رأت تركيا أن الوقت قد حان لفتح صفحة جديدة في مسيرة مفاوضات انضمامها إلى عضوية الاتحاد الأوروبي المجمدة منذ ما يقرب من 10 سنوات والتي تتعالى الأصوات في أوروبا بإلغائها تماماً بسبب التوتر في العلاقات مع أنقرة في العديد من الملفات في مقدمتها حقوق الإنسان وحرية التعبير وأنشطة تركيا للتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط التي تعدّها بروكسل «غير قانونية». وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إنه بعث برسالة إلى جوزيف بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، أكد فيها الرؤية التركية الواضحة تجاه الاتحاد الأوروبي. وأضاف جاويش أوغلو، في كلمة خلال اجتماعه مع سفراء دول الاتحاد في أنقرة، أمس (الأربعاء): «يجب على وجه الخصوص فتح صفحة جديدة في مسيرة الانضمام للاتحاد الأوروبي، وعلى المجلس الأوروبي إعادة النظر في قرار تعليق المفاوضات»، مشيراً إلى أن موقف كرواتيا، رئيس الدورة الحالية للاتحاد، «بنّاء» في هذا الخصوص.
كان البرلمان الأوروبي ثد دعا، في مارس (آذار) 2019، إلى تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، من دون أن يذهب إلى حدّ الدعوة إلى وقفها التام. وفي نص تم تبنيه بالأغلبية، قال أعضاء البرلمان الأوروبي إنّهم «قلقون جداً من سجلّ تركيا السيّئ في مجال احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون وحرّية وسائل الإعلام ومكافحة الفساد وكذلك من النظام الرئاسي الذي بدأ تطبيقه في البلاد عقب انتخابات 24 يونيو (حزيران) 2018». وأوصى البرلمان الأوروبي بأن «يتمّ رسمياً تعليق المفاوضات الحاليّة لانضمام تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أن القرار يعود إلى المجلس الأوروبي الذي يجمع حكومات الدول الأعضاء.
وكان نوّاب حزب الشعب الأوروبي (يمين) قد قدموا تعديلاً يدعو إلى الوقف النهائي للمفاوضات، لكنّه قوبل بالرفض. وهناك أغلبية ترغب في مواصلة «دعم المواطنين الأتراك» و«ترك الحوار السياسي والديمقراطي مفتوحاً».
وانتقدت تركيا النص الذي وصفته بأنه «يُظهر بوضوح نقصاً في الرؤية لدى البرلمان الأوروبي»، معتبرة أن هذا القرار غير الملزم «لا يعني شيئاً» بالنسبة لأنقرة، وأن البرلمان الأوروبي «يرى العالم من خلال النافذة الضيقة لليمين المتطرف». وبدأت مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2005، على أساس 35 فصلاً تتناول الإصلاحات المطلوب من تركيا تنفيذها، لكن المفاوضات جُمّدت تماماً منذ عام 2012. حيث لم يُفتح من فصولها إلا 8 فقط.
وتوترت العلاقات، بشدة، بين تركيا والاتحاد الأوروبي عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو (تموز) 2016، وما تلاها من حملة قمع غير مسبوقة شملت معارضين وصحافيين. وانتقد مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز آمور، الأسبوع الماضي، استخدام أنقرة المفرط للتهم الإرهابية، قائلاً إن وصف كل شخص بأنه إرهابي يقوض الجهود الحقيقية لمكافحة الإرهاب. وقال آمور، في مؤتمر صحافي في أنقرة عقب مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ومسؤولين بالحكومة التركية: «إذا وصفنا الجميع بالإرهاب، فربما لا يكون أحد إرهابياً». ويشكل قانون مكافحة الإرهاب في تركيا محور جدل بين أنقرة وبروكسل في إطار مفاوضات الانضمام المجمدة. وتقول بروكسل إن أنقرة تستخدمه بشكل تعسفي. وتضيف أن قانون مكافحة الإرهاب الذي يجرّد المواطنين الأتراك من حقوقهم الأساسية، استُخدم على نطاق واسع ضد أي انتقاد للحكومة. ولفت آمور إلى أن «الطالب الذي ينتقد الحكومة على (تويتر) والإرهابي المسلح يخضعان لقانون مكافحة الإرهاب ذاته». وأشار إلى حالتي الزعيم الكردي المعارض صلاح الدين دميرطاش، ورجل الأعمال الناشط الحقوقي عثمان كافالا، وكلاهما في السجن بتهم تتعلق بالإرهاب مع استمرار محاكمتهما، على الرغم من أن التهم ذات دوافع سياسية، على حد قوله.
