حقيبة «الكلاتش»... كبُر حجمها وتوسعت وظيفتها

علاقة المرأة العصرية بحقيبة اليد تغلب عليها الوظيفية والعملية في أغلب الأحيان. فرغم أنها حين تقرر شراء حقيبة جديدة، تبحث عن أحدث الصيحات، فإنها تنتهي إلى اختيار تصميم يحقق لها الفائدة من حيث الراحة والشكل معا. لكن لا بد من الإشارة إلى أن حقيبة «الكلاتش»، لم تكن دائما تتضمن العملية والراحة، فإلى جانب كونها صغيرة لا تتسع سوى للقليل من الأغراض الشخصية، فإن المرأة مضطرة لحملها طوال الوقت بين يديها.
كل هذا تغير مؤخرا. كبُرت حجما ولم تعد قصرا على مناسبات السهرة والمساء، ما جعلها تدخل موضة الشارع بسهولة وتناسب الإطلالات اليومية.
عكست تشكيلات العام الجاري احتفاءً بحقيبة الكلاتش. كما أبرزتها كخيار يمزج بين الترف والنفعية من خلال تنوع الخامات والأحجام، وضمن تشكيلة خريف وشتاء 2019 - 2020 قدمت علامة «كلوي» حقيبة كلاتش بنمط دراماتيكي. فقد جاءت مغطاة بفراء أرجواني طويل مشرق. كذلك طرحتها دار «موسكينو» بشكل أقرب إلى الفانتازيا أو «البوب آرت» باستعمالها طبعة تجسد الدولار الأميركي.
قبل ذلك مهدت العلامة الإيطالية «بوتيغا فينيتا» لصعود هذه الحقيبة من جديد، حين طرحتها في العام الماضي بحجم عملي وألوان عصرية، من دون التخلي عن الترف في نوعية الجلود المستخدمة فيها.
وبعيداً عن أسلوب جذب الأنظار الذي اعتادنا عليه على ممشى العروض، قدمت المصممة فيكتوريا بيكهام هذا التصميم بنمط كلاسيكي أخذ شكل كيس من الجلد مزود بمقبض معدني زادته الألوان العصرية ألقا.
عروض ربيع وصيف 2020 هي الأخرى جاءت لتؤكد نجاح عملية تمرير حقيبة الكلاتش في مناسبات النهار، حيث تعززت بالعصرية والراحة على حد سواء رغم أنها لا تزال تُحمل بين اليد وليس على الكتف. الفرق أنه تم تزويدها بيد صغيرة على الجانب تمكن من التحكم فيها. وهي إضافة ظهرت في اقتراحات كل من «فالنتينو» و«فندي» و«غوتشي» و«أوسكار دي لارينتا».
7 قرون
بحسب تقرير نشر في صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، في فبراير (شباط) 2014، يعود تاريخ أول حقيبة «كلاتش» إلى أكثر من 700 عام. أتت من شمال العراق لتنضم إلى مقتنيات معرض كورتولد في لندن. اعتقد الخبراء في البداية أن الحقيبة النحاسية المزينة بالذهب والفضة قد تكون محفظة للرجال، قبل أن يستنتجوا أنها على الأرجح حقيبة نسائية يعود تاريخها إلى عام 1300 بعد الميلاد.
التاريخ السابق قد يعطي انطباعاً خادعاً أن النساء في ذلك الزمان كن يظهرن حاملات حقائب، لكن الحقيقة أن فكرة الحقيبة بغرض حمل المتعلقات الشخصية، لم يعرفها العالم قبل القرن التاسع عشر، وتحديداً بعد الثورة الصناعية، ويرجع ذلك إلى أن ملابس النساء، خاصة في أوروبا، كانت تُصمم من طبقات من القماش، ومزودة بجيوب تسمح للمرأة بحمل بعض الأغراض الشخصية، حتى الثمين منها.
