، إن «التيار الصدري» سيعود قريباً إلى الساحة السياسية، رغم إصرار الصدر على عدم المشاركة في مجلس النواب العراقي، واصفاً إياه بـ«الفاسد». وقال المالكي، في مقابلة تلفزيونية حينها، إن معلومات وصلته تؤكد مشاركة «التيار الصدري» في الانتخابات النيابية المقبلة، والمزمع إجراؤها في نهاية عام 2025، أو مطلع عام 2026.
وكشفت «الشرق الأوسط»، نقلاً عن مصادر شيعية، عن أن المالكي حمّل وسطاء سريين رسائل إلى الصدر، للتفاهم حول عودة الأخير إلى العملية السياسية عبر الانتخابات التشريعية المقبلة.
ويحاول المالكي إنشاء تحالف واسع بين الأقوياء، على رأسهم الصدر، أساسه الاتفاق على تعديل قانون الانتخابات في سبيل تقييد حظوظ رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
ورغم الخصومة الحادة بين الصدر والمالكي، لكن الأخير يميل إلى تعديل القانون من الدائرة الواحدة التي أجريت بموجبه الانتخابات المحلية إلى الدوائر المتعددة، في صيغة تلقى قبول الصدريين.
أصل الاسم الجديد
وبصرف النظر إن كانت هناك نية لعودة الصدر وتياره في وقت قريب أم تبقى تلك العودة مرتبطة بالانتخابات القادمة مبكرة أم في موعدها، فإن التسمية التي أطلقها الصدر على تياره الصدري وهي «الوطني الشيعي» زادت الأمور التباساً.
وتحمل التسمية الجديدة بعداً مذهبياً، وتأتي في وقت تحاول قوى إسلامية شيعية أخرى احتكار التسميات ذات دلائل دينية، سواء المرتبطة بأشخاص أو أحزاب.
ويرتبط «حزب الدعوة الإسلامية»، وهو من أقدم الأحزاب الشيعية العاملة في الساحة العراقية، مع الصدر الأول (محمد باقر الصدر) الذي أعدمه صدام حسين عام 1980.
أما «تيار الحكمة» الذي يتزعمه عمار الحكيم والذي كان يحمل تسمية «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» فهو يستند إلى محسن الحكيم، مرجع الشيعة في العراق خلال خمسينات وستينات القرن الماضي حتى وفاته أوائل سبعينات القرن الماضي.
ومع ذلك، فإن إطلاق الصدر على تياره تسمية «التيار الوطني الشيعي» هي محاولة لكسر الحدود بين القوى والمدارس الشيعية، وقال ناشطون من «التيار» إن الصدر يحاول أن يكون الاسم ممثلاً لما يصفونه بـ«الهوية الوطنية للشيعة»، وقد يعني هذا إعلاناً مبكراً لعدم التحالف مع بقية الأحزاب الشيعية.