سلامة «يشرّع» تدابير المصارف لمنع ملاحقتها قضائياً

استمرار شح السيولة بالدولار يتوقف على وصول مساعدات دولية

من الاجتماع الأخير بين وزير المال غازي وزنة وجمعية المصارف (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع الأخير بين وزير المال غازي وزنة وجمعية المصارف (دالاتي ونهرا)
TT

سلامة «يشرّع» تدابير المصارف لمنع ملاحقتها قضائياً

من الاجتماع الأخير بين وزير المال غازي وزنة وجمعية المصارف (دالاتي ونهرا)
من الاجتماع الأخير بين وزير المال غازي وزنة وجمعية المصارف (دالاتي ونهرا)

مع أن رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير يحرصون على «توزيع» التطمينات للمودعين بأن ودائعهم بألف خير وأنه لا نية للمساس بها وموجودة لدى المصارف وليست محجوزة، فإنها لم تسهم في خفض منسوب قلق اللبنانيين على ودائعهم في ظل تصاعد أزمة السيولة التي لن تجد طريقها إلى الانفراج ما لم يحصل لبنان على دعم مالي دولي من شأنه أن يدفع باتجاه إعادة الانتظام للمؤسسات المالية والمصرفية.
وإلى أن يصل هذا الدعم المالي الموعود الذي أخذ يروّج له عدد من الوزراء في حكومة دياب وربما بهدف إشاعة موجة من التفاؤل التي ما زالت في حاجة إلى تدعيمها بمواقف دولية وإقليمية ملموسة، فإن سلامة ينكب حالياً على «شرعنة» الإجراءات والتدابير القسرية التي لجأت إليها المصارف بالتزامن مع انطلاق الحراك الشعبي في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي والتي ألحقت الإجحاف والظلم بالمودعين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية وقضائية بأن عدم «شرعنة» هذه الإجراءات سيفتح الباب أمام ملاحقة المصارف قضائياً على خلفية مخالفتها لقانون النقد والتسليف من خلال فرضها القيود على المودعين الذين يودون سحب ودائعهم وتحويلها إلى مصارف في الخارج إضافة إلى عدم التزام معظم المصارف بالتعميم الصادر عن سلامة لجهة حق المودعين في الحصول نقداً على التحويلات التي تصلهم من الخارج بعد 17 أكتوبر.
ومع أن النيابة العامة التمييزية كانت أوعزت إلى النيابات العامة بعدم تحريك الدعاوى المقامة من المودعين ضد بعض المصارف بتهمة مخالفتها المكشوفة لقانون النقد والتسليف، فإن سلامة سعى إلى قطع الطريق على إقحام المصارف في اشتباك سياسي مع المودعين، وهذا ما طرحه في الاجتماع الأول الذي رعاه رئيس الجمهورية ميشال عون وشارك فيه عدد من الوزراء وسلامة وصفير وغاب عنه في حينه رئيس الحكومة المستقيل آنذاك سعد الحريري وانتدب مستشاره الاقتصادي نديم المنلا للمشاركة فيه.
وتبيّن أن سلامة طرح مسألة «شرعنة» الإجراءات القاهرة التي لجأت إليها المصارف من خلال النظر في تعديل بعض البنود الواردة في قانون النقد والتسليف لمنع الادعاء على المصارف بتهمة مخالفتها القانون، لكن لم يؤخذ باقتراحه بذريعة أن لديه صلاحية بتعديله وأنه يحظى كما قال الوزير آنذاك سليم جريصاتي بغطاء السلطة التنفيذية فيما أبدى الرئيس عون تفاؤله بتجاوز هذه الأزمة العابرة.
وبطبيعة الحال فإن إحالة تشريع الإجراءات على سلامة انسحبت لاحقاً على المجلس النيابي الذي أحجم عن الخوض في هذه المسألة لأنه كما قيل ليس في وارد الانجرار إلى صدام مع المودعين بتوفير الغطاء لإجراءات غير شعبوية. لذلك فإن السلطتين التشريعية والتنفيذية أوكلتا أمرهما في هذا الخصوص إلى سلامة في ظل فقدان النصاب في المجلس المركزي لمصرف لبنان في ظل انتهاء ولاية نواب الحاكم ومفوض الحكومة لدى البنك المركزي.
وفي هذا السياق كان تردد بأن سلامة اشترط منحه صلاحيات استثنائية تجيز له «قوننة» الإجراءات التي لجأت إليها المصارف لمنع ملاحقتها قضائياً، لكنه سارع إلى رفض ما نسب إليه، علماً بأن الملاحقة لا تشمله وتبقى محصورة بالمصارف التي خالفت القانون في مقابل مبادرة سلامة إلى وضع آلية لشرعنة التدابير بعد أن أوكلت إليه مهمة ابتداع المخرج الذي يؤمّن عدم ملاحقة المصارف أمام القضاء اللبناني.
وتردد بأن سلامة أوشك على وضع الإطار العام للتعميم الذي يفترض أن يصدر عنه في بحر الأسبوع المقبل الذي من شأنه أن يشكل خريطة الطريق الواجب اعتمادها من قبل المصارف في تعاطيها مع المودعين إن لجهة تقنين التحويلات المالية من لبنان إلى الخارج استناداً إلى مجموعة المعايير والشروط، إضافة إلى رفع سقف السحوبات شهرياً بالليرة اللبنانية مع الإبقاء على وتيرة الشح في السحوبات بالدولار بسبب استمرار أزمة توفير السيولة بالعملات الصعبة.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية ووزارية بأن سلامة يستند في التحضير لإصدار تعميمه إلى بندين يتضمنهما قانون النقد والتسليف بعد مراجعته عدداً من المحامين الذين رفعوا إليه توصية أن هذين البندين يسمحان له «شرعنة» التدابير لأمرين، الأول يراد منه توفير الحماية للنظام المصرفي والثاني الحفاظ ما أمكن على استقرار النقد الوطني. إلا أن هناك من ينصح سلامة بضرورة المبادرة إلى تدعيم تعميمه وتحصينه بالتوجّه إلى هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل للوقوف على رأيها في ظل استحالة اللجوء إلى البرلمان باعتباره الممر الإلزامي لتفسير القوانين، لكن الأخير ينأى بنفسه عن الخوض في تفسير القانون. وعليه فإن التعميم المرتقب سيؤمن للمصارف الحماية لمنع ملاحقتها قضائياً وبمفعول رجعي لكن أزمة شح السيولة بالدولار ستبقى عالقة على حصول لبنان على مساعدات دولية ما زالت في إطار التمنيات ولم تترجم حتى الساعة إلى أفعال.



العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
TT

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)
رئيس الأركان اليمني ووزير الداخلية أثناء إيقاد شعلة ذكرى ثورة «26 سبتمبر» في مأرب (سبأ)

احتفل اليمنيون رسمياً وشعبياً في الداخل والخارج بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962، وبهذه المناسبة أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أنه «لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني» والمتمثل في الجماعة الحوثية.

ورغم أعمال القمع والاعتقالات الواسعة التي شنتها الجماعة الحوثية في مناطق سيطرتها والاستنفار الأمني فإن السكان في مناطق متفرقة احتفلوا بشكل فردي بذكرى الثورة التي ترى فيها الجماعة خطراً يمكن أن يستغل لتفجير انتفاضة عارمة للقضاء على انقلابها.

احتفالات بذكرى الثورة اليمنية في مدينة الخوخة المحررة جنوب محافظة الحديدة (سبأ)

وفي المناطق المحررة، لا سيما في مأرب وتعز وبعض مناطق الحديدة الخاضعة للحكومة الشرعية، نظمت احتفالات رسمية وشعبية على نحو غير مسبوق بحضور كبار المسؤولين اليمنيين، الذين حضروا حفل «إيقاد شعلة الثورة».

وحضر الاحتفال الرسمي في مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك، ومعه وزراء: الداخلية، والتجارة والصناعة، والمالية، والكهرباء، والمياه والبيئة، والإعلام والثقافة والسياحة.