بدأت معرفة العالم بالحقائب مع بدايات القرن التاسع عشر، بالتزامن مع تطور وسائل السفر، وظهرت حقائب سفر مريحة للنساء في رحلات طويلة بالقطار أو السفينة. بحسب متحف «تيسين» للحقائب في أمستردام، فإن حقائب السفر تطورت إلى حقائب يدوية بحلول بداية القرن العشرين، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تحرر النساء، وتطور أدوارهن في الحياة العامة، وحاجتهن لأنماط مختلفة تتنوع بين حقائب للتسوق، وثانية للسفر، وثالثة للمكياج، وهكذا.
تزامن تطور الحقائب مع ظهور دور الأزياء، حيث تأسست شانيل في عام 1901 ثم برادا في 1913، وظهرت غوتشي عام 1921، وخرجت فندي للنور في عام 1925.
في العشرينات، كانت حقائب الكلاتش تحظى بشعبية كبيرة، فهي قطع صغيرة جذابة تضيف إلى مظهر المرأة، حتى أنها في البدايات كانت تعامل مثل المجوهرات تماماً، لا سيما أنها تصنع من خامات مترفة، مثل المعادن الفاخرة والجلود الطبيعية. وما يؤكد مكانتها المميزة ضمن ملحقات المرأة، أن شركات مجوهرات عالمية مثل «تيفاني آند كو» و«كارتييه» قدمت نماذج منها لتكملة إطلالة المرأة في حفل فاخر أو سهرة في الأوبرا. في هذه الحالات كانت الكلاتش رمزاً للثراء.
خلال الحرب العالمية الثانية بدأت حقائب الكلاتش تتجه نحو الطبقة المتوسطة ليُكتب لها المزيد من الرواج. فعبر خفض تكلفة الخامات، صعدت الجلود الصناعية، وبدأت دور الأزياء تستخدم القماش أيضاً لغطاء الكلاتش مع الحفاظ على أناقتها.
في الأربعينات مثلاً، اكتشفت دار «غوتشي» كيفية ثني الخيزران لتصنيع مقابضها عوض المعدن الذي كان ضرورياً للمجهود الحربي.
عقب الحرب نمت أنشطة السفر والتجارة الدولية فعادت الخامات الفاخرة لتزين الكلاتش، مما جعلها مقتصرة على أزياء السهرات، وكذلك عُرفت الخمسينات بالعصر الذهبي لهوليوود، وكانت النجمات يظهرن بها من الساتان مع مسكات مرصعة باللؤلؤ وأحجار الراين.
في الستينات والسبعينات، بدأت المرأة تُعبر عن أنوثتها بطرق جديدة. فقد أصبحت الأزياء أكثر صخباً ما جعل الحقائب المعدنية والمزينة بأحجار الراين شائعة، فهي الخيار المناسب لإطلالات الديسكو التي تصاعدت في السبعينات.
وبحلول الثمانينات والتسعينات دخلت المرأة سوق العمل وعالم الأعمال، وهو ما تطلب تصاميم جديدة لحقائب اليد. لم يعد الترف من أولوياتها بقدر ما أصبحت العملية هي العملة الرائجة. لكن الكلاتش، لم تختف تماما، لكنها عادت إلى مناسبات المساء. في الألفية الجديدة، تراوحت الكلاتش بين الظهور والاختفاء، وارتبطت أكثر بأزياء الأميرات والدوقات والنجمات على السجادة الحمراء. لكن بعد أن خضعت لبعض التطورات من حيث الحجم والخامات صعدت مرة أخرى إلى الواجهة وتظهر في النهار.
وهكذا تسللت بالتدريج إلى خزانة المرأة. ولعل تقديم شانيل لها بخامة عصرية في عام 2017 كان له دور في هذا الأمر. فقد قدمتها بحجم أثار الانتباه وحقق النجاح، لتتبناه دور أزياء أخرى. في عام 2019 أصبح ذلك تصميما رائجا ومطلوبا، لا سيما بعد أن قدمته دار «بوتيغا فينيتا» بشكل أنيق وكلاسيكي في الوقت ذاته.
الآن لا يثير مظهر المرأة وهي تحمل حقيبة «كلاتش» الانتباه. فقد أصبحت جزءاً من إطلالاتها اليومية، ولا تقل عملية عن أي حقيبة أخرى.