قائمة «بوكر» القصيرة تضم 6 روايات من الجزائر وسوريا والعراق ولبنان ومصر

خرج أغلبها من «حصار التقليد» حسب لجنة التحكيم

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان القائمة القصيرة للجائزة في مراكش
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان القائمة القصيرة للجائزة في مراكش
TT

قائمة «بوكر» القصيرة تضم 6 روايات من الجزائر وسوريا والعراق ولبنان ومصر

جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان القائمة القصيرة للجائزة في مراكش
جانب من المؤتمر الصحافي لإعلان القائمة القصيرة للجائزة في مراكش

أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية 2020، أمس، القائمة القصيرة للروايات المرشحة لنيل الجائزة في دورتها الثالثة عشرة، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقد في «متحف حضارة الماء»، بمراكش.
وتضمنت القائمة المعلن عنها روايات تم اختيارها من بين 16 رواية دخلت القائمة الطويلة، صدرت بين يونيو (حزيران) 2018 ويوليو (تموز) 2019.
وضمت القائمة روايتين من الجزائر: «حطب سراييفو» لسعيد الخطيبي عن منشورات الاختلاف، و«الديوان الإسبرطي» لعبد الوهاب العيساوي عن دار ميم للنشر، إلى جانب «ملك الهند» لجبور الدويهي من لبنان عن دار الساقي، و«الحي الروسي» لخليل الرز من سوريا عن منشورات ضفاف، و«فردقان» ليوسف زيدان من مصر عن دار الشروق، و«التانكي» لعالية ممدوح من العراق عن منشورات المتوسط.
ويتنافس الكتّاب المرشحون للفوز بالجائزة الكبرى والبالغة قيمتها 50 ألف دولار أميركي، فيما يحصل كل كاتب وصل إلى القائمة القصيرة على مبلغ 10 آلاف دولار أميركي، وذلك خلال حفل الإعلان عن الرواية الفائزة يوم 14 أبريل (نيسان) المقبل في أبوظبي.
وجواباً عن سؤال يهم هاجس الجدل بخصوص لجان تحكيم الجوائز الأدبية بشكل عام، قال لنا محسن الموسوي، رئيس لجنة تحكيم الجائزة، إن الأمر فيما يخص اللجنة التي يرأسها حالياً هو «تلاقح في الآراء وتحاور لتكوين رؤية ووجهات نظر جديدة».
وبخصوص التوجهات العامة للرواية العربية، بعد كم الأعمال التي تدخل كل دورة دائرة المنافسة، أكد الموسوي أنها «تنقل لتجريب كثير» في «محاولة لبلوغ تكوين نظرية معينة».
وبخصوص آفاق الرواية العربية، في علاقة بتطورها وحضورها العالمي، قال إن «هناك أملاً في التطور»، من منطلق أننا «حين نتحدث عن التجريب نتحدث عن إمكانية النمو».
وسبقت المؤتمر الصحافي فسحة للحكاية الشعبية مع الحكواتي المراكشي «باريز»، مع تنظيم معرض لروايات البوكر منذ دورتها الأولى. كما تضمن البرنامج ندوة مسائية خُصصت للاحتفاء بروايات القائمة القصيرة، برئاسة الكاتب المغربي ياسين عدنان، عضو مجلس الأمناء، ناقش خلالها أعضاء لجنة التحكيم لهذا العام الروايات الست المختارة، اختياراتهم والمعايير التي اعتمدوها في هذه الاختيارات.
وتتكون لجنة التحكيم من الأديب والأكاديمي العراقي الدكتور محسن جاسم الموسوي (رئيساً)، والصحافي اللبناني بيار أبي صعب، والمترجمة الروسية فيكتوريا زاريتوفسكايا، والأديب الجزائري أمين الزاوي، والإعلامية المصرية ريم ماجد.
وبالإضافة إلى لجنة التحكيم، شارك في المؤتمر الصحافي ياسر سليمان رئيس مجلس أمناء الجائزة، وفلور مونتانارو منسقة الجائزة. كما تميز اللقاء بحضور عدد من الروائيين والنقاد المغاربة، بينهم أحمد المديني وسالم حميش وشرف الدين ماجدولين.