وفي حين أقامت العديد من السفارات اليمنية في الخارج الاحتفالات بذكرى الثورة «26 سبتمبر» شهدت مدينة تعز (جنوب غرب) حشوداً غير مسبوقة في سياق الاحتفالات الرسمية والشعبية بالمناسبة.

وكان اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين بدأوا دعواتهم للاحتفال بالثورة هذا العام منذ بداية الشهر الجاري، وهو ما جعل الجماعة تستنفر قواتها في صنعاء وإب وذمار والحديدة وتهدد الداعين للاحتفال قبل أن تشن حملات اعتقال شملت المئات، بينهم سياسيون ووجهاء قبليون وصحافيون وحزبيون.

حشود كبيرة تحتفل في مدينة تعز اليمنية عشية ذكرى الثورة التي أطاحت بأسلاف الحوثيين في 1962 (سبأ)

وعلى وقع الاعتقالات الحوثية رأى «التحالف الوطني للأحزاب والمكونات السياسية» المؤيدة للحكومة الشرعية أن الجماعة الحوثية تحاول «طمس الهوية اليمنية الثورية، وتكرار ممارسات الحكم الإمامي ومحو آثار الثورة السبتمبرية العظيمة».

ودعت الأحزاب في بيان المجتمع الدولي والمنظمات الدولية إلى «إدانة الجرائم والانتهاكات الحوثية، والوقوف بحزم ضد هذه الجماعة التي تمثل تهديداً ليس فقط لليمن، بل لأمن واستقرار المنطقة بأسرها».

هجوم رئاسي

بالتزامن مع احتفالات اليمنيين بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» هاجم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي الحوثيين، في خطاب وجهه من نيويورك حيث يشارك في الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وأشاد بالتمسك بالاحتفال بالمناسبات الوطنية.

وحض العليمي على جعل الاحتفال «دعوة للفعل والتماسك والثبات ونداء مسؤولية وواجب لا يستثني أحداً للانخراط في معركة استعادة مؤسسات الدولة بالسلاح، والمال، والكلمة».

ورأى أن الاحتفالات المبكرة كل عام «تؤكد أن شعلة التغيير ستظل متقدة أبداً في النفوس». وأضاف «هذا الاحتشاد، والابتهاج الكبير بأعياد الثورة اليمنية في مختلف المحافظات هو استفتاء شعبي يشير إلى عظمة مبادئ سبتمبر الخالدة، ومكانتها في قلوب اليمنيين الأحرار، ورفضهم الصريح للإماميين الجدد، وانقلابهم الآثم». في إشارة إلى الحوثيين.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وهاجم العليمي الحوثيين وقال إنهم «اختاروا الفوضى حين ساد الاستقرار، واقترفوا جريمة الانقلاب حين توافق اليمنيون على الديمقراطية وسيادة الشعب، وفرضوا الحرب يوم جنح الجميع إلى السلام، وقاموا بنهب المؤسسات وتخريبها واحتكروا موارد البلاد وأثقلوا المواطنين بالجبايات».

وأشار رئيس مجلس الحكم اليمني إلى أن الجماعة الموالية لإيران اجتاحت المدن والقرى بالإرهاب والعنف وانتهاك الحريات العامة، واختطفت الأبرياء من النساء والأطفال والمسنين، وعبثت باستقلال القضاء وأفرغت القوانين من قيمتها، وحرفت التعليم عن سياقه الوطني والعلمي، وحولته إلى منبر طائفي وسلالي متخلف.

وشدد في خطابه على أنه «لا خيار - في بلاده - سوى النصر على المشروع الإيراني». وقال «إن حريتنا وكرامتنا، تتوقف على نتيجة هذه المعركة المصيرية التي لا خيار فيها إلا الانتصار».

وأكد العليمي على أنه لا يوجد مستقبل آمن ومزدهر لليمن بمعزل عن الدول العربية وفي مقدمها دول تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، والإمارات. وقال «هذا المصير لا يتعلق فقط بهذه المرحلة، ولكن بحقائق التاريخ، والجغرافيا التي تتجاوز أوهام الأفراد وطموحاتهم، وأزماتهم».