البرلمان الليبي يحدد 5 شروط لحضور ممثليه «حوار جنيف»

المشري: المشاركون ليسوا مخوّلين بالتوقيع على أي اتفاق

TT

البرلمان الليبي يحدد 5 شروط لحضور ممثليه «حوار جنيف»

طغت تعقيدات الحرب في العاصمة طرابلس على العملية السياسية في ليبيا، بعدما تمسك البرلمان والمجلس الأعلى للدولة بشروطهما للمضي قدماً باتجاه استكمال «المسار السياسي»، الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف، وفقاً لتوصيات مؤتمر برلين الأخير بألمانيا، وسط مطالبات جانبية بـ«ضرورة تفكيك الميليشيات، وتخليها عن سلاحها أولاً».
ووضع مجلس النواب بشرق البلاد خمسة شروط خلال اجتماعه في مدينة بنغازي، أمس، قال إنه «يجب توافرها قُبيل مشاركته في (لجنة الحوار السياسي)، المقررة بالعاصمة السويسرية». لكن محللين يرون أنها جاءت في مجملها «تعجيزية»، ولا تستطيع البعثة الأممية الإيفاء بها، فضلاً عن أنها «تجهض اجتماعات جنيف قبل أن تبدأ».
وقال عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، إن البرلمان قرر أمس خمسة شروط يجب توافرها لمشاركة ممثليه في لجنة المسار السياسي في جنيف، موضحا أنه سيرسل بذلك خطاباً إلى رئيس البعثة الأممية في ليبيا الدكتور غسان سلامة.
وطالب البرلمان بأن يتم اختيار ممثليه من نوابه، الذين يحضرون جلساته فقط، وتحال قائمة بأسمائهم من رئيسه المستشار عقيلة صالح إلى البعثة. ويأتي هذا الشرط لما يراه البعض قطع الطريق على مشاركة نواب طرابلس (المنشقين) من الداعمين لموقف حكومة «الوفاق»، ضد «الجيش الوطني» في حرب طرابلس، كما أكد مجلس النواب أيضاً ضرورة «عدم مساواة عدد الممثلين لمجلس النواب بعدد ممثلي المجلس الأعلى للدولة». وسبق للبعثة الأممية أن اقترحت أن تضم اللجنة، التي ستكلف بحث المسار السياسي، 40 شخصية ليبية، مشكلة من 13 نائباً عن مجلس النواب، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، التابع لحكومة «الوفاق» في طرابلس، بالإضافة إلى 14 شخصية مستقلة، تمثل كل المدن الليبية، تختارهم البعثة وفقاً لمخرجات برلين. لكن مجلس النواب قال أمس إنه يجب أن «يطّلع على قائمة الـ14 شخصية»، مشدداً على أن «يتم تحديد مهمة لجان الحوار بشكل واضح والمدة الزمنية لها وآليات عملها».
واختتم مجلس النواب شروطه الخمسة بأنه «لا يجب أن يتم إقرار، واعتماد أي حكومة إلا بعد المصادقة عليها منه».
واستغرب نواب موالون لحكومة «الوفاق» من الشروط التي أعلنها البرلمان، إذ قالت النائبة ربيعة أبو راس إن عدد النواب الذين يجتمعون في طرابلس منذ الحرب «العدائية» على العاصمة، قرابة 59 نائباً، في حين أن الموجودين في بنغازي لا يزيد عددهم على 35 نائباً على الأكثر، وأضافت متسائلة: «بأي حق يمثل هذا العدد القليل البرلمان في جنيف». لكن هذا لم يمنع عضو مجلس النواب عبد الهادي الصغير من القول لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن مجلس النواب «قرر بأنه لا يحق للأعضاء المقاطعين لجلساته التمثيل في لجنة الحوار السياسي بجنيف».
وقبل أن تبدأ «اللجنة العسكرية» (5+5) أعمالها أمس في جنيف، خرج رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، ليؤكد أن «مخرجات المسار العسكري سيبنى عليها نوعية المشاركة في الحوار السياسي»، علماً بأن مجلسه سلم قائمة ممثليه إلى البعثة الأممية، نهاية الشهر الماضي. وأضاف المشري خلال اجتماع المجلس بمدينة طرابلس، مساء أول من أمس، أن اختيار مجلسه للحوار ليس عجزاً عما سماه «صد العدوان»، وإنما «لإيقاف نزف الدم، وإيجاد حل سلمي للأزمة في البلاد»، مستدركاً: أن «خيار المواجهة العسكرية ما زال قائماً في حال استمر المعتدي في عدوانه، ورفض الانسحاب وإيقاف العمليات العسكرية»، كما أوضح أن المشاركين في «الحوار»، ليسوا مخوّلين بالتوقيع على أي اتفاق.
وبدأت «اللجنة العسكرية» المشتركة «5+5» أعمالها لليوم الثاني تحت رعاية الأمم المتحدة بمقرها في جنيف. وقالت في بيان إن «خمسة من كبار الضباط ممثلين يشاركون عن حكومة (الوفاق)، ومثلهم يمثلون (الجيش الوطني) في المحادثات التي يسيرها المبعوث الأممي غسان سلامة».
وقال عاشور شوايل، وزير الداخلية الليبي الأسبق، إنه كان ينبغي أولاً «سحب سلاح الميليشيات أولاً، ودخول (الجيش الوطني) سلمياً إلى طرابلس ليتسلم ثكناته، ويتولى مع الأجهزة الأمنية ويساعدها في بسط الأمن بطرابلس»، مشددا على ضرورة الاهتمام بالجانب الأمني، ومن ثم التطرق للحوار السياسي، مضيفا: «مشكلة البلاد حالياً أمنية، خاصة مع انتشار السلاح والمجموعات المسلحة خارج إطار الدولة، بالإضافة إلى (المرتزقة)».
وأضاف عاشور عبر «قناة ليبيا»، مساء أول من أمس، أن «ما تقوم البعثة الأممية به من التركيز على الحوار السياسي أمر خطير»، داعياً إلى الامتناع عن المشاركة في الحوار «إلى أن يتم سحب السلاح، وتفكيك المجموعات المسلحة، والبدء بالخطوات الأمنية لأنها الأساس، فإذا كان هناك سلاح فلن توجد الدولة».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.