باريس: اتهام عسكري سوري معارض بـ«جرائم حرب»

TT

باريس: اتهام عسكري سوري معارض بـ«جرائم حرب»

وجه القضاء الفرنسي تهم ارتكاب جرائم حرب وتعذيب لقيادي سابق في تنظيم «جيش الإسلام» السوري المعارض المسلح، الذي يُشتبه بأنه متورط في اختفاء الناشطة المعروفة رزان زيتونة في 2013.
وذكر مصدر قضائي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الناطق السابق باسم التنظيم أُوقِف الأربعاء في فرنسا. ومثل الجمعة أمام قاضي التحقيق في باريس، الذي وجّه إليه تهم التعذيب وارتكاب جرائم حرب والتواطؤ في حالات اختفاء قسري.
والرجل من مواليد عام 1988 يقيم في فرنسا بتأشيرة طالب، في إطار برنامج «إيراسموس» المخصص للطلاب، وتم توقيفه في مدينة مرسيليا (جنوب).
وذكرت المنظمات غير الحكومية الثلاث «الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان» و«المركز السوري للإعلام وحرية التعبير» و«رابطة حقوق الإنسان»، في بيان مشترك، أن الرجل الموقوف اختار لنفسه الاسم الحركي إسلام علوش، لكن اسمه الحقيقي هو مجدي مصطفى نعمة.
وأوضح البيان أن نعمة هو «أحد قياديي جيش الإسلام» الجماعة التي «بلغ عدد عناصرها أكثر من عشرين ألفاً، وبشكل رئيسي في الغوطة الشرقية، التي فقدت السيطرة عليها في أبريل (نيسان) 2018».
وشهدت الغوطة الشرقية في 2018 هجوماً عنيفاً استمر شهرين شنته القوات الحكومية لاستعادة المنطقة التي تشكل إحدى بوابات دمشق، وكان وجود فصائل مسلحة فيها يهدد أمن العاصمة دمشق.
وأكدت المنظمات الثلاث ارتياحها، لأن توجيه الاتهام «يفتح الطريق لأول تحقيق قضائي يتناول الجرائم التي ارتكبتها الجماعة المسلحة».
وأوضحت أن إسلام علوش كان نقيباً في الجيش النظامي السوري، قبل أن يعلن انشقاقه وينضم إلى «جيش الإسلام»، حيث كان مقرباً من زعيمه، زهران علوش.
ويُشتبه بأن «جيش الإسلام» قام بخطف المحامية والصحافية السورية رزان زيتونة وزوجها وائل حمادة واثنين من شركائهما، هما سميرة خليل وناظم الحمادي، في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 2013.
وكانت رزان زيتونة واحدة من شخصيات الانتفاضة الشعبية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مارس (آذار) 2011. ومنحت في ذلك العام «جائزة ساخاروف لحقوق الإنسان»، مع ناشطين آخرين في «الربيع العربي».
وبعد ذلك، انتقدت زيتونة انتهاكات حقوق الإنسان من قبل كل أطراف النزاع.
لم تتبن أي جهة خطف هؤلاء الناشطين، ولم ترشح أي معلومات عن مكان وجودهم أو مصيرهم، فيما اتهم حقوقيون وأفراد من عائلاتهم جيش الإسلام بخطفهم، الأمر الذي نفاه الأخير.
ومنذ خطفهم، سرت شائعات متضاربة عن مقتلهم أو نقلهم إلى أماكن أخرى، أو حتى تسليمهم للحكومة السورية، في إطار اتفاق مقايضة مع معتقلين من الفصائل.
كان سبعة من أفراد عائلة زيتونة والمنظمات غير الحكومية الثلاث تقدموا في يونيو (حزيران) الماضي، بشكوى لدى قسم الجرائم ضد الإنسانية في النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في فرنسا بشأن «أعمال تعذيب» و«حالات اختفاء قسري» و«جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب» بين 2012 أبريل (نيسان) 2018.
وبعد ثلاث سنوات من البحث المضني، تمكنوا من إبلاغ السلطات الفرنسية في يناير (كانون الثاني) بوجود الناطق السابق للجماعة في جنوب فرنسا.
وقال المحامي ميشال توبيانا الرئيس الفخري لرابطة حقوق الإنسان إن «اتهام واحد من القياديين السابقين لجيش الإسلام (...) يفتح فصلاً جديداً في ملاحقة الجرائم الدولية التي ارتكبت في سوريا منذ 2011».
وكانت محكمة في باريس قضت، الأسبوع الماضي، بسجن متطرف فرنسي 22 عاماً لتحريضه عشرات الشباب على السفر إلى سوريا للقتال، وقيادته مجموعة مقاتلين ناطقين باللغة الفرنسية. وكان مراد فارس (35 عاماً) فرّ من سوريا في صيف 2014 بعد عام من وصوله إليها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».