ترحيل تشكيل هيئة تنظيم الكهرباء يتعارض وإصرار «سيدر» على ولادتها

TT

ترحيل تشكيل هيئة تنظيم الكهرباء يتعارض وإصرار «سيدر» على ولادتها

قال وزراء سابقون شاركوا في الحكومات التي تولى رئاستها الرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وسعد الحريري، إن ترحيل تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء إلى ما بعد تعديل القانون الخاص بتنظيم هذا القطاع، كما ورد في مسودة البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب، سيلقى معارضة مزدوجة نيابية ودولية تتمثل في إصرار الدول المشاركة في مؤتمر «سيدر» الذي خُصص لمساعدة لبنان للنهوض من أزماته المالية والاقتصادية على تشكيل هذه الهيئة أولاً من دون ربط ولادتها بتعديل القانون.
ولفت هؤلاء الوزراء إلى أن الإبقاء على هذه الصيغة كما وردت في مسودة البيان الوزاري من دون تعديلها يعني أن الحكومة العتيدة وافقت بلا أي تردد على تبنّي وجهة نظر رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل التي قوبلت في حينها بمعارضة أكثرية الوزراء الذين شاركوا في هذه الحكومات.
وأكد الوزراء أنفسهم لـ«الشرق الأوسط»، أن باسيل رفض عدم الربط بين تشكيل الهيئة الناظمة وبين تعديل قانون تنظيم قطاع الكهرباء رغم أن القيّمين على مؤتمر «سيدر» يصرّون على تشكيلها شرطاً لتسريع استفادة لبنان من مقرراته على قاعدة الإسراع في وضع الإصلاحات المالية والإدارية على سكة التطبيق.
ورأى هؤلاء أن الخلاف حول إصلاح قطاع الكهرباء كان شكّل مادة مشتعلة لم تتمكن الحكومات السابقة من التوصّل إلى حل يعطي الأولوية للحلول الدائمة ولو على مراحل لتوليد الطاقة على الحلول المؤقتة من خلال الاستعانة بالبواخر التركية لتأمينها. واعتبر الوزراء السابقون أن لا مشكلة في تشكيل الهيئة الناظمة قبل تعديل القانون؛ لأن وجودها يؤمّن المراقبة في إصلاح قطاع الكهرباء، ولا يطلق يد وزير الطاقة لجهة التفرّد في إدارته، خصوصاً أن الاعتماد حتى إشعار آخر على الحلول المؤقتة يعني استمرار استنزاف خزينة الدولة، وهذا ما يدفع باتجاه ارتفاع منسوب العجز، وأيضاً خدمة الدين العام مع أن «سيدر» يركّز على أولوية إصلاح قطاع الكهرباء الذي يكبّد خسائر سنوية للمالية العامة تقدّر بأكثر من ملياري دولار.
وسأل الوزراء أنفسهم ما إذا كانت الأكثرية في البرلمان ستبادر إلى «الموافقة على بياض» على الصيغة الخاصة بإصلاح قطاع الكهرباء، كما سترد في مشروع البيان الوزاري للحكومة لدى مناقشته في الجلسة النيابية التي ستخصص للتصويت على منحها الثقة أم ستلجأ الغالبية النيابية إلى تعديلها بالشكل الذي لا يتعارض مع مقررات «سيدر» لئلا تكون شريكة في إهدار الفرص التي تؤخر الإفادة منها.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية، أن بعض الكتل النيابية ومنها المعارضة للحكومة بادرت إلى التواصل مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لعله يتدارك منذ الآن إقحام الأكثرية النيابية في اشتباك مع الحكومة في جلسة الثقة على خلفية تصحيح الصيغة الواردة في البيان الوزاري في حال أن مجلس الوزراء أقرها كما وردت في مسودة البيان من دون أي تعديل.
ورأت مصادر نيابية، أن الإبقاء على هذه الصيغة كما هي واردة في مسودة البيان الوزاري يعني أن الحكومة ماضية في تبنّيها وجهة نظر باسيل الذي يتعامل مع قطاع الكهرباء منذ 11 عاماً على أنه ملكية خاصة بتياره السياسي، وأن لا مجال للوقوف على رأي الآخرين.
وأكدت هذه المصادر، أن المعارضة لخطة باسيل الكهربائية التي يدافع عنها من تولى حقيبة الطاقة من وزراء «التيار الوطني» لا تقتصر على أحزاب «التقدمي الاشتراكي»، و«القوات اللبنانية»، و«الكتائب»، وإنما تشمل أيضاً من هم شركاء في حكومة الرئيس دياب، وتحديداً حركة «أمل» وتيار «المردة».
وبكلام آخر، فإن القوى السياسية الداعمة حكومة دياب ليست موحدة في موقفها حيال إصلاح قطاع الكهرباء، وإن كان «حزب الله» يتجنّب الدخول في خلاف مع باسيل، وهذا ما يفسر تركيز نوابه على محاربة الفساد في قطاع الاتصالات من دون أن يتطرق إلى ما يسود معالجة ملف الكهرباء من شوائب لا يمكن إغفالها أو الدفاع عنها.
لذلك؛ تدعو المصادر النيابية الحكومة إلى الإمساك بملف الكهرباء ومراجعة الأسباب التي ما زالت تملي على وزراء الطاقة المنتمين إلى «التيار الوطني» إقفال الأبواب بوجه العروض التي قدمت لمساعدة لبنان لإعطاء الأولوية للحلول الدائمة لتوليد الطاقة سواء من خلال شركتي «سيمنز» الألمانية و«جنرال إلكتريك» الأميركية، إضافة إلى شركات روسية وصينية.
وعليه، فإن وزراء «التيار الوطني» الذين تعاقبوا على تسلّم وزارة الطاقة يصرون، بحسب ما يقول خصومهم، على التصرف بقطاع الكهرباء على أنه ملكية فردية خاصة بتيارهم. ويسأل أصحاب هذا الرأي: لماذا أحجم الوزراء (وزراء التيار) عن قبول القروض الميسّرة التي قُدّمت لهم من صناديق عربية ودولية لإنشاء معامل لتوليد الطاقة؟ ويقول هؤلاء، إن بين الأسباب عدم موافقة الوزراء السابقين على قيام هذه الصناديق بفرض رقابة مسبقة للتأكد من حسن سير التنفيذ.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.