وقدم أعضاء اللجنة، خلال المؤتمر الصحافي، شهادات مختصرة لروايات القائمة القصيرة، حيث نكون مع «الديوان الإسبرطي» وهي تتابع تفاصيل يومية وتاريخية للمجتمع الجزائري في السنوات الأولى للغزو الفرنسي وسقوط الحكم العثماني، من خلال متابعة مسار خمس شخصيات مركزية تتقاطع في رؤاها تجاه هذين الحدثين، بينما تصف «الحي الروسي» أحد أحياء دمشق في مواجهة عنف الحرب وتداعيات ذلك على بنية الفرد والمجتمع على المستوى النفسي والوعي الاجتماعي، فيما ترسم «ملك الهند» شخصية في مواجهة مصيرها الفردي والوطني حيث لبنان غارق في الحرب الأهلية والطائفية، والاحتماء بالعائلة والعودة إلى القرية فضاءً منقذاً. أما «حطب سراييفو»، فهي نص يصوّر وحشية الحرب في أي مكان كانت، سواء في أوروبا أو في شمال أفريقيا، وتأثيرها على المثقفين وامتحان تجربة المقاومة عند هذه الطبقة الحساسة. فيما تستعرض رواية «التانكي» تاريخ بغداد العمراني وتشكّل أحياء المدينة المعاصرة، كما تتناول فكرة العيش مع الآخر بكل سلبياته وإيجابياته، وتستعيد «فردقان» تاريخ علاقة المثقف المجتهد بالسلطة ممثلاً في شخصية ابن سينا بالوقوف على تفاصيل حياة هذا الأخير، تلك التي سقطت من كتب التاريخ.
وقال ياسر سليمان، رئيس مجلس الأمناء، إن القائمة القصيرة لهذه الدورة تضم «ست روايات تتنوع آليات السرد فيها»، كما «تتنوع موضوعاتها والفضاءات التي تدور فيها أحداثها، زماناً ومكاناً». ورأى سليمان أنه على الرغم من هذا التنوع، فإن «شؤون الإنسان العربي، في ماضيه وحاضره، تبقى شاخصة في أجواء من السرد التخييلي الذي يطحن القارئ طحناً في بطئه في بعض الأحيان، أو يعدو به عدواً سريعاً إلى عوالم من الألم الذي لا يبارح النفوس في أحيان أخرى».
فيما قال محسن الموسوي، رئيس لجنة التحكيم، في معرض تقديمه لعمل اللجنة إن «الروايات المختارة تضم نخبة من النصوص المتنوعة أسلوباً ومادةً، خرج أغلبها من حصار التقليد الذي يرافق الظاهرة الروائية، فيما تكاد تنشغل جميعاً بوطأة التاريخ بماضيه وحاضره، لكنها لا تستعيد هذا التاريخ أو الواقع المعاصر تطابقاً وإنما تواجهه بحدته لتثير عند القارئ الأسئلة عن مصير الإنسان العربي».
وتهدف الجائزة العالمية للرواية العربية إلى الترويج للرواية العربية على المستوى العالمي، إذ تضمن تمويل ترجمة الروايات الفائزة إلى الإنجليزية.
يشار إلى أن الجائزة العالمية للرواية العربية هي جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، ترعاها «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، برعاية مالية من «دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي» في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفازت بالجائزة على مدى الدورات الـ12 السابقة روايات «واحة الغروب» لبهاء طاهر من مصر (2008)، و«عزازيل» ليوسف زيدان من مصر (2009)، و«ترمي بشرر» لعبده خال من السعودية (2010)، و«القوس والفراشة» لمحمد الأشعري من المغرب مناصفةً مع «طوق الحمام» لرجاء عالم من السعودية، وفي «دروز بلغراد» لربيع جابر من لبنان (2012)، و«سائق البامبو» لسعود السنعوسي من الكويت (2013)، و«فرانكشتاين في بغداد» لأحمد سعداوي من العراق (2014)، و«الطلياني» لشكري المبخوت من تونس (2015)، و«مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة» لربعي المدهون من فلسطين (2016)، و«موت صغير» لمحمد حسن علوان من السعودية (2017)، و«حرب الكلب الثانية» لإبراهيم نصر الله من فلسطين (2018)، و«بريد الليل» لهدى بركات من لبنان (2019).


