وفد عسكري أميركي يزور طرابلس وحفتر يتخلى عن مقاطعة حوار جنيف

TT

وفد عسكري أميركي يزور طرابلس وحفتر يتخلى عن مقاطعة حوار جنيف

أعلن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، زيادة خسائر «المرتزقة الموالين لتركيا» الذين يقاتلون ضده لصالح حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج في العاصمة طرابلس.
وقال المركز الإعلامي لـ«غرفة عمليات الكرامة» التابع للجيش إن «عدد قتلى مرتزقة إردوغان الذي أتوا من سوريا أصبح 71 قتيلاً، بينما عدد الجرحى إلى الآن يتراوح بين 45 و55 في حالات حرجة جداً»، وأوضح أن «كل هذه الإصابات نتيجة خرق وقف القتال، وهجمات يقوم بها المرتزقة على تمركزات قوات الجيش التي تكتفي بالرد».
ونقل المركز في بيان، مساء أول من أمس، عن مصدر طبي من داخل طرابلس أن «الحالات جرى نقلها بصحبة طاقم طبي تركي وأوكراني في مصحات خاصة، منها داخل غوط الشعال وأبو سليم»، مشيراً إلى أن «الحالات لا تزال تتوافد إلى مستشفى الحروق في شارع الزاوية».
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان، أن قائد الجيش المشير خليفة حفتر أكد خلال اجتماعه مساء أول من أمس مع رئيسها غسان سلامة، ونائبته للشؤون السياسية ستيفاني ويليامز «مشاركة الجيش الوطني الليبي في محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) المزمع عقدها قريباً في جنيف»، لافتة إلى أن «الاجتماع تطرق إلى المسارين السياسي والاقتصادي للأزمة الليبية».
وتم الاتفاق على هذه اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا الشهر الماضي، بحيث يتم اختيار 5 عسكريين من قوات الجيش الوطني، ومثلهم من قوات حكومة السراج المعترف بها دولياً، لتثبيت وقف إطلاق النار في طرابلس وغرب ليبيا.
وكان مقرراً عقد أول اجتماع لهذه اللجنة الثلاثاء الماضي في جنيف، لكن حفتر امتنع عن منح موافقته على مشاركة وفد الجيش الوطني أو تسمية أعضاء وفده الخماسي فيها، على الرغم من إعلان حكومة السراج من سيمثلها في الاجتماع الذي يعتبر أهم نتائج مؤتمر برلين.
ومن جهة أخرى، تحدثت وسائل إعلام محلية ليبية عن وصول وفد عسكري أميركي رفيع إلى طرابلس في زيارة غير معلنة، مشيرة إلى أن «مسؤولين عسكريين بحكومة السراج التقوا الوفد التابع لوزارة الدفاع الأميركية الذي من المقرر أن يجتمع لاحقاً مع السراج».
وامتنع مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق على هذه المعلومات، ورد في رسالة مقتضبة بالبريد الإلكتروني على «الشرق الأوسط»، قائلاً: «ليس لدى تعليق حول هذه التقارير، وبالتالي: لا تعليق».
وميدانياً، استمرت الهدنة الهشة بين قوات الجيش الوطني والميليشيات الموالية لحكومة السراج في طرابلس، رغم المناوشات المحدودة المتقطعة بين الطرفين في مختلف محاور القتال.
ولم يمنع ذلك مسؤولين في الجيش الوطني من تأكيد أن التزام قواتهم بوقف إطلاق النار الذي رعته البعثة الأممية «لا يعنى عدم تعزيز مواقعها داخل العاصمة». وقال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن «قواتنا ملتزمة بالهدنة، لكن الطرف الآخر غير ملتزم»، في إشارة إلى قوات حكومة السراج. وأضاف أن «قوات الجيش مستعدة للتقدم باتجاه وسط العاصمة متى صدرت التعليمات بذلك».
وفى شأن آخر، قالت الشركة العامة للكهرباء إن محطة جنوب طرابلس توقفت بالكامل، وفقدت ما قيمة 400 ميغاواط، نتيجة لتكدس القمامة الملاصقة للمحطة، وتصاعد الدخان مع وجود ضباب كثيف، الأمر الذي أدى إلى انسداد مصفيات الهواء وخروج الوحدات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من الخدمة.
وأكدت الشركة، في بيان أمس، عدم قدرتها على تصريف الطاقة المنتجة بسبب إصابة أغلب دوائر النقل الرئيسية في جنوب طرابلس، مما أدى إلى زيادة العجز في الشبكة الكهربائية، مشيرة إلى العمل من قبل فرق التشغيل والصيانة في المحطة لإعادة تشغيل الوحدات إلى وضعها السابق.
وأعلنت قوات حكومة السراج أن سلاح الجو التابع لها شن مساء أول من أمس ما وصفته بـ«غارات جوية مكثفة على تمركزات الجيش الوطني في الوشكة وما بعدها، عقب محاولة قواته التحشيد مجدداً بالمنطقة».
وقالت غرفة عمليات تأمين وحماية سرت - الجفرة إن قواتها البرية «تصدت لمحاولة تسلل جديدة» لقوات الجيش الوطني، مؤكدة أنها «مستعدة للمرحلة القادمة بشكل منظم، وفق خطة مدروسة، وتنسيق بين جميع المحاور».
ونقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن آمر الغرفة العميد إبراهيم بيت المال تأكيده على «هدوء الأوضاع ما بعد منطقة أبو قرين التي تحافظ قواته على تمركزاتها كافة فيها، بعد استهداف تمركزات للجيش بالمدفعية الثقيلة». وأضاف أن قواته رصدت تحشيدات عسكرية لقوات الجيش شرق المنطقة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.