مصر تستعد للاحتفال باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية

عبر برنامج ثقافي وفني كبير تشارك فيها وزارات عدة

مدينة القاهرة من أقدم وأكبر مدن العالم الإسلامي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدينة القاهرة من أقدم وأكبر مدن العالم الإسلامي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تستعد للاحتفال باختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية

مدينة القاهرة من أقدم وأكبر مدن العالم الإسلامي (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مدينة القاهرة من أقدم وأكبر مدن العالم الإسلامي (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تستعد مصر خلال الفترة المقبلة للاحتفال باختيار مدينة القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية عبر أنشطة فنية وثقافية متنوعة، يشارك فيها عدد من الوزارات والمؤسسات المصرية، بدءاً من 4 أبريل (نيسان) المقبل.
وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، في مؤتمر صحافي أمس بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، «سوف يتم تنظيم مسابقات للتصوير والفن التشكيلي على هامش البرنامج الذي يتضمن أيضاً مجموعة عروض فنية، من بينها (القاهرة في ألف عام)، وإقامة معرض للكتاب في حي السيدة زينب، (وسط القاهرة)».
ويشارك في فعاليات اختيار القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية عدد من الوزارات والمؤسسات المصرية، من بينها السياحة والآثار، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، ومن المقرر تنظيم الأنشطة في كل المواقع التي تملكها وزارة الثقافة والمواقع الأخرى.
كما أعلنت عبد الدايم، مدينة بورسعيد (شمال شرقي القاهرة) عاصمة للثقافة المصرية، مشيرة إلى أن بورسعيد ستشهد أحداثاً وفعاليات مهمة جداً، وسيتم تفعيل كل الهيئات الثقافية بها.
وعدّت عبد الدايم، اختيار القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية من قبل منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، تأكيداً لمكانة مصر المميزة في العالم الإسلامي باعتبارها ملتقى الثقافات عبر العصور. ولفتت إلى أن «هذه الخطوة تدعم الهدف المشترك للعالم الإسلامي، وهو توطيد أواصر الثقافة بين الشعوب الإسلامية من خلال إقامة الجسور، وتعزيز التواصل الفكري، وإبراز قيم التعايش والتسامح التي يذخر بها العالم الإسلامي».
ووفق عبد الدايم، فإن القاهرة تمتلك إرثاً ثقافياً متفرداً، يجسد فكراً متطوراً، ويعكس جوهر الإسلام وسماحته، كما يتزامن ذلك مع التوجه الرئاسي باعتبار عام 2020 عاماً للثقافة والوعي، مشيرة إلى أن القاهرة ساحرة وملهمة، وعاصمة الثقافة والأدب والفكر والفن، والإلهام والخيال، فهي قاهرة الحضارة والإبداع، مؤكدة أن القاهرة تخطت كونها مجرد عاصمة سياسية، وأصبحت مركزاً للإشعاع الثقافي والحضاري.
بدوره، قال مدير الثقافة بمنظمة «الإيسيسكو» نجيب الغياتي، إن «إعلان القاهرة عاصمة للثقافة الإسلامية يكتسب أهمية بالغة بالنسبة للمنظمة، ليس فقط لأن القاهرة رمز للثقافة ومنارة للإشعاع الحضاري على مر العصور، بملامحها ومفكريها وشعرائها ومبدعيها وعلمائها، بل كذلك لكونها مدينة التعايش المشترك التي تضم ثقافات وحضارات متعددة وديانات مختلفة».
وتابع أن «هذه الخطوة تترجم رؤية واستراتيجية منظمة الإيسيسكو الجديدة في الاحتفاء بالعواصم الثقافية، لاحتضان التنوع ونشر قيم التسامح والسلام، وذلك لتصحيح صورة العالم الإسلامي أمام العالم، والحفاظ على التراث الثقافي والحضاري الإسلامي من خلال مشروع مشترك».
وتسلمت مصر شعلة تنصيب مدينة القاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية في عام 2020، خلفاً للعاصمة التونسية، وذلك في الاحتفال الذي أقامته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بمدينة الثقافة في تونس قبيل نهاية العام الماضي.
وحملت مكة المكرمة اللقب الأول عام 2005، ثم تداولت المدن الإسلامية اللقب، وعلى التوالي انتقل إلى حلب في سوريا، وفاس في المغرب، والإسكندرية في مصر، والقيروان في تونس، وتريم في اليمن، وتلمسان في الجزائر، والنجف في العراق، والمدينة المنورة في السعودية، والشارقة في الإمارات، ونزوى في سلطنة عمان، والكويت في الكويت، والعاصمة الأردنية عمان، والمنامة عاصمة البحرين، وتونس (تونس)، حتى وصلت إلى القاهرة عام 2020، الذي اختارت منظمة «الإيسيسكو» خلاله أيضاً العاصمة الأوزبكية بوخاري، عاصمة الثقافة الإسلامية في المنطقة الآسيوية، وباماكو في جمهورية مالي في أفريقيا.
وتعدّ مدينة القاهرة التاريخية من أهم المدن التراثية وأكبرها في العالم؛ وهي تضم عدداً كبيراً من الآثار والمباني التاريخية، بما يعبر عن تاريخ القاهرة الطويل بصفتها عاصمة سياسية وثقافية وتجارية كبيرة، كما تعد نموذجاً متميزاً للمعمار الإسلامي، حيث تضم كثيراً من النماذج المعمارية الفريدة، من عصور الأمويين والطولونيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، ونظراً لوفرة وثراء هذا المعمار الذي يزين القاهرة، فقد عرفها العلماء والمؤرخون والجمهور باسم «مدينة الألف مئذنة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».