عرب و عجم

عرب و عجم
TT

عرب و عجم

عرب و عجم

> الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، وزير التعليم السعودي، دشن معامل الذكاء الصناعي والأمن السيبراني بكلية علوم الحاسب وتقنية المعلومات بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالدمام، كما افتتح ثلاثة معامل بكلية الهندسة. وقال إن المشروعات التي تشهدها الجامعة وبقية جامعات المملكة تدل على الدعم الكبير الذي يقدمه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان للتعليم الجامعي بالمملكة، والاستثمار في الإنسان السعودي ليكون عند مستوى تطلعات وطنه وقيادته، وتحقيق «رؤية المملكة 2030».
> الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري، اصطحب أول من أمس، سفراء 40 دولة أجنبية في مصر ومستثمرين سياحيين في زيارة إلى قصر عابدين الأثري، أحد القصور الرئاسية في مصر والمعروف باسم جوهرة القرن التاسع عشر، حيث أعرب السفراء خلال جولتهم عن إعجابهم وانبهارهم بما شاهدوه من عظمة وإبداع القصر وطرازه المعماري الفريد ودقة تصميماته وديكوراته الداخلية ومقتنياته الأثرية، وأشادوا بالحالة الفنية التي يظهر بها القصر، والذي يشير إلى أيدي الترميم المصرية الماهرة.
> الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، افتتحت أول من أمس، برفقة الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، المرحلة الأولى من مشروع «الدراجات التشاركية» لطلاب جامعة الفيوم. وأعربت الوزيرة عن سعادتها لكون جامعة الفيوم أولى الجامعات المصرية التي يتم تطبيق هذا البرنامج بها لتصبح نموذجاً يحتذى به في باقي الجامعات المصرية، وذلك لنشر ثقافة استخدام الدراجات كوسيلة انتقال يومية لها تأثير إيجابي على كل من الصحة العامة واللياقة البدنية للشباب، ودعماً للمبادرات الرئاسية لنشر ثقافة ركوب الدراجات لدى الشباب المصري.
> الدكتور حازم فهمي، سفير مصر في سيول، شارك أول من أمس، في حفل تخرج دفعة عام 2020 لكلية الدراسات النووية العليا الكورية، بحضور المدير التنفيذي لشركة الطاقة النووية والمائية الكورية، ونائب عمدة مدينة «أولسان»، والرئيس الفخري لمجتمع الطاقة الكوري. وكان على رأس الخريجين المهندس المصري أحمد مشتولي، من وزارة الكهرباء المصرية، والذي تم تكريمه بجائزة التفوق العلمي كأول دفعة الخريجين، والمهندس مصطفى عبد الرحمن، بنفس الوزارة، والذي جاء ترتيبه السادس ضمن قائمة الخريجين البالغ عددهم أربعين خريجاً.
> الدكتور فارس البريزات، وزير الشباب الأردني، التقى أول من أمس، مجلس إدارة مدينة الأمير هاشم بن الحسين الرياضية في محافظة مادبا. ودعا البريزات للسير بخطوات عملية وجادة لتحويل مدينة الأمير هاشم بن الحسين إلى مركز إشعاع حضاري اجتماعي وثقافي ورياضي وخدماتي للشباب والمجتمع المحلي، من خلال الدفع بعجلة الاستثمار في المدن الرياضية، والتشبيك مع مختلف المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني للنهوض بواقع المرافق والمنشآت الرياضية.
> الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة بالإمارات، تفقد أول من أمس، فعاليات النسخة السابعة من معرض «صفر 9»، تحت شعار «انسجام»، الذي يقام في ساحة الاحتفالات في حي الرميلة، بمشاركة 90 سيدة أعمال. وأشاد الشيخ حمد بالمعرض، الذي ينشر ثقافة ريادة الأعمال ويهتم بالمواهب وسيدات الأعمال في دولة الإمارات والدول العربية، ويسلط الضوء على أهمية المكانة التي تتبوأها إمارة الفجيرة في تعزيز دور المرأة في القطاع الاقتصادي، ودعم كافة الأنشطة الاقتصادية داخل الإمارة.
> الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، مدير عام الثقافة والفنون بـ«هيئة البحرين للثقافة والآثار»، حضرت أول من أمس، انطلاق مهرجان أوال المسرحي الثالث عشر، في الصالة الثقافية، الذي يحتفي بيوبيله الذهبي. وقالت الشيخة هلا إن «مملكة البحرين احتفلت في الفترة الأخيرة بمئوية الشرطة والتعليم، وخمسينية أسرة الأدباء والكتاب، واليوم يحتفل مسرح أوال بيوبيله الذهبي».
> ماساكي نوكي، سفير اليابان في القاهرة، استقبله، الفريق عبد المنعم التراس، رئيس الهيئة العربية للتصنيع، أول من أمس. وأشاد السفير بالجهود المبذولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في جميع مجالات التنمية وبحجم الإنجازات والمشروعات القومية، والعاصمة الإدارية الجديدة، والمناخ الآمن الجاذب للاستثمارات الذي تشهده مصر حاليا، مؤكداً أن التعاون بين القاهرة وطوكيو سيشهد تحولاً استراتيجياً لدعم نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة، وتعميق التصنيع المحلي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)