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يوميات الشرق المعرض يتضمّن برنامجاً ثقافياً متنوعاً يهدف إلى تشجيع القراءة والإبداع (واس)

انطلاق «معرض جازان للكتاب» فبراير المقبل

يسعى «معرض جازان للكتاب» خلال الفترة بين 11 و17 فبراير 2025 إلى إبراز الإرث الثقافي الغني للمنطقة.

«الشرق الأوسط» (جيزان)
يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

حين طلب مني الأمن أن أرسم صورة «المعلم»

عتاب حريب
عتاب حريب
TT

حين طلب مني الأمن أن أرسم صورة «المعلم»

عتاب حريب
عتاب حريب

في عام 2011 كنت على موعد للحصول على فيزا لإقامة معرض في نورث كارولينا بدعوة من جامعة دافيدسون وحصلت على الفيزا في آخر يوم قبل إغلاق السفارة بدمشق.

سافرت عام 2012 ورجعت إلى دمشق، وكانت المظاهرات والاحتجاجات تعم المدن السورية والقرى وأنا أعيش في دمشق أحاول أن أساعد بجهد شخصي أبناء الريف المتضرر والمحاصر، فهناك الكثير من المهنيين والمعارف الذين تضرروا وبحاجة لكثير من الطعام والمستلزمات. كنت أحملها بسيارتي وأحمل معها روحي وأمضي وفي رأسي سيناريوهات العالم كلها. أحضر أجوبة على كل احتمالات الحواجز والشبيحة وعناصر الأمن، عما كنت أكتب بحس ساخر على فيس بوك وأناهض الفساد والقتل. أنا امرأة متمردة بطبعي على الظلم وأمشي عكس التيار، أعشق الحرية والسفر لأعود إلى بلدي بشوق أكثر. هناك تحديات كثيرة كانت أمامنا في بلد كل زاوية فيها حاجز أمني وشبيحة. كانت رعاية ملائكية تنقذني دوماً من رش للرصاص على سيارتي في حاجز حرستا ووضع عبوة ناسفة قرب سيارتي أمام بيتي بعد أن نزلت منها، وتصويب البندقية عليَّ في تأبين باسل شحادة. هربت بأعجوبة. هذه ليست بطولات أرويها ولكن كان حماساً وواجباً علي. ويوماً كنت على حدود لبنان للسفر إلى المغرب لإقامة معرض. أخذوني من الحدود وبدأت التحقيقات معي عن كتاباتي على صفحتي بفيسبوك. وانتهى التحقيق بالتوقيع على ورقة بعدم كتابة أي شيء. وفي اليوم التالي أُلغي منع السفر. وعندما عدت استدعوني مرة أخرى. قلت للمحقق ضاحكة لم أكتب شي مثل ماوعدتكم، فقال لي: رسمتِ. لقد شاهد لوحة فيها قطعة ممزقة من كلمة الثورة التي على الجريدة، فأجبته باستغباء: هذه الجريدة الوطنية ليش ممنوع نحطها، فقال لي: أعرف ما تريدين أن تقولي مع هذه الشخبرة. يصف لوحاتي بـ«الشخابير».

ثم قال لي: نريدك أن ترسمي لنا صورة المعلم، فقلت له: أنا أرسم مناظر وزهوراً لا أرسم حيوانات ولا بشراً واسأل عني مرة باسل الأسد فقد طلب مني ومن مجموعة من الفنانين رسم أحصنته فرفضت لأني لا أعرف، فأجابني: لا أنت فنانة قديرة رح ترسميها فقلت له سأحاول سأطلب من أحد يجيد رسم البورتريه، فقال لي: لا أنت يجب أن ترسميها وتوقعي عليها اسمك.

بقيت أشهراً أماطل ويسألني دائماً على الهاتف: ما خلصتِ، ألاقي الأعذار كل مرة بالكهرباء والتدفئة وعدم جفاف الألوان بالبرد. كنت أنام وأصحو في رعب وسخرية أيضاً. أحياناً أفكر أن أرسم حماراً وفوقه أرسم صورته بألوان تزال بالماء وأرسلها بعد أن أخرج من البلد مع رسالة «امسح الصورة تجد المعلم». المهم كان هذا مسلياً لي في أوقات القلق والتوتر إلى أن قدمت استقالتي من عملي وطلبت من الأمن موافقة أمنية للسفر لمرة واحدة قبل انتهاء الفيزا، وحصلت عليها.

قبل يومين من تحرير حلب كنت في حالة شوق مكبوت لسوريا، وأتمنى بشدةٍ العودة. وكنت أحاول أن أقنع نفسي بأن وضعي في أميركا جيد وصرت مواطنة أميركية وعندي جواز سفر مثل جناحين أطير به بين البلدان بكل سلاسة. وأقنعت نفسي من أول يوم أتيت إلى شيكاغو أنني سأبدأ حياة جديدة وتناسيت بيتي بالشام ومرسمي ولوحاتي وذكرياتي وأصدقائي الذين لم يبق منهم إلا القليل في دمشق. أخوتي قاطعتهم لاختلافي معهم في المبدأ فقد كانوا يقفون مع النظام.

وزاد فقداني لابني الذي قُتل عام 2014 كرهاً لتلك البلاد التي لفظتنا ولم تقدم لنا إلا العنف والنبذ والقتل والتهميش. أنا قدمت الكثير لسوريا، وكنت أقوم بأعمال تطوعية مع الأطفال والشباب لتأجيج روح الفن والحب والحياة والحرية. كنت أعيش مع أجيال متتابعة في عملي معلمة فنون في مدارس سوريا ومعاهدها وجامعاتها.

تحرير حلب كان فرحاً مشوباً بالخوف... أتابع ليل نهار كل وسائل التواصل. لم أعد أنام. عاد الأدرنالين للصعود مثل بدايات الثورة عام 2011 والترقب والحماس، وكنت أقول لنفسي إن لم يصلوا إلى دمشق لن أفرح. كنت ذلك اليوم أبكي، ولم أخرج إلى الشارع لأن دموعي كانت لا تتوقف.

فجأة الحلم عاد، واليأس اختفى، وصار عنا مستقبل مختلف. صار عندي وطن أعود إليه مع أبنائي وأحفادي. صار عندي أمل أعود لأعرف أين قتل ابني وأين رفاته، أعود لأقبل بناته حفيداتي اللاتي لم أرهن منذ سافرت.

* فنانة تشكيلية