«منتدى مراكش للأمن» يبحث حماية الاستقرار بأفريقيا أمام الإرهاب

TT

«منتدى مراكش للأمن» يبحث حماية الاستقرار بأفريقيا أمام الإرهاب

قال محمد بنحمو الخبير في قضايا الأمن والإرهاب ومدير المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إن المغرب يعدّ نموذجاً يحتذى به في مجال مواجهة العنف والتطرف، حيث اعتمد استراتيجية خاصة، حرص على تقاسمها مع الدول التي تعاني من التهديدات الأمنية، سواء دول الجوار أو غيرها.
وأضاف بنحمو، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال «منتدى مراكش للأمن» صباح أمس (الجمعة) بمراكش، الذي ينظم في دورته الحالية تحت شعار «صون الاستقرار في أفريقيا أمام الإرهاب والتهديدات الشاملة»، ويتواصل اليوم (السبت)، أن التهديد الحقيقي الذي يواجه القارة الأفريقية يأتي من العالم الافتراضي والسيبراني، حيث يمثل بنكاً للبيانات الخاصة بالأفراد أو المجتمعات، ما يتطلب إدخال البعد السيبراني في إيجاد الحلول لمواجهة التحديات التي يفرضها العالم الرقمي، خصوصاً في المرحلة التي يعيشها العالم اليوم بسبب العولمة واختراق الحدود».
وأكد الخبير المغربي أن هذا المنتدى سيكون فضاء للنقاش والتحليل وتبادل الخبرات، حيث سينكب النقاش على عدد من القضايا من أهمها «الآفاق الاستراتيجية الأفريقية على ضوء التوازنات الهشة في سياق أمني غير مؤكد وطارئ»، و«الجنوب... مسرح لحروب الجيل الرابع أو الحروب الهجينة»، بالإضافة إلى قضايا أخرى مثل «الاستخبار في عهد العولمة والتهديدات الشاملة» ثم «الحرب السيبرانية: لتهديدات جديدة وجيوسياسية جديدة».
من جهتها، تحدثت سميرة بن رجب المبعوثة الخاصة للديوان الملكي بمملكة البحرين ووزيرة الإعلام السابقة، عن المعلومات والتضليل الإعلامي كجزء من حروب الجيل الرابع، وقالت إن الموضوع يعد مهماً رغم قِدمه، حيث تم استخدامه وممارسته في إدارة السياسة العامة والتأثير على الرأي العام وضرب الخصوم، وكذا التأثير في العلاقات بين الدول وإعلان الحروب ووقفها.
وأضافت رجب أن أهمية الموضوع ازدادت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ مع تكثيف استخدام وسائل الإعلام الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأفراد والمجموعات والدول، وكذلك ازدياد شركات التكنولوجيا للمعلومات والسيطرة عليها وتوجيهها، ما أدى إلى بروز إشكالات جديدة أكثر تعقيداً؛ من أبرزها انتشار الأخبار الوهمية والتزييف العميق واختراق الخصوصيات، وهو ما أفرز نوعاً من الديكتاتورية الرقمية التي تمارسها شركات التكنولوجيا الكبرى من خلال تحكمها في منابع وخط سير المعلومات والقدرة على التلاعب بها أو توجيهها».
بدوره، أكد إيسفوندورو كوغي، وزير الدفاع السابق في بنين، أن القارة الأفريقية تواجه تحديات اقتصادية وأمنية، ما يهدد استقرار المنطقة، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب تبادل الخبرات والتجارب للنهوض بأوضاع القارة. وحذر كوغي من اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء، داعياً للعمل على ترسيخ عدالة اجتماعية من شأنها الحد من التطرف والنزاعات الإثنية، مشيراً إلى فظاعة مظاهر التطرف التي جعلت العالم يتفرج على نساء يحملن أحزمة ناسفة ويفجرن أنفسهن وهن يقتلن عدداً من الأطفال الأبرياء، في مفارقة عجيبة، حيث تعطي المرأة الحياة ولا تنتزعها.
وتحدث المسؤول الينيني الأسبق عن الثورة الرقمية، وقال إنها أصبحت أكثر مردودية من البترول، والتي انعكست على جوانب متعددة من حياة الأفراد، منها ما هو اقتصادي وسياسي واجتماعي وبيئي، وشكلت تحديات كبرى تطرح التهديد الأمني للقارة الأفريقية.
من جهته، قال الجنرال محمد واد، مراقب الأمن المدني بالسنغال، إن أفريقيا شكلت محطة تهديدات في مسارها التاريخي الطويل، عبر صراع بين قوى سياسية متعددة.
وتحدث الجنرال واد عن الحلول، وقال إن على الحكام أن يتفادوا تحويل بلدانهم إلى ساحات للمعارك الجيوبوليتيكية بين القوى العالمية المهيمنة، وهو ما يتطلب جهوداً سواء على المستوى الداخلي، من خلال ترسيخ قيم المعرفة والعلم التي تشكل وحدها قوة حقيقية، كما ينبغي إشراك الأفارقة أنفسهم في إيجاد الحلول، مشيراً إلى أن أفريقيا قارة غنية بمواردها، لكن سكانها يعانون من الفقر.
أما غلاديما هابو، المدير العام للمعهد الوطني للدراسات السياسية والاستراتيجية بنيجيريا، فقد أكد أن الموارد الطبيعية والبشرية التي تتوفر عليها القارة الأفريقية فتحت الباب أمام الاستثمارات الأجنبية بشكل ملحوظ، وهو ما خلق نمواً اقتصادياً يخص الاستهلاك، ويظهر أن مستقبل القارة أصبح أكثر وضوحاً اليوم، لكن في الوقت نفسه، هناك وضع أمني متقلب بسبب كثير من العوامل، من بينها عدم الاستقرار السياسي في عدد من المناطق، كمنطقة الساحل التي تعرف تطرفاً ونزاعاً مسلحاً.
ودعا الدول القوية إلى الانخراط في مساعدة الدول الفقيرة، وإلى تضافر الجهود من أجل إيجاد حلول للإشكالات الأمنية التي لا تستثني بلداً، عن طريق الاستفادة من الدول الرائدة في هذا المجال، خصوصاً فيما يتعلق بمواجهة التطرف والجريمة المنظمة وتهريب البشر.
ويشارك في هذا المنتدى، الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، من قبل المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الأفريقية للدراسات الاستراتيجية، 300 مشارك رفيع المستوى، من بينهم مدنيون وعسكريون ورؤساء منظمات دولية، وأمنيون وخبراء أفارقة وأميركيون وأوروبيون وآسيويون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.