انتخابات حزب «البعث» في سوريا تستبعد «الرماديين» من صفوفه

مسؤول حكومي: خسائرنا في الحرب تجاوزت خمسة تريليونات ليرة

الليرة السورية في مهرجان الشهر الماضي بالعاصمة السورية (أ.ف.ب)
الليرة السورية في مهرجان الشهر الماضي بالعاصمة السورية (أ.ف.ب)
TT

انتخابات حزب «البعث» في سوريا تستبعد «الرماديين» من صفوفه

الليرة السورية في مهرجان الشهر الماضي بالعاصمة السورية (أ.ف.ب)
الليرة السورية في مهرجان الشهر الماضي بالعاصمة السورية (أ.ف.ب)

دعا الأمين العام المساعد لحزب «البعث» في سوريا، هلال هلال، أعضاء حزبه إلى استبعاد من وصفهم بـ«الرماديين» من صفوفهم، في الانتخابات الحزبية التي انطلقت قبل يومين لأول مرة منذ عام 2011، فيما بدا أنها خطوة نحو التشدد مع عدم الموالين للنظام في سوريا، أي الذين تجنبوا الانخراط الكامل إلى جانب النظام خلال السنوات التسع الماضية، في حربه ضد المعارضة.
وقال هلال مع انطلاقة الانتخابات الحزبية لاختيار أعضاء مكاتب الفروع في ريف دمشق، إن على البعثيين أن «يكونوا على قدر المسؤولية، وأن يبتعدوا عن اختيار الرماديين الذين لم يقدموا للوطن شيئاً خلال الحرب، وعادوا الآن كي يتبوأوا المناصب»، وذلك بعد نقله للحضور رسالة الأمين العام للحزب بشار الأسد، و«حرصه على تطبيق الحياة الديمقراطية بأبهى صورها في الحزب».
وبعد توقف تسع سنوات، بدأ حزب «البعث»، السبت، الانتخابات التي ستستمر حتى العاشر من فبراير (شباط) الجاري، لاختيار أعضاء مكاتب الفروع في المحافظات. وقد أجرت فروع محافظتي الرقة وريف دمشق انتخاباتها السبت، بينما أجرت فروع محافظتي دمشق والقنيطرة انتخاباتها أمس الأحد، على أن تجري فروع حلب انتخاباتها اليوم الاثنين، ثم فروع بقية المحافظات.
وجرت العادة في الحزب على انتخاب 24 عضواً من كل محافظة، تختار القيادة الحزبية منهم ثمانية، بمن فيهم أمين الفرع والمحافظ، بحكم العمل الوظيفي، لتمثليها في المؤتمر القطري العام الذي يتم خلاله انتخاب أعضاء القيادة المركزية. وآخر مؤتمر قطري كان العاشر الذي عقد عام 2005.
خلال سنوات الحرب، أجرى الأمين العام للحزب، بشار الأسد، عدة تعديلات على القيادة المركزية، دون عقد مؤتمر عام، وفي عام 2011 اجتمعت القيادة القطرية لعدة ساعات وعينت قيادة جديدة للحزب، أطاحت معظم أعضائها، أبرزهم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي احتفظ بموقف معتدل داعٍ للحوار، حيال الاحتجاجات التي انطلقت من درعا مسقط رأسه، بينما احتفظ الأسد بموقع الأمين العام للقيادة القطرية. وتم تعيين هلال هلال (أمين فرع حلب للحزب) أميناً مساعداً للحزب.
وكان الأمين العام لحزب «البعث» في سوريا، الرئيس بشار الأسد، قد ألغى «القيادة القطرية» من تسميات حزب «البعث الاشتراكي»، التنظيمية، عام 2018، بعد اجتماع اللجنة المركزية، عندما تم تغيير اسم «القيادة القطرية» إلى «القيادة المركزية»، بحيث لم يعد هناك أمين قطري للحزب، وتم تغييره إلى منصب «أمين عام»، المنصب الذي كان شاغراً منذ وفاة حافظ الأسد في عام 2000. واعتبر هذا التغيير هو الأول منذ تأسيس الحزب عام 1949، وقد جاء على خلفية إلغاء ما كانت تسمى «القيادة القومية» للحزب، بحيث صار الحزب حزباً غير عابر للحدود السورية من الناحية التنظيمية.
يشار إلى أنه منذ انقلاب مارس (آذار) 1963، وما تبعه من انقلاب فبراير عام 1966، عندما سيطر الجناح اليساري على قيادة الحزب في سوريا، (صلاح جديد وحافظ الأسد)، تحول حزب «البعث» إلى جهاز سلطوي. وفي عام 1970 مع انقلاب حافظ الأسد، تحول حزب «البعث» إلى أداة لترسيخ نظام الأسد الذي لا يزال يحكم سوريا منذ خمسة عقود، عانى خلالها السوريون من أوضاع معيشية وأمنية صعبة، إلا أنها زادت صعوبة وتردياً خلال العقد الأخير، مع اندلاع الحرب بعد خروج الاحتجاجات ضد النظام عام 2011.
وكان معاون وزير الكهرباء السوري، حيان سلمان، قد كشف في تصريحات لوكالة الأنباء الروسية (سبوتنيك)، أن خسائر سوريا خلال سنوات الحرب قد «تجاوزت 5 تريليونات ليرة سورية»، علماً بأن الدولار الأميركي الواحد يعادل 1000 ليرة سورية، ورفض الإقرار بأن الخدمات التي تقدمها الحكومة تتردى؛ بل حسب زعمه «أصبح لدينا 4 ملايين و200 ألف مشترك بعد عودة المهجرين، بعد أن كانوا مليونين و800 ألف مشترك»؛ لافتاً إلى أن هناك مصطلحاً اقتصادياً «اسمه (إدارة النقصان)، وليس (إدارة الوفرة)، فقد كان لدينا قبل الحرب 22 مليار دولار احتياطي، وكنا نؤمِّن من القمح الاكتفاء الذاتي ونصدِّر، وكنا نصدِّر الأدوية إلى أكثر من 95 دولة، وكان معدل التضخم بحدود 8.3 في المائة، وكان معدل البطالة بحدود 8.6 في المائة، وهذا كله للأسف خسرناه بسبب الحرب».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.