وأقر جاويش أوغلو بأن العلاقات التركية الأوروبية تمر بمرحلة حرجة، حيث باتت «معاداة تركيا في الاتحاد الأوروبي ليست معلومة للسياسيين فقط، إنما للشعب التركي أيضاً». قائلاً: «مع الأسف فقدان الثقة بين الطرفين يزداد عمقاً». وأضاف: «شاهدنا جميعاً الحادثة المؤلمة التي وقعت في البرلمان الأوروبي منذ أيام (في إشارة لتمزيق نائب يوناني ورقة رُسم عليها العلم التركي)، وإننا ممتنون جراء موقف البرلمان الأوروبي والحكومة اليونانية من الحادثة». وتابع جاويش أوغلو: «العنصرية باتت تضرب قيم البرلمان والاتحاد الأوروبي من جذورها، ويجب علينا إدراك ذلك جيداً واتخاذ تدابير جماعية ضد الأمر». وواصل الوزير التركي أن العلاقات التركية الأوروبية شهدت توتراً بسبب قرارات الاتحاد الأوروبي إزاء ملفات التنقيب عن مصادر الطاقة في البحر المتوسط، وعملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، والأزمة الليبية، داعياً إلى تعزيز الحوار في الملفات التي تشكّل أزمات بين الطرفين.
وأوضح أن أزمة التنقيب عن موارد الهيدروكربون (النفط والغاز الطبيعي) شرق المتوسط، لا تشكّل خلافاً بين تركيا والاتحاد الأوروبي فقط، وإنما قضية تهم كل دول شرق المتوسط، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى التصرف بحيادية والتعاون لتشكيل آلية لضمان حقوق القبارصة الأتراك من مصادر الطاقة في الجزيرة القبرصية. وقال جاويش أوغلو: «حتى إدارة قبرص تسلم بحقوق القبارصة الأتراك في مصادر الطاقة بالجزيرة، إلا أنهم لم يتخذوا خطوات ملموسة في سبيل التوزيع العادل للثروات أو ضمان حقوقهم فيها».
وأضاف أنه «في حال استمرار إنكار حقوق أتراك قبرص في موارد الجزيرة، فإننا سنتخذ خطوات رداً على أي تصرفات سلبية سيتخذها الاتحاد الأوروبي تجاهنا، ماذا سيحدث حينها؟ سيزداد التوتر في الوقت الذي يتوجب علينا فيه اتخاذ خطوات مشتركة لتخفيض التصعيد».
وأصدر الاتحاد الأوروبي، منذ أشهر، حزمة عقوبات «تحذيرية» ضد تركيا ركزت على الجانب الاقتصادي لحملها على وقف أنشطة التنقيب في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، الدولة العضو بالاتحاد، وهدد بتشديد العقوبات إذا لم توقف تركيا أنشطتها في المنطقة. وأعلن الاتحاد الأوروبي أيضاً رفضه مذكرة التفاهم الموقّعة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبيبة برئاسة فائز السراج في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بشأن تحديد مناطق السيادة البحرية.
8:58 دقيقه
تركيا تعتبر أن الوقت حان لفتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي
https://aawsat.com/home/article/2117491/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%A8%D8%B1-%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%82%D8%AA-%D8%AD%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%B5%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A
تركيا تعتبر أن الوقت حان لفتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي
هددت بالرد على أي موقف سلبي له تجاه أنشطتها في شرق المتوسط
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
- أنقرة: سعيد عبد الرازق
تركيا تعتبر أن الوقت حان لفتح صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة









