الأزمة المالية تقلب أسلوب حياة اللبنانيين

حدّت كثيراً من سفرهم وارتيادهم المطاعم والتسوق

TT

الأزمة المالية تقلب أسلوب حياة اللبنانيين

قضت الأزمة المالية وإجراءات المصارف التي باتت تضع يدها على ودائع زبائنها بالدولار، على المتنفس الوحيد أمام شربل نعامة (38 عاما) وعائلته التي اعتادت أن تخطط سنويا لعطلة صيفية محدودة خارج لبنان كما غيرت خطط الإجازات لقسم كبير من اللبنانيين. وباتت بالتالي كل الإجراءات التقشفية التي قد يقومون بها غير كافية لتأمين المبالغ المطلوبة لإتمام حجوزات الطيران والفنادق ومصاريف الرحلة، باعتبار أن نعامة وكثيرا غيره لا يمتلكون السيولة النقدية في منازلهم بعدما ارتأوا وضع كل ما جنوه على مر سنوات طويلة من العمل في حساب مصرفي لم يظنوا لوهلة أنهم لن يكونوا قادرين على التحكم به كما يريدون.
يقول نعامة لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف فإن أسلوب حياتنا تغير خلال فترة أشهر معدودة بشكل لم نكن نتوقعه، وبتنا نحسب ألف حساب قبل ارتياد المطاعم وقبل شراء ملابس قد لا نجدها أساسية، وباتت مشترياتنا تقتصر على الحاجات الأساسية للأولاد».
في المقابل، لم تبدل الأزمتان المالية والاقتصادية من عادات عدد من اللبنانيين الذين يشتهرون بارتياد المطاعم بشكل يومي كما باحتفالاتهم الصاخبة في أماكن السهر والتي لا تقتصر على نهاية الأسبوع بل تكون بوتيرة متواصلة على مر الأيام. إذ يواظب قسم كبير منهم على ارتياد المطاعم التي لا تزال تشهد حركة لافتة يومي السبت والأحد (العطلة الرسمية في لبنان). وترد غادة يونس (43 عاما) ذلك لحاجتها وعائلتها إلى متنفس نتيجة الضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها خلال أيام الأسبوع سواء في العمل أو المدارس، وبسبب أوضاع البلد غير المستقرة مؤخرا. وتقول يونس لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدنا مثلا أن نأكل الـ(سوشي) مرتين أسبوعيا. بعد الأزمة بتنا نأكله مرة في الشهر لأننا نحسب حساب الأيام والأشهر المقبلة التي يبدو أنها ستكون أسوأ مما نتخبط فيه اليوم».
ورغم إعلان معظم المحلات التجارية عن تنزيلات كبيرة، يبدو القسم الأكبر من المجمعات التجارية فارغا. إذ اعتاد موظفو محلات الألبسة خلال هذه الفترة من العام على توافد المتسوقين بالمئات يوميا. أما اليوم فيغيب الزبائن خاصة بعد إقدام القسم الأكبر من المحلات على رفع أسعاره لتتناسب مع سعر صرف الدولار الجديد المعتمد في الأسواق بعدما بات الدولار يساوي ما بين 2000 و2200 ليرة لبنانية بعدما كان قبل اندلاع الانتفاضة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يساوي 1500 ليرة.
ولم يقتصر التغيير الذي طال حياة اللبنانيين على الطبقة الفقيرة والمتوسطة حصرا، إذ تشكو إحدى السيدات الستينات التي فضلت عدم ذكر اسمها من وقوفها في صف طويل في المصرف لتحصل على 300 دولار في وقت يفوق المبلغ المودع في حسابها المصرفي مليون دولار، لافتة إلى أنها تبحث حاليا عن عقار أو شقة تشتريها تفاديا لما يحكى عن إمكان قيام المصارف بوضع يدها على جزء من أموال من يمتلكون أكثر من مليون دولار، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «كأننا لم نجن أموالنا بعرق جبيننا وكأننا لم نرث أموالنا عن آبائنا وأجدادنا! أي منطق يقول بسرقتها منا بحجة أن كل من هو غني فهو فاسد أو سارق حتى ولو لم يكن له وصول إلى المال العام».
وتبلغ نسبة الفقراء في لبنان، بحسب استطلاعات تعود لما قبل اندلاع الأزمة، 55 في المائة يرزح 25 في المائة منهم تحت خط الفقر، فيما تتجاوز نسبة البطالة الـ25 في المائة. ويرجح عاملون في شركات تعنى بالإحصاءات أن تتضاعف هذه النسب بعد صرف عدد كبير من الموظفين من أعمالهم وإقفال عدد كبير من المؤسسات والشركات.
وتعتبر الدكتورة منى فياض، أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية، أن الأزمة الأخيرة لم تؤثر فقط على حياة اللبنانيين إنما قلبت أسلوب عيشهم رأسا على عقب إلى حد نتوقع أنه سيكون من الصعب عليهم الصمود في ظل ترقب اتجاه الأمور إلى وضع أسوأ مما هي عليه الآن. وتوضح فياض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن اللبنانيين يرزحون منذ مدة تحت أزمات مترابطة، إلا أن الأزمة الأخيرة أتت لتطيح بمستوى معيشتهم كلهم، ما سيؤدي في المرحلة المقبلة إلى تلاشي الطبقة المتوسطة كليا وانحسار المجتمع اللبناني إلى طبقتين فقيرة وغنية